ألقى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور صالح بن حميد خطبة الجمعة بالحديث عن مقام الشاكرين، وأنه خلق عظيم، ومقام من مقامات العبادة كريم، أمر الله به، ونهى عن ضده، وأثنى على أهله، ووصف به خواص خلقه، وجعله غاية خلقه وأمره، وعد أهله بأحسن جزائه، وجعله سببا للمزيد من فضله، وحارساً لنعمه، وحافظا لآلائه، أهله هم المنتفعون بآياته، اشتق لهم اسما من أسمائه، هم القليلون من عباده، وحسبكم بهذا كلِّه فضلاً وشرفاً وعلوا إنه مقام الشكر وفضل الشاكرين -يا عباد الله-.
وقال: الشكر اعتراف من العبد بمنة الله عليه، وإقرار بنعمه عليه من خيري الدنيا والآخرة، في النفس والأهل والمال والأعمال، وفي شأن العبد كله، الشكر دليل على أن العبد راضٍ عن ربه، فهو حياة القلب وحيويته، والشكر قيد النعم الموجودة، وصيد النعم المفقودة، وأمر المؤمن كله خير، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له، ولا يكون ذلك إلاّ لمؤمن، الشكر دليل على صفاء النفس، وطهارة القلب، وسلامة الصدر، وكمال العقل.
وأضاف: للشكر أركان ثلاثة: الاعتراف بالنعم باطناً مع محبة المنعم، والتحدث بها ظاهراً، مع الثناء على الله، وصرفها في طاعة الله ومرضاته، واجتناب معاصيه، ورؤوس النعم ثلاثة: أولها وأولاها نعمة الإسلام: التي لا تتم نعمة على الحقيقة إلا بها، ونعمة العافية: التي لا تستقيم الحياة إلا بها، ونعمة الرضا: التي لا يطيب العيش إلاّ بها.
وأوضح د. ابن حميد في خطبته أن شكر الله واجب في جميع الأحوال، في الصحة والسقم، والشباب والهرم، والفقر والغني، والفراغ والشغل، والسراء والضراء، واليقظة والمنام، والسفر والإقامة، وفي حال الانفراد والاجتماع، قياماً وقعوداً، وعلى جنوبكم.
واختتم خطبة الجمعة بشكر الله -عز وجل- بسجدة يسجدها المؤمن إذا جاءه خير من ربه، أو تحدث له نعمة من مولاه، وقد سجد نبيكم محمد -صلى الله عليه وسلم- حين أخبره جبريل عليه السلام أن الله يقول: «من صلى عليك صلاة واحدة صلى الله عليك بها عشرا»، وسجد أبو بكر -رضي الله عنه- لما بلغه مصرع مسيلمةَ الكذاب، وسجد علي -رضي الله عنه- لما بلغه مصرع الخارجي بنِ الثَّديِّة، وسجد كعب بن مالك شكراً الله لما تاب الله عليه.