أطلقت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)، خطة قانونية لحماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف، ضمن مهمة استراتيجية لحماية المقدسات الإسلامية، وبعد إعلان اختيار القدس الشريف عاصمة أبدية للثقافة الإسلامية خلال المؤتمر الإسلامي الاستثنائي لوزراء الثقافة المنعقد في المنامة بمملكة البحرين في نوفمبر 2018.
وأقرت “إيسيسكو” لهذه المبادرة آليات استثنائية تتجاوز المؤتمرات الخطابية والبيانات المنددة والمعترضة في المحافل الإسلامية والدولية، باعتماد العمل وفق مسارات القانون الدولي، لمواجهة التقدم الإسرائيلي في هذا المجال في جملة من القضايا أمام المجتمع الدولي، الأمر الذي سيترجم موقف “إيسيسكو” الريادي والمحق في إطار الشرعية الدولية التي تفهمها وتذعن لها دوائر القرار الغربية والأممية.
وكشف المدير العام لمنظمة “إيسيسكو” الدكتور سالم بن محمد المالك لـ”الرياض”، عزم المنظمة على تعزيز التعاون في هذا السياق مع المنظمات واللجان الوطنية والإقليمية والدولية العاملة في مجال التراث بصفة عامة، وتراث القدس الشريف بصفة خاصة، وفي مقدمتها لجنة القدس، والوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف، في سعيها إلى التوسع في نشر تقرير قانوني وفني معتبر وفق الآليات الأممية يفضح لهذه الاعتداءات والانتهاكات، والعمل على نشره وتعميمه على جهات الاختصاص في الدول الأعضاء ولدى المنظمات الدولية والإقليمية المعنية باللغات العربية والإنكليزية والفرنسية التي تعمل بها المنظمة.
وأوضح أن اعتماد العمل القانوني المباشر المفصل حسب القانون الدولي والمدعّم بالأدلة والوثائق سيحدث نقلة في مسار القضية، وسيفعّل دور لجنة إيسيسكو للخبراء الآثاريين المكلفة برصد الحفريات ووسائلها غبر القانونية التي تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي في محيط المسجد الأقصى وتحته، والانتهاكات التي تهدف إلى تغيير معالم المدينة المقدسة وتهويدها ومسخ هويتها التاريخية.
وأكد الدكتور المالك، أن المنظمة ستتجاوز بالعمل القانوني الذي يحظى دوماً بالدعم والاحترام من الخبراء الدوليين والأمميين، كل العقبات التي تفرضها سلطات الاحتلال، من خلال إيفاد لجنة إيسيسكو للخبراء الآثاريين، وإعداد تقرير فني وقانوني دوري يفضح هذه الممارسات والخروقات، إضافة إلى التنسيق مع المجموعة العربية والإسلامية في اجتماعات لجنة التراث العالمي لمنع تمرير توصيات لصالح الكيان الإسرائيلي بالالتفاف على قرارات الشرعية الدولية.
وشدد على أن الجهد القانوني الذي يتم بذله بحرفية وتفان من خلال ملفات الدعاوى المضبوطة بالإجراءات والمواد القانونية وفق مسارات العمل الدولي وتنظيماته الشرعية يحظى دوماً بالاحترام والدعم ويحقق نتائج ملموسة، مضيفاً “القانون تربية وعلم وثقافة، ونحن نعدّ العمل بالقانون في كل قضايانا، وترسيخ ثقافة دولة القانون لدى المجتمعات الإسلامية مهمة أساسية في عملنا عموماً باعتبارنا منظمة نطاق عملها يشمل التربية والعلوم والثقافة… إن غياب مثل هذه التحركات المنضبطة بالإجراءات الشرعية والمتوائمة مع الثقافة السائدة في الدوائر الغربية والأروقة الأممية كثيراً ما تسبب في خسارة أصحاب الحق قضاياهم العادلة.
وقال إن العمل القانوني المهني والرصين يتحرى العدالة والحق بحيادية تامة ومن دون انحياز سوى للحقيقة، وينطلق من روح الحضارة الإسلامية الحاضنة لجميع الثقافات والديانات، والمؤتمنة على تراثها الديني والثقافي، الحريصة على كفالة حرية ممارسة شعائرها وقدسية أماكن عبادتها، انطلاقاً من المبادئ التي سطرتها “صحيفة المدينة المنورة” وحددت بموجبها قواعد العلاقة بين المسلمين وغيرهم من أتباع الأديان الأخرى، بما في ذلك الديانة اليهودية، وهو النهج الذي ارتضاه المسلمون تاريخياً، ومن خلال مؤسسات العمل الإسلامي المشترك حاليا، وفي مقدمتها الإيسيسكو، مضيفاً “وقد أكد كبار علماء الأمة الإسلامية على هذا النهج من خلال اعتمادهم “وثيقة مكة المكرمة” التي أصدروها في المؤتمر الذي عقدته رابطة العالم الإسلامي في العشر الأواخر، من رمضان المبارك المنصرم في مكة المكرمة”.
وختم الدكتور المالك مجدداً التأكيد على أن القدس الشريف قائمة على رأس أولويات عمل المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة، إذ أولت أهمية قصوى لكل ما يتعلق بحماية المقدسات الإسلامية، عبر تجميع جميع البرامج المخصصة في الإدارة العامة لـ”إيسيسكو” لحماية المقدسات الإسلامية والمسيحية ضمن وحدة متخصصة تحت مسمى “وحدة برامج القدس الشريف”، وتوجيه مزيد من الأنشطة الميدانية للمؤسسات المعنية بحماية التراث الإسلامي في المدينة المقدسة.