احتدم النقاش والجدل في أوساط لقاء هندسي بحت، جمع أكثر من 100 مهندس ومهندسة في اجتماع هيئة المهندسين بالجبيل، حول الدور الاستراتيجي الذي يمكن أن يلعبه قطاع الهندسة في نهضة العالم وتطوره المستدام ومدى تأثيره المباشر على تنافسية الدول وتقدمها وبالأخص بالمملكة العربية السعودية بصفتها أكبر منتج ومصدر للنفط الخام في العالم بفضل سلسلة معاقلها الهندسية الشاهقة المنتشرة في أنحاء المملكة والمترابطة فيما بينها بأسلوب هندسي محكم فريد وفق أعلى معايير الجودة العالمية والسلامة التي تطبق في المشروعات الإنشائية الهندسية العالمية. في وقت تفخر المملكة بالسبق والريادة الهندسية العملاقة بعد أن نجحت ببناء أكبر مشروع هندسي تكنولوجي في العالم في موقع واحد بامتياز والمتجسد بسلسلة عشرات المجمعات البتروكيميائية والبترولية الضخمة بالجبيل الصناعية وشبكات أنابيبها المهندسة باحترافية فائقة مترابطة لنقل اللقيم من أنواع الغاز الطبيعي من معامل أرامكو للغاز القريبة من الجبيل في البري وواسط والخرسانية وغيرها، وشبكة أنابيب تبادل المنتجات بين المصانع من جهة، وبين الميناء الصناعي من جهة أخرى.
وتأتي المناقشات الهندسية في الوقت الذي تشهد المملكة حالياً معتركا وحراكا هندسيا تكنولوجيا شاسعا ضخما والذي منح المملكة التميز في الميادين الهندسية العملاقة المعقدة المرتبطة بقطاع النفط والغاز والتكرير والبتروكيميائيات والتي عززت قدرات المملكة الهندسية لتوازي ما لدى الدول المتقدمة من تقنيات، في ظل قيادة أبناء الوطن من المهندسين والمهندسات لتلك المشروعات الهندسية العملاقة المبتكرة من الصفر والتي صنعت الفرق في مفهوم التحول الذي تخوضه المملكة بثقة وتقدم مطرد لتتجه لتبني قطاعات هندسية استثمارية جديدة بأحجام غير مسبوقة مشكلة رونقاً هندسياً متكاملاً متنامياً يتسم بشدة التعقيد في مكوناته وامداداته.
ونجح قطاع الهندسة السعودي المتطور الطموح في توظيف مناحي الثورة الصناعية العالمية الرابعة التي يقودها الابتكار والتكنولوجيا الرقمية التي ترتكز على رفع جودة مخرجات القطاع الهندسي لمواكبة رؤية المملكة 2030 وضمن خطة التحول الاستراتيجي لهيئة المهندسين السعوديين التي ارتكزت على خمسة محاور تنموية رئيسة تشمل السعي للرقي بالمهنة الهندسية وإيجاد المحفزات لرفع الجودة والإبداع، وتأهيل وتطوير المهندس السعودي ورفع مستوى أدائه لمراحل الابتكار والاهتمام بتطوير عمل المكاتب الهندسية والاستشارية ورفع قدراتها وإمكاناتها، مع الاهتمام بالبنية التحتية لتطوير منتسبي الهيئة وإجراءات العمل فيها واستثمار أموالها. وناقشت نخبة المهندسين والمهندسات السعوديات رؤية وأعمال اللجنة ومشروعاتها خلال الفترة المقبلة، وقال رئيس فرع هيئة المهندسين السعوديين بالجبيل م. نايف السهلي: إن العمل الهندسي يمثل أهم المجالات العالمية، لضرورة وجوده، وتحديداً في منطقتنا لتأثيره المباشر على تطور الدول وتقدمها، منوهاً إلى الجهود التي تحققها رؤية 2030، لبلوغ أعلى المستويات في كافة الأصعدة، ومنها القطاع الهندسي. وبين أهمية دور هيئة المهندسين لمواكبة توجهات الدولة، نحو التكامل مع القطاعين العام والخاص، لتحقيق رؤيتها، في الرقي بالمهنة، وتمكين المهندسين والمؤسسات الهندسية من الوصول إلى حلول مُثلى، لرفع مستوى الأداء، والتشجيع على الإبداع والابتكار للوصول لمكانة عالمية، واصفا مدينة الجبيل الصناعية بأنها أحد أهم المنجزات الوطنية لاحتضانها أكبر التجمعات الصناعية للتكرير والكيميائيات والبلاستيكيات المبتكرة والمنتجات الكيميائية المتخصصة في العالم، مما أكسبها مكانة صناعية مؤثرة على الخريطة العالمية، وتعتبر من أهم المقومات الاقتصادية للمملكة، حيث تشكل الهندسة أحد أهم الركائز الأساسية لها، ومساهمتها في تشغيل أكثر من 600 منشأة صناعية وبحجم استثمارات بقيمة أكثر من 600 مليار ريال وبعدد يفوق 11 ألف مهندس ومهندسة.
فيما استعرض السهلي دور لجنة الجبيل، في تحقيق رؤية الهيئة السعودية للمهندسين، عبر تعزيز التعاون الهندسي بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص، وتنمية الفكر العلمي والهندسي وتطوير الأداء للمهندسين بالمنطقة، إضافة إلى المساهمة في رفع مستوى الوعي الهندسي لدى المجتمع، وتناول اللقاء أبرز الموضوعات التعريفية لأعمال اللجنة، ومناقشة عدد من المسارات الهندسية، ومنها التطوع الهندسي، ومجلة المهندس، إضافة إلى الفعاليات القادمة، كما ناقشت اللجنة دور المهندسات السعوديات، والسعي لتلبية تطلعاتهن، كون ذلك يعد من أبرز مسؤوليات فرع الهيئة بالجبيل.
في الوقت الذي نجحت الهيئة الملكية للجبيل وينبع في جذب استثمارات هندسية محلية وأجنبية لمدنها الجبيل وينبع وراس الخير وجازان بقيمة أكثر من 1,25 تريليون ريال وبطاقات إنتاجية ما جعلها أحد أهم الأذرع الاقتصادية للمملكة، في وقت بلغت حصة المدن الأربعة من إجمالي الاستثمارات الواردة للمملكة 37 %، لتساهم بنسبة 12 % من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، و65 % من إجمالي ناتجها الصناعي و71 % من إجمالي صادراتها الصناعية.