ودعت تونس اليوم السبت رئيسها الباجي قائد السبسي، أول رئيس منتخب بشكل حر وديمقراطي في البلاد، في جنازة دولة يشارك فيها عشرات الآلاف من التونسيين ويحضرها عدد من قادة العالم وسط إجراءات أمنية مشددة.
وأعلنت الرئاسة يوم الخميس وفاة السبسي، الذي ساعد في قيادة الانتقال الديمقراطي بالبلاد بعد انتفاضة 2011، عن 92 عاما.
وعلى جنبات الطرقات التي تربط ضاحية قرطاج بتونس العاصمة وقف عشرات الآلاف من الرجال والنساء والأطفال يبكون رحيل السبسي رافعين صوره وأعلام تونس ومرددين النشيد الوطني. وألقى كثير منهم الورود بينما أدى آخرون التحية العسكرية للموكب.
وصاح البعض “الوداع يا رئيس.. الوداع يا بجبوج”، في إشارة لاسم تعود التونسيون إطلاقه على رئيسهم.
ويحضر مراسم الجنازة زعماء دول عديدة من ضمنهم الرئيس الجزائري عبد القادر بن صالح وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني والرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق في ليبيا فائز السراج والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والملك فيليبي ملك إسبانيا والرئيس البرتغالي مارسيلو ريبلو دي سوزا.
وعند قصر قرطاج وضع جثمان الرئيس الراحل المغطى بعلم تونس الأحمر والأبيض في شاحنة عسكرية حيث بدأت مراسم رسمية قبل أن يبدأ الموكب الذي ترافقه فرق من الخيالة طريقه باتجاه المقبرة.
وفي كلمة مؤثرة قال الرئيس المؤقت محمد الناصر “قضى حياته في خدمة تونس والحفاظ على مكاسبها والدفاع عن قيمها، ومات في يوم عيد الجمهورية”. وأضاف ودموعه تغالبه أن السبسي كان خلال فترة حكمه صانعا للوفاق ومناصرا للوحدة الوطنية والحوار.
وفي شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي بالعاصمة، وهو نقطة محورية في الاحتجاجات التي أطاحت بالرئيس السابق زبن العابدين بن علي، احتشد عدد غفير من التونسيين لتوديع جثمان السبسي. وقالت نبيلة التي كانت ضمن المحتشدين “إنه يوم حزين لتونس. فقدنا رجل دولة كبيرا كان له دور هام بعد الثورة وساهم في توحيد التونسيين وتخفيف حدة الخلافات التاريخية مع الاسلاميين”.
وقال الرئيس الفرنسي في خطابه إن السبسي “كان داعما لاستقرار الدستور والالتزام بالحرية والانفتاح والمكانة غير المسبوقة للمرأة والمساواة بين الرجل والمرأة”.
وشددت السلطات إجراءاتها الأمنية وأغلقت طرقا كثيرة يمر عبرها موكب جنازة الرئيس الراحل أو بالقرب منها، وانتشرت قوات الأمن في أغلب مناطق العاصمة وقرب مقبرة الجلاز حيث سيدفن السبسي. كان السبسي شخصية بارزة في تونس منذ الإطاحة بزين العابدين بن علي عام 2011 في انتفاضة أعقبتها انتفاضات في أرجاء الشرق الأوسط، بما في ذلك مصر وليبيا وسوريا. وبعد توليه منصب رئيس الوزراء في عام 2011 انتُخب السبسي رئيسا بعد ثلاث سنوات، ليصبح أول رئيس للبلاد يتم اختياره عبر الاقتراع المباشر بعد انتفاضة الربيع العربي. وأسس حزب نداء تونس الذي يشارك في الحكومة الائتلافية.
وبعد بضع ساعات من وفاة السبسي يوم الخميس أدى رئيس البرلمان محمد الناصر اليمين رئيسا مؤقتا للبلاد في انتقال سلس للسلطة. وبعد ذلك بقليل قالت الهيئة المستقلة للانتخابات إن انتخابات الرئاسة ستجري في 15 سبتمبر أيلول بعد أن كانت مقررة في 17 نوفمبر تشرين الثاني.