يلتقي المفاوضون الصينيون والأميركيون خلال الأسبوع الجاري في الصين لإجراء محادثات جديدة بشأن الحرب التجارية بينهما، لكن محللين يؤكدون أنهم لا يتوقعون تقدما كبيرا رغم اختيار مكان جديد لهذه المناقشات.
وستعقد الاجتماعات المقبلة الثلاثاء والأربعاء في شنغهاي وستكون الأولى وجها لوجه بين الطرفين منذ فشل المفاوضات في مايو الماضي عندما اتهم الرئيس الأميركي دونالد ترمب بكين بعدم الوفاء بالتزاماتها. وقرر الرئيس الأميركي حينذاك زيادة الرسوم الجمركية بشكل كبير على حزمة ضخمة من المنتجات الصينية. وتتبادل الصين والولايات المتحدة حاليا فرض الرسوم الجمركية على سلع تتجاوز قيمتها 360 مليار دولار من المبادلات السنوية.
وقال وانغ شوانشينغ الأستاذ في جامعة تونغجي في شنغهاي لوكالة فرانس برس: إن “الصين تتطرق إلى هذه القضية في الأساس من زاوية محض اقتصادية وتريد مجرد إبرام اتفاق”، لكن الولايات المتحدة “تحاول ربط المشكلات التجارية بالتنافس الاستراتيجي”، على حد قوله. وأثار ترمب غضب بكين عندما أدرج المجموعة الصينية العملاقة للاتصالات هواوي على لائحة سوداء لأسباب أمنية. وقال وانغ: إن “النقطة المشتركة” اليوم هي “أن الطرفين يريدان التوصل إلى اتفاق. لذا، فان الأمر بالغ الأهمية”.
ويشكل استئناف المحادثات خطوة في الاتجاه الصحيح، ويرتدي اختيار شنغهاي مكانا لها طابعا رمزيا كبيرا، وقال مايكل بيتس أستاذ المال في بكين: “قد يكون ذلك وسيلة لإبعاد الرئيس شي جينبينغ ومحيطه عن نتائج المفاوضات” التي قد تكون سلبية، ويشير عقد المحادثات في شنغهاي أيضا إلى فترة تحسنت فيها العلاقات بين البلدين، كما يثبت بيان شنغهاي الذي صدر في 1972 وكان مرحلة مهمة في إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة والصين.
وقال وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين لشبكة “سي إن بي سي”: إن “بيان شنغهاي يعني الكثير للصين والطابع الرمزي لهذا الاتفاق المهم واضح”. لكن منوتشين الذي سينضم إليه الممثل الأميركي للتجارة روبرت لايتهايزر حذر من “المشكلات الكثيرة” التي ما زال يجب حلها، وصرح المحلل لاري أونغ من المكتب الاستشاري المتخصص بالشؤون الصينية “سينو-انسايدر” أن بكين وواشنطن “ليستا متفائلتين” في نتيجة المفاوضات. وأضاف أنه لو كان الأمر عكس ذلك لجرت المفاوضات “في بكين وليس في شنغهاي”، من جهته، رأى شين دينغلي الأستاذ المقيم في شنغهاي والمتخصص في العلاقات الدولية “من غير المرجح أن يوقعوا اتفاقا هذا الأسبوع”، وحذر من أنه أقرب إلى اجتماع لإحياء العملية وليس أملا حقيقيا في التوصل إلى اتفاق”.
واعترفت الصحيفة الاقتصادية الصينية التي تصدر بالإنجليزية والقريبة من السلطة “غلوبال تايمز”، في افتتاحية الجمعة بأن “المفاوضات ستكون طويلة” وبأن فرص التوصل إلى اتفاق “قد تخفق” إذا واصلت واشنطن الضغوط على بكين.
ويرى مراقبون أن الصين يمكن أن تتعمد إطالة أمد المفاوضات حتى الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة في 2020، على أمل وصول رئيس يمكن التعامل معه بسهولة، في الجانب الصيني سيقود المفاوضات من جديد نائب رئيس الوزراء ليو هي القريب من الرئيس لكن وزير التجارة الصيني الذي يعتبر متشددا، قد يلعب خلالها دورا أكبر، وقال وانغ شوانشينغ إنه يجب عدم استبعاد صدور “تصريحات حازمة” عنه لكنه “شخص يتمتع بكفاءة عالية” في الاقتصاد.