تواصل الهند فرض إجراءات أمنية مشددة في كشمير الثلاثاء بينما تستعد الغرفة الأدنى بالبرلمان “بيت الشعب” (لوك سابها) لإقرار قرار ومشروع قانون يلغيان الوضع الخاص للمنطقة المتنازع عليها. ويجري أعضاء المجلس مناقشات حول “مشروع قانون إعادة تنظيم جامو وكشمير” بعد يوم من تقديم التشريع جنباً إلى جانب مع مرسوم رئاسي بإلغاء المادة 370 من الدستور الهندي والتي تمنح الوضع الخاص لولاية جامو وكشمير وتتيح لها قدراً كبيراً من الحكم الذاتي.
وأقرت الغرفة العليا بالبرلمان “مجلس الولايات” (راجيا سابها) الاثنين مشروع القانون بموافقة 125 عضواً مقابل اعتراض 61 آخرين. وكسر مشرعون من المعارضة القاعدة وانضموا في التصويت لحزب “بهاراتيا جاناتا” القومي الهندوسي الحاكم. ومن المتوقع أن يتم تمرير المقترحين بسهولة في “بيت الشعب” حيث يمتلك حزب “بهاراتيا جاناتا” أغلبية واضحة. ويخفض مشروع القانون المتعلق بإعادة التنظيم وضعية المنطقة من ولاية إلى منطقتين تخضعان للإدارة الاتحادية: “جامو وكمشير” و”لاداخ”. ومن المقرر أن يظل لجامو وكشمير مجلس تشريعي خاص، بينما لن يكون الأمر نفسه للاداخ. وقوبل التحرك بإدانة قوية من جانب باكستان، التي تؤكد أن المنطقة المتنازع عليها كلها تتبعها. إلا أن الخطوة قوبلت بترحيب واسع من جانب الهنود، الذين يعتقدون أن القرار سيسرع من تكامل الولاية المضطربة مع الهند.
ونشرت الهند عشرات الآلاف من قواتها في كشمير وأبقتها تحت إجراءات مشددة للحيلولة دون خروج احتجاجات أو وقوع أعمال عنف. وتم تعليق خدمات الإنترنت وخطوط الهاتف، فيما جرى إغلاق المؤسسات التعليمية والشركات وجرى فرض حظر على التجمعات الكبيرة.
وقالت وسائل الإعلام الهندية الثلاثاء إن قرار رئيس الوزراء ناريندرا مودي بإلغاء الوضع الخاص لإقليم كشمير المتنازع عليه يعد مقامرة جريئة لإنهاء تمرد مسلح بدأ قبل ثلاثة عقود ودمج الإقليم في بقية الهند.
وتصدر الصفحة الأولى لصحيفة إنديان إكسبرس عنوان يقول “التاريخ، بضربة واحدة” تعليقاً على القرار الذي يعد أكبر خطوة سياسية في واحدة من أشد مناطق العالم توتراً على الصعيد العسكري على مدى قرابة 70 عاماً.
وقالت صحيفة إيكونوميك تايمز في صفحتها الأولى “إنجاز مهمة كشمير: بضربة واحدة سريعة تصبح للهند مكانة خاصة في الولاية”. وينادي حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم بزعامة مودي منذ مدة طويلة بإنهاء الوضع الخاص لكشمير قائلا إنه يعرقل التنمية ويدفع الشبان للانضمام إلى التمرد على الحكم الهندي. إلا أن الحكومات المتعاقبة لم تحاول تغيير الحكم الذاتي الذي حصل عليه الإقليم بعد انضمامه للهند عام 1947 خشية ازدياد العنف في منطقة لقي فيها عشرات الألوف مصرعهم في التمرد وخاضت الهند حربين بسببها مع باكستان التي تطالب بأحقيتها في الإقليم.
وقالت صحيفة هندوستان تايمز في افتتاحية “خطوة حزب بهاراتيا جاناتا في كشمير جريئة لكن لها مخاطر”. وأضافت أن على الحكومة الآن التواصل مع الكشميريين. ولم يصدر عن الحكومة من قبل ما يشير إلى أنها تعتزم إلغاء وضع كشمير الخاص وتقسيم الولاية إلى منطقتين إداريتين تداران على المستوى الاتحادي.
وقالت صحيفة تلجراف في صفحتها الأولى “تقسيم عقول وولاية. هذه المرة من جانب أكبر ديمقراطية على الكوكب دون سؤال جامو وكشمير”. ومن المتوقع أن يثير هذا القرار رد فعل سلبيا في الإقليم الذي اعتقلت فيه السلطات الهندية قيادات محلية. وقالت ميناكشي جانجولي مديرة جنوب آسيا في منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية “الحكومة عليها مسؤولية ضمان الأمن في كشمير لكن هذا يعني احترام حقوق الإنسان للجميع بمن فيهم المحتجون”. وأضافت “الحكومة بدأت بداية سيئة باحتجاز القيادات السياسية ومنع الاجتماعات العامة وإغلاق الانترنت”. وقال براتاب بانو مهتا المحلل السياسي في نيودلهي إن الحكومة أضعفت المباديء الديمقراطية للهند بالتغيير القسري في كشمير.
الى ذلك تستعد باكستان لتحركات احتجاجية غداة إلغاء الهند الحكم الذاتي الذي كانت تتمتع به منطقة كشمير في خطوة مثيرة للجدل اعتبرتها إسلام أباد “غير شرعية”. من المقرر أن تنطلق التظاهرات بعيد الظهر، وستشهد مظفر أباد، كبرى مدن الشطر الباكستاني من كشمير، احتجاجات كما ستنظم تظاهرات في لاهور وكراتشي والعاصمة الباكستانية إسلام أباد. ويعقد البرلمان الباكستاني جلسة لمناقشة إمكانية الرد على خطوة نيودلهي، كما دعي كبار القادة العسكريين لاجتماع سيعقد في مدينة روالبندي الشديدة التحصين. ومن شأن خطوة نيودلهي أن تفاقم التمرّد الدموي القائم في كشمير وأن تعمّق العداوة القائمة مع باكستان.