بعد أن نجحت شركة أرامكو السعودية في إحراز تقدم كبير في أعمال تشييد أكبر مجمع لتحويل النفط الخام إلى كيميائيات، والذي يجري تشييده في ينبع الصناعية بالتحالف مع عملاق البتروكيميائيات في العالم شركة “سابك” بطاقة مبدئية قدرها 400 ألف برميل من الزيت العربي الخفيف، والذي سينتج نحو تسعة ملايين طن من المواد الكيميائية وتسعة ملايين طن من الوقود سنويًا وبإجمالي استثمارات تقدر بنحو 112,5 مليار ريال (30 مليار دولار)، قررت شركة أرامكو التوسع في هذا النوع من الاستثمارات على المستوى العالمي، وذلك بعد أن ضمنت تحقيق تقدم كبير في أعمال التقنية والهندسة والتوصل لبراءات اختراع في جوانب التشغيل والمنتجات لمجمع النفط الخام والكيميائيات المتكامل والمخطط بدء تشغيله في 2025، ومن المتوقع أن يحقق معدل تحويل مباشر من النفط الخام إلى مواد كيميائية تصل إلى 50 %، وهو أمر غير مسبوق على مستوى العالم.
وقررت شركة أرامكو نقل خبراتها وتقنياتها المبتكرة لتحويل النفط الخام لكيميائيات إما لمشروعاتها القائمة المشتركة وتوسعتها أو باستحواذ حصص لمشروعات جديدة وتطويرها، حيث بدأت في توسعة مصفاتها “إس أويل” في كورية الجنوبية بتشييد مرافق جديدة بأحدث التقنيات المستخدمة في أعمال التكرير، والتي تزيد من حصة إس أويل من 8 % إلى 13 % من تصنيع المنتجات البتروكيميائية عالية القيمة مثل البروبيلين والبنزين، مع فرص تحويل النفط لكيميائيات. وتشير الدلائل إلى أن أعظم النجاحات ستتحقق في مشروع تحويل النفط الخام مباشرة إلى كيميائيات، والذي يتوافق مع أهداف أرامكو المنشودة نحو تنويع مصادر الدخل وتعزيز القوة الاستثمارية للمملكة.
ووقعت مذكرة تفاهم بين أرامكو السعودية وشركة “إس-أويل” للتعاون في تأسيس مشروع وحدة التكسير بالبخار وإنتاج مشتقات الأوليفينات بقيمة تبلغ 22,5 مليار ريال (6 مليارات دولار) بحلول العام 2024م. وستُنتج وحدة التكسير بالبخار الجديدة والعالمية المستوى الإيثيلين ومنتجات كيميائية أساسية أخرى مشتقة من النفتا ومخلفات الغازات في أعمال المصفاة. وتدعم الاتفاقية خطة أرامكو السعودية لتوسيع مجالات أعمالها عالميًا خلال العقد القادم، كما تشمل الاتفاقية تطبيق تقنية أرامكو السعودية الخاصة بالتحويل الحراري للنفط الخام إلى كيميائيات، وهو الأمر الذي سيحول تركيز شركة “إس أويل” من النفط إلى الكيميائيات ويعزز مكانتها في سوق الطاقة في المستقبل.
وفي نفس المنحى تتجه شركة أرامكو في مشروعاتها الدولية لتحويل النفط الخام إلى كيميائيات صوب الهند بأضخم صفقات القرن بتكلفة 56,2 مليار ريال (15 مليار دولار)، حيث أعلن رئيس مجلس إدارة شركة “ريلاينس” للصناعات المحدودة الهندية، موكيش أمباني، الأسبوع الماضي في الاجتماع العام السنوي للشركة أن الشركة بصدد بيع حصة نسبتها 20 % في أنشطتها لتحويل النفط إلى كيميائيات إلى شركة “أرامكو” في إحدى أكبر عمليات الاستثمار الأجنبي على الإطلاق في الهند وفي تاريخ “ريلاينس”، مشيراً إلى أن هذا يدل على التلاحم المثالي بين أكبر منتج للنفط في العالم وأكبر مجمع متكامل للتكرير والبتروكيميائيات في العالم. في وقت تقدر أعمال تحويل النفط إلى كيميائيات في الشركة الهندية بنحو 75 مليار دولار.
وبين أن “أرامكو” في إطار الصفقة ستورد أيضاً 500 ألف برميل يومياً من النفط الخام على أساس طويل الأمد إلى مصفاة “جامناجار” التابعة لـ”ريلاينس”. وتمتلك أرامكو السعودية و”ريلاينس” علاقات تاريخية في إمدادات النفط الخام لأكثر من 25 عامًا، وبحكم القرب الجغرافي، توفر أرامكو مجموعة واسعة من خيارات إمدادات الخام، وحتى الآن زودت نحو 2 مليار برميل من النفط الخام للمعالجة في مصفاة “جامناجار” وهي أكبر مصفاة في العالم وأكثرها تعقيدًا في ظل تكامل أنشطة التكرير والبتروكيميائيات عبر مرافق التصنيع المتعددة. ويعتبر هذا الاستثمار هو الأحدث ضمن استثمارات “أرامكو”، حيث تخطط الجوهرة السعودية العالمية المتلألئة إلى مضاعفة طاقة التكرير في وقت تمكنت الشركة من تحقيق أهداف بعيدة المدى لدفع عجلة النمو عبر تطوير وتعزيز محفظة أعمالها في قطاع التكرير والكيميائيات، وذلك من خلال زيادة إجمالي حصتها من الطاقة التكريرية العالمية من 4.9 ملايين إلى ما بين 8 إلى 10 ملايين برميل في اليوم بحلول العام 2030م، على أن يتم تحويل 2 إلى 3 ملايين برميل في اليوم من هذه الكمية إلى منتجات بتروكيميائية في أصول جديدة تمثل أضخم المشروعات في العالم لتحويل النفط الخام إلى بتروكيميائيات، وسيستهلك هذا الجزء من الأعمال كميات كبيرة من النفط الخام في التكرير والبتروكيميائيات.
وتعكف أرامكو ملياً لبدء مراحل التطوير الرئيسة بالكشف عن كيمياء تكوين النفط الخام وتحويله إلى مواد كيميائية، بحثًا عن أفضل وأقصر الطرق لاستخلاص المواد الكيميائية مباشرة من خلال التطورات التي حدثت في مجال وسائط التحفيز والفصل، حيث تهدف أرامكو تحويل نسبة من 70 – 80 % من كل برميل نفط إلى مواد كيميائية بطريقة تنافسية، وقد تمكنت من إبراز دورها القيادي في هذا الاستثمار الذي سوف يصبح مساهماً رئيساً في رؤية 2030، مما يتيح حقبة جديدة من التنويع الصناعي، وخلق فرص العمل وتطوير التكنولوجيا في المملكة.