عطل الصراع التجاري الأميركي الصيني المحتدم بين أقوى اقتصادين عالميين تجارة الغاز الطبيعي المسال في الولايات المتحدة، والتي كانت قد خططت لتدويل استثماراته بضخامة بعد أن أنتجت أكبر الطاقات في 2018 بلغت 4.3 ملايين برميل يومياً من سوائل الغاز الطبيعي الأميركي، وهي زيادة بأكثر من الضعف في العقد الماضي، وفق أرقام وكالة الطاقة الأميركية، في وقت يشهد الطلب العالمي على الغاز الطبيعي المسال نموا مطرداً بنسبة 4 % سنويا.
وهذا ما دفع شركة أرامكو السعودية للتوجه صوب استثمارات الغاز الطبيعي المسال الأميركي، وإنفاق مليارات الدولارات للحصول على أصول الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة والظفر بعقد صفقة اتفاق مع مشروع «بورت آرثر» للغاز الطبيعي المسال المقترح من شركة «سيمبرا» للطاقة والذي سيدفع طموح عملاقة النفط والغاز في العالم شركة أرامكو كأقوى شركة للطاقة في العالم لتعزيز آفاق الحصول على مشروع تصدير الغاز من تكساس تجارياً. ولفت خبراء الغاز الطبيعي المسال إلى أن المملكة تمضي بثقة في تنويع اقتصادها وإمدادات الطاقة في إشارة أيضاً إلى التأثير الجغرافي السياسي كسبب لمصلحة المملكة في الغاز الطبيعي المسال الأميركي.
وبالرغم من تشاؤم الكثير من خبراء التجارة الدولية بشأن توصل النزاع التجاري الأميركي الصيني لحلول، وما تسببه من نكبات للمصدرين والموردين في البلدين وبالأخص لمنتجات الطاقة والتي ألقت بضلالها المعتم على التجارة العالمية وتوقعات استمرارها لأعوام، إلا أن شركة أرامكو السعودية تصف اتفاقها مع «سيمبرا» للغاز الطبيعي المسال بالانتصار ونقلة كبيرة إلى الأمام في استراتيجيتها طويلة الأجل لتصبح لاعبًا عالميًا للغاز الطبيعي المسال والصفقة مدتها 20 عامًا وبطاقة خمسة ملايين طن سنويًا من الغاز الطبيعي المسال من محطة «بورت آرثر» واستثمار بحصة 25 % في المرحلة الأولى من المشروع.
ومن المرجع أن أرامكو لا ترى تأثيرا على تجارتها للغاز الطبيعي المسال الأميركي من تبعات الحرب التجارية الأميركية الصينية حيث من المتوقع أن تزيد الصفقة من حدوث تحول في تدفقات الطاقة بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية مع ارتفاع إنتاج الولايات المتحدة للنفط والغاز والذي يمكن أن يوضح قدرة الغاز الصخري الأميركي لتحويل أسواق الطاقة العالمية وقيادتها. وفي حين الانتهاء من الصفقة، فستكون واحدة من أكبر صفقات الغاز الطبيعي المسال على الإطلاق يتم توقيعها منذ العام 2013، وفقًا لشركة الأبحاث والاستشارات «وود ماكنزي».
ويرى محللو «ماكنزي» بأن توجه أرامكو لاستثمارات الغاز المسال الأميركي يعكس دلائل على نوايا أرامكو لأن تصبح لاعبا عالميا في مجال الغاز وتطوير محفظة واسعة للغاز الطبيعي المسال في ظل نجاح الشركة الباهر في كسب ثقة كبار المستثمرين العالميين الذين تدافعوا لشراء سنداتها الأولى في تاريخها وضخوا 100 مليار دولار في حين كان العرض بقيمة 12 مليار دولار. وهذه النتائج تدفع بتسهيل قرار الاستثمار النهائي لأرامكو في مشروع الغاز الأميركي المسال حيث يتوقع أن ترفع الصفقة إجمالي أحجام التعاقد في ميناء بورت آرثر إلى 7 ملايين طن متري.
وتؤمل شركتا «أرامكو» و»سيمبرا» التوصل إلى قرار استثماري نهائي بحلول أوائل العام 2020، في وقت تحصل مشروع «بورت آرثر» للغاز الطبيعي المسال على ترخيص من هيئة تنظيم الطاقة الفيدرالية في أبريل الماضي وتبلغ طاقة التصدير المستهدفة 11 مليون طن سنويًا من معملين للتسييل ويمكن توسعتها إلى ثماني معامل تسييل بقدرة 45 مليون طن سنويًا. وتعمل معامل الغاز الطبيعي المسال الجديدة الموجهة نحو التصدير على ساحل الخليج الأميركي على دفع النمو في إنتاج الغاز الطبيعي الجاف الذي ارتفع في الولايات المتحدة بنسبة 12 % في 2018 ليصل إلى 28.5 مليار قدم مكعب في اليوم، ليبلغ مستوى قياسيا جديدا للسنة الثانية على التوالي.