أجمع محللو نفط ووكالات ائتمان وتصنيف دولية على أن المملكة العربية السعودية لعبت دوراً ريادياً محورياً تاريخياً في حماية سوق الطاقة العالمي من الانهيار الذي وشك به وما زال يهدده في ظل شن إيران وجماعاتها الإرهابية بقيادة الحرس الثوري حرب ناقلات النفط العملاقة والمنتجات البترولية وتهديد أمن وسلامة أكبر إمدادات العالم النفطية في مضيق هرمز ومحاولة شل تجارته الضخمة حيث تدفق حوالي 17.3 مليون برميل من النفط الخام و3.3 ملايين برميل من المنتجات المكررة يومياً عبر المضيق لعام 2018 أي ما يعادل حوالي 21 % من استهلاك السوائل البترولية العالمية، وفقاً لبيانات الطاقة الأمريكية والتي قالت إن حوالي 76 % من شحنات النفط الخام والمكثفات التي عبرت هرمز ذهبت إلى آسيا.
في الوقت الذي تصدت المملكة للهجمات المزدوجة من الإرهاب الحوثي الإيراني على منشآتها النفطية بهدف التأثير على أمن الطاقة العالمي لتبادر المملكة بالوقوف إلى جانب دعم وحماية سوق الطاقة العالمي والمحافظة على استقراره بمبادرة المملكة التاريخية بخفض وارداتها من النفط الخام لأسواق العالم إلى أدنى مستوى من سقف التداول المسموح لها لكي تحافظ على ضبط توازن كفة السوق في العرض والطلب مما ساهم في نجاح تمديد اتفاقية “أوبك بلس” بتخفيض إنتاج المنظمة بمقدار 1,2 مليون برميل في اليوم لفترة تسعة أشهر إضافية من 1 يوليو 2019 إلى 31 مارس 2020، والذي اعتبر انتصاراً على الإرهاب، لتمنح المملكة سوق النفط العالمي مزيداً من الطمأنينة والاستقرار.
ورصدت وكالة “فيتش” العالمية للتصنيف جوانب إيجابية لصالح شركة أرامكو السعودية في اتفاقية “أوبك بلس” رغم تقلص أحجام صادراتها النفطية وقالت: “لعبت السعودية دوراً مركزياً في اتفاقية “أوبك بلس” لتخفيض الإنتاج التي أُبرمت في الأصل في أواخر عام 2016. وفي عام 2018، بلغ إنتاج السعودية من النفط بما فيه المكثفات متوسطاً قدره 10.3 ملايين برميل نفط في اليوم، وهو أقل بنحو 1.7 مليون برميل نفط في اليوم من أقصى طاقتها الإنتاجية”. وافترضت الوكالة اقتراب إنتاج المملكة من 10 ملايين برميل نفط في اليوم في 2019، وأضافت: “ونعتقد أن الاتفاقية إيجابية في نهاية المطاف لصالح أرامكو السعودية، وعلى الرغم من أن حجم إنتاج الشركة قد تأثر سلباً، إلا أن الاتفاقية قد ساعدت في جعل السوق أقرب إلى التوازن وفي استقرار أسعار النفط.
وعلى الرغم من التضحيات التي تقدمها المملكة لسوق النفط العالمي بخفض أكبر الحصص الإنتاجية، إلا أنه في الواقع يعكس سياسة حكيمة معتدلة تنتهجها شركة أرامكو السعودية في تنظيم أحجام صادراتها النفطية وهذا ما يؤكده رصيد صادراتها المتزن والمنظم في دائرة السبعة ملايين برميل في اليوم للثلاث سنوات الأخيرة بلغت 7,328 ملايين برميل، و7,099 ملايين برميل، و7,463 ملايين برميل في اليوم في السنة المنتهية في 31 ديسمبر 2018 و2017 و2016 على التوالي.
في حين يلفت محللون محايدون لتسبب خفض إنتاج أرامكو بتراجع إيراداتها النفطية للنصف الأول من 2019 حيث انخفضت بحوالي سبعة مليارات ريال لتبلغ 550,720 مليار ريال عن عوائد الفترة المماثلة للعام السابق البالغة 557,870 مليار ريال. في وقت حققت أرامكو أكبر الإيرادات في ثلاثة أعوام في 2018 والتي بلغت 1,3 تريليون ريال مقابل 986 مليار ريال في 2017، و506 مليار ريال في 2016.
وتتمتع أرامكو بالقدرة على تحسين العرض والقيمة في حالات اضطراب السوق العالمي وذلك بفضل وفرة وتفرد قاعدة احتياطيات الشركة ومرونتها لتحسين مزيجها الخام استجابة للتغيرات في العرض والطلب. وتدرس الشركة القيمة طويلة الأجل لمختلف درجات النفط الخام والقدرة على المدى المتوسط لتسويق درجات النفط الخام الخفيف في الأسواق الاستراتيجية والمتطلبات على المدى القريب للاستجابة بفعالية لاضطرابات السوق العالمية. بينما تحتفظ الشركة بنظام يتيح لها الحفاظ على زيادة إنتاجها من النفط الخام عن المستويات المخططة لتعويض مفقودات السوق العاجلة استجابة للتغيرات في العرض والطلب العالمي على النفط الخام.
وتستخدم الشركة أيضًا الطاقة الفائضة عن الإنتاج السنوي الاحتياطية كخيار إمداد بديل في حالة انقطاع الإنتاج غير المخطط له في أي مجال والحفاظ على مستويات الإنتاج أثناء الصيانة الميدانية الروتينية. وتقدر الشركة أن الإيرادات التراكمية المتولدة خلال فترة 6 سنوات من 2013 إلى 2018 شاملة، من خلال استخدام هذه الطاقة الفائضة بلغت 133.0 مليار ريال سعودي (35.5 مليار دولار).
وترى “فيتش” إن تكلفة الرفع لدى شركة أرامكو السعودية 2,8 دولار لكل مكافئ برميل نفط في 2018 والإنفاق الرأسمالي لأنشطة المراحل الأولى 4,7 دولارات لكل مكافئ برميل نفط تشكل أكبر المزايا المهمة جداً في بيئة أسعار النفط المتقلبة. غير أنه يقابل هذه الميزة إلى حد ما انخفاض مشاركة الشركة في قطاع الغاز الطبيعي وأنشطة التكرير والتوزيع والكيميائيات مقارنة بأكبر شركات النفط ما يجعل أرامكو السعودية أكثر تعرضاً للنفط وتقلبات أسواقه. وعلى الرغم من قدرات أرامكو الكبيرة في أنشطة التكرير والتوزيع بشكل مطلق وقدرتها على إضافة 3,7 ملايين برميل في اليوم لمصافيها الجديدة التي سيتم تشغيلها بحلول نهاية 2019، إلا أنها ستظل أقل نسبة إلى إنتاج أنشطة المراحل الأولى مقارنة بأكبر شركات النفط الدولية.