خلُص المنتدون المشاركون في أعمال ندوة “العملات الإلكترونية” التي نظمها مجمع الفقه الإسلامي الدولي المتفرع عن منظمة التعاون الإسلامي بجدة، في ختام جلساتهم التي عقدت بمشاركة عدد من الفقهاء والمختصين والاقتصاديين على مدى يومين قُدمت خلالها تسعة أبحاث في عدد من المحاور تتمثل في مفهوم العملات الإلكترونية، وأنواع العملات الإلكترونية، وكيفية إصدارها وتداول العملات الإلكترونية، وكيفية تحديد البائع والمشتري، إضافة إلى مناقشة الهدف من إصدار العملات الإلكترونية، ومزاياها ومخاطر العمل بالعملات الإلكترونية، والحكم الشرعي للعملات الإلكترونية إلى التوصيات التالية:
أولاً: المفهوم وآليات التعامل والمخاطر
- حيث إن مفهوم العملات الإلكترونية عام يشمل بطاقات الائتمان، وبطاقات مسبقة الدفع، والشيكات الإلكترونية وغيرها، وبناء على ذلك انتهت مناقشات الندوة إلى استعمال مصطلح العملات الرقمية المشفرة كترجمة للمصطلح الإنجليزي(Cyptocurrency).
- يقصد بالعملات المشفرة – ومن أشهرها البتكوين، والإثير، والريبل -رغم ما بينها من فروق، وما يميز هذه العملات أنها أرقام مشفرة، ليس لها كيان مادي ملموس، أو وجود فيزيائي، ويتم تداولها بين أطراف التعامل من دون وسيط ويطلق على هذا التعامل نظام الند للند.
وتصنف حسب الأبحاث المقدمة إلى ثلاثة أنواع، الأول: عملات (coins) وتصدق على البتكوين، الثاني: بدائل العملات (altcoins) مثل اللايت كوين، والبتكوين كاش، الإثير والريبل، الثالث: القسائم (tokens) وهي أصول قابلة للاستبدال والتداول بالسلع والعملات المشفرة.
- من أبرز سمات النوع الأول اللامركزية، وتعني عدم وجود جهة حكومية أو خاصة تشرف على إصدارها خلافًا للأنواع الأخرى، وأغلب العملات الرقمية المشفرة تستند إلى تقنية سلسلة الكتل (blockchain)، وهذه التقنية هي التي تنتج العملة وتحتفظ بالسجل الكامل للتعاملات بالعملة، ومن سمات البتكوين وجود جدل حول شخصية المصدر.
- ويتم التعامل بالعملات الرقمية المشفرة من خلال المنصات الإلكترونية المتاحة أو غيرها على الإنترنت بشكل مباشر أو من خلال سماسرة، وهنا رسوم تدفع لتلك المنصات ويجب أن يكون لكل متعامل محفظة إلكترونية خاصة على جهاز الحاسوب الخاص به، توثق ملكيته للعملات الرقمية المشفرة التي يملكها وإمكانية التصرف فيها.
- من أبرز ما يميز التعامل من المنصات والمحافظ الإلكترونية هو إمكانية التعامل بها بأسماء مستعارة وهو ما يطلق عليه الغفلية (anonymity).
- قامت بعض الدول مثل ماليزيا بإلزام الحصول على التراخيص اللازمة من الجهات المعنية لإنشاء المنصات الإلكترونية ووضعت ضوابط للمتعاملين في تلك المنصات وأبرزها التسجيل بإبراز الهوية للمتعامل.
- ورغم انتشار هذه العملات في العديد من البلاد في آلاف المحال التجارية فضلاً عن استبدالها بالعملات الوطنية، وقبولها من بعض الجهات الحكومية، فإن العديد من الدراسات تشير إلى مخاطر تكتنف التعامل بالعملات الرقمية المشفرة بصفة عامة ومن أبرزها التقلبات السعرية وأن جل تعاملاتها في المضاربات والمعاملات غير القانونية، فضلا عن التهديدات التقنية التي يمكن أن تتعرض لها لسبب سرعة التطورات في هذا المجال والتهديدات الواقعية التي تواجه البيتكوين بسبب عدم وجود جهة حكومية تشرف على إصدارها.
ثانيًا: الحكم الشرعي
- من خلال الأبحاث المعروضة والمناقشات التي دارت خلال يومي الندوة تبين أن ثمة قضايا مؤثرة في الحكم الشرعي لا تزال محل نظر منها:
- ماهية العملة المشفرة هل هي سلعة أم منفعة أم هي أصل مالي استثماري أم أصل رقمي؟
- هل العملة المشفرة متقومة ومتمولة شرعًا.
ونظرًا لما سبق ولما يكتنف هذه العملات من مخاطر عظيمة وعدم استقرار التعامل بها، دعت الندوة في ختام أعمالها إلى مزيدٍ من البحث والدراسة لإنضاج القضايا الرئيسة المؤثرة في حكمها.