جددت المملكة موقعها كأهم مصدر موثوق للطاقة في العالم عقب تجاوزها اللافت لتبعات الحادثة الإرهابية التي طالت منشآتها النفطية مطلع الأسبوع الماضي، الأمر الذي كان جلياً في امتصاص الأسواق النفطية لصدمة الإمدادات عقب طمأنات سمو وزير الطاقة بعودة الإمدادات النفطية والوفاء بكامل الالتزامات تجاه العملاء بالأسواق العالمية دون تأثير.
في السياق ذاته قال محلل أسواق النفط الدكتور محمد الشطي جاءت ردة فعل الأسواق النفطية عقب المؤتمر الصحفي لسمو وزير الطاقة في المملكة العربية السعودية الأمير عبدالعزيز بن سلمان إيجابياً، حيث قدم سمّوه توقيتاً لعودة الإنتاج إلى طبيعته وعودة الطاقة الإنتاجية كاملة في شهر ديسمبر إلى 12 مليون برميل يومياً، التأثير على مبيعات النفط الخام من المملكة محدود، لا سيمّا أنه سيتم الإيفاء بالالتزامات التعاقدية مع العملاء من المخزون النفطي داخل وخارج المملكة، بينما يشهد الإنتاج تعافياً إلى 8 ملايين برميل يومياً في سبتمبر كما تنقله بعض مصادر السوق ثم 8.8 ملايين برميل يومياً ضمن عودة تدريجية إلى التعافي الكامل، كما تتوقع المصادر أيضاً بأنه بالرغم من قدرة شركة أرامكو السعودية على الإيفاء بالالتزامات التعاقدية لكن مبيعات النفط العربي الخفيف والاكسترا لايت والسوبر لايت ستتأثر وهو يَصْب في مصلحة أسعار تلك النفوط وما يشابهها، وهي نفوط غنية بالمشتقات المتوسطة زيت الغاز والديزل، ولذلك ترجح مصادر السوق بأن هذا سيدعم أسعار نفط خام الإشارة برنت لصالح تلك النوعية من النفوط ويزيد من الفروقات مع النفوط المتوسطة والثقيلة رغم تناقص معروضها، ولكن المحللين يرجحون أن تقوم شركة أرامكو برفع الإنتاج وسد النقص من تلك النوعية العربي المتوسط والثقيل في السوق، طبعاً شركة أدنوك لديها نفوط شبيهة ولديها طاقة فائضة يمكن استغلالها متى ما دعت الحاجة كما عبر عن ذلك معالي وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي.
وتابع الدكتور الشطي ما يزيد الطمأنينة في السوق حول أمن الإمدادات هو تأجيل البيع من المخزون النفطي الأميركي الاستراتيجي، كذلك الأمر من وكالة الطاقة الدولية بحجة كفاية المعروض وهو ما أسهم في تهدئة الأسواق وخفض أسعار النفط بعد ارتفاعها السابق الذي جاء نتيجة العمل الإرهابي التخريبي الجبان ضد منشآت نفطية سعودية في بقيق وخريص، لذلك فإن بالرغم من ضعف أسعار النفط إلا أنها مرشحة للارتفاع من جديد خلال الربع الأخير من العام الحالي (أكتوبر – ديسمبر) إلى 65 – 70 دولاراً للبرميل لنفط خام برنت، وفي ظل المتغيرات المتسارعة والأحداث غير الواضحة أصبح التنبؤ بتقدير أسعار النفط صعب جداً، كما لا ننسى أن تغير الأسعار اليومي هو انعكاس لانطباعات بيوت الاستثمار والمضاربة في الأسواق الآجلة عن وضع السوق واتجاهات الأسعار والتحرك وفقاً لانطباعاتهم وهو ما يشكل أسعار النفط بصفة يومية، تقوم المملكة العربية السعودية بتشكيل تحالف دولي للتعامل مع تخريب منشآتها النفطية التي تهدد تجارة النفط حيث تتوارد الأنباء عن موافقة الرئيس ترامب إرسال قوات أميركية دفاعية للسعودية كما ينتظر العالم خطاب ترامب يوم 24 سبتمبر، لذلك فإن الرد الدولي سيكون مدروساً لمنع تكرار هذه الأعمال الإرهابية، وفي ظل أجواء الانتخابات الأميركية تبقى الأمور في إطار في ضربات لأماكن مستهدفة وهو أيضاً يساعد في إبقاء الأسعار تتحرك ضمن نطاق محدود، لكن أي تأثر للإنتاج سيؤثر بلا شك ويفتح آفاقاً لارتفاع الأسعار وإن كان هذا السيناريو مستبعداً لأنه ببساطة يضر الجميع، ولعل التحركات الدولية الحالية لتحديد الجهة المسؤولة وأفضل الطرق للتعامل معها يعد أيضاً طمأنات لأمن الطاقة في العالم. وأضاف الشطي يساعد في ذلك كله وجود وفرة نفطية في السوق، ووجود مخزون نفطي في أميركا والصين والهند واليابان وكوريا وغيرها من الدول المستهلكة، ووجود دول أخرى لديها قدرة للتعويض بشكل بسيط بالإضافة إلى ضعف الاقتصاد العالمي والطلب العالمي على النفط، الدور الروسي في التواصل مع بعض الدول المستهلكة للنفط ومن بينها الهند لتأمين احتياجاتها من النفط أيضاً يدخل في باب الطمأنات المطلوبة، وضرورة التأكيد أن غالب الصادرات من الخليج العربي يتم تصريفها إلى السوق الآسيوية، عليه فإنهم يعدّون أكبر المتضررين ولذلك التحرك الدولي لأمن الطاقة مطلوب واستراتيجية حكيمة لسلامة وانتعاش اقتصاد وأمن المنطقة وشعوبها والاقتصاد الذي يعتمد على إمدادات الطاقة من الخليج العربي، ومن المؤكد وجود عوامل تعزيز لآفاق ارتفاع الأسعار من بينها هيكلة الباكورديشين للأسعار وهو يعني نقص في المعروض مقابل المستقبل ويدعم رفع الأسعار الحالية مقابل المستقبل، كذلك السحب من المخزون النفطي وتناقصه بلا شك يحقق التوازن ونقص المعروض ويدعم رفع الأسعار إلى مستويات عالية نسبياً، كذلك فإن هذه الأجواء تشجع إقبال بيوت الاستثمار على الشراء وتعزيز المراكز المالية وهو ما يعني أيضاً رفع آفاق الأسعار متى ما حدث ذلك.