جاء قرار المملكة بفتح التأشيرة السياحية الالكترونية لعدد 49 دولة من ثلاث قارات ليبرهن بشكل عملي وواضح، على مواصلة الخطوات الحثيثة نحو تعزيز العمل بسياسة التنوع الاقتصادي، التي تنتهجها المملكة وفق أسس وأهداف رؤيتها الواضحة للأعوام العشرة المقبلة، حيث إنها تسعى لتغير الصور النمطية عنها لدى دول وشعوب العالم، في كونها دولة تعتمد على مصدر الطاقة البترولية فقط، ويسهم هذا التوجه في رسم خطوط عملية عريضة لرفد الدخل الاقتصادي للدولة وفق أفضل الممارسات العالمية في الوقت الراهن.
عضو مجلس الشورى رئيس لجنة الاقتصاد والطاقة بالمجلس د.فيصل بن منصور الفاضل، قال : إن حدث إعلان فتح التأشيرة السياحية والتوسع في هذا المجال، خطوة منتظرة ومتوقعة من بلادنا، ممثلة في الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، وقطاعات أخرى مساندة لها، فكل متابع للشأن الاقتصادي السعودي، يعرف أن هذا الحدث، هو بمثابة تمثيل وتأصيل حقيقي لتنفيذ أهداف وبنود رؤية المملكة 2030 بشكل عملي وعلى أرض الواقع، وبلغة الأرقام، فما تمثله السياحة حاليا في الناتج المحلي الوطني لدولتنا لا يتجاوز 3%، ولديها هدف واضح وعملي وهو الوصول لرفع هذا الرقم إلى 10% بالأعوام العشرة المقبلة، وهو رقم ليس مستحيلاً نظراً لعدد من الأسس، فالمملكة حاليا تستقبل قرابة 41 مليون زيارة كسياحة وأداء للعمرة والحج والزيارة، والمستهدف الوصول إلى 100 مليون زيارة، وهو أيضا رقم غير خيالي، إذا نظرنا لمساحة المملكة وتنوعها الكبير في الطبيعة والتراث والحضارة، وأيضا لاهتمام الشعب السعودي بالسياحة، فمستقبلا هناك توقعات عملية أن يصل سواح الداخل ما بين مناطق المملكة فقط، إلى أكثر من 25 مليون زيارة، وهو رقم يضاف الى 75 مليون زيارة من خارج المملكة، والقدرة الاستيعابية لمطارات المملكة حالياً تزيد عن 100 مليون مسافر، وفي عام 2018 وصلنا لهذا الرقم كأعداد مسافرين داخليا وخارجيا قدوم ومغادرة، وسترتفع الطاقة المستقبلية لمنافذ لمطارات فقط عن 150 مليون مسافر داخليا وخارجياً، فضلا عن الأعداد القادمة للحج والعمرة من جميع دول العالم.
ويضيف الفاضل، “المملكة واحدة من دول مجموعة العشرين القوية اقتصاديا على أكثر من صعيد، ولها تميز في جوانب كثيرة، لا تتوفر بالكثير من مختلف العالم، وأهمها بلا شك الميزة الدينية، ممثلة في الحرمين الشريفين، الذي يجعلها مقصد مئات الملايين من المسلمين بكل دول العالم، فلا شك أن طموحنا للوصول لقائمة أعلى خمس دول عالمية في الزيارة والسياحة، حق مشروع ورقم منطقي في ظل اهتمام دولتنا وقيادتها بتسهيل كل ما يخدم هذا التوجه على مختلف الأصعدة، ومن أهمها تجهيز البنية التحتية، وسن الأنظمة التشريعية التي تخدم الأفراد والمجتمعات في شتى مناحي الحياة، وأيضا تحقيق التعاون والتكامل بين مختلف القطاعات الحكومية، والتقارب مع القطاع الخاص، لتحقيق الأهداف التي تسعى لها الدولة في جانب زيادة السواح والزوار.
ونوه رئيس لجنة الاقتصاد والطاقة بمجلس الشورى، بقرار الدولة تقديم قروض تصل الى 15 مليار ريال سنويا، لدعم القطاع الخاص لتبني مشاريع سياحية منافسة لما هو موجود في منطقة الشرق الأوسط، وحتى أفضل منها، حيث لا نزال بحاجة كبيرة لتبني وجود منتجعات سياحية كبيرة، وتحمل أفكار جذب جديدة، خاصة في المناطق الساحلية للبحر الأحمر والخليج العربي، والمواقع الجبيلة في عسير والطائف وغيرها من المدن والمناطق، وهذه الخطوة في تقديم القروض قد تحتاج لخطوات أخرى داعمة للمشاريع السياحية، كتثبيت أسعار الطاقة الكهربائية التي تحتاجها هذه المشاريع، أو تخفيض الأسعار في السنوات الأولى حتى تحفز المستثمر على التوجه للسوق السعودي، متى ما وجد مغريات تجذبه لتنفيذ مشاريعه في مدن المملكة.