وسط منظومة من الخدمات المتكاملة في بيت الله العتيق أمَّ خطيب المسجد الحرام الشيخ د. صالح بن حميد المسلمين في صلاة الجمعة، قائلاً: اغتنموا حياتكم، واحفظوا أوقاتكم، فالأيام محدودة، والأنفاس معدودة، وكل دقة قلب ينقص بها العمر، وكل نَفَس يُدِنْي من الأجل.
وأوضح أن الله يَمِيز الخبيثَ من الطيب، ويعلمُ المفسد من المصلح، ويحق الحق، ويبطل الباطل، وينجي المصلحين الذين ينهون عن السوء، ويزيد الذين اهتدوا هدى، مضيفاً: أيها المسلمون، المال تتوقف عليه الحياة في أصلها، وفي كمالها، وفي سعادتها، وفي عزها، بالمال يأكل الإنسان ويشرب، ويلبس ويسكن، وبالمال يصنع غذاءه ولباسه، وسكنه، وسلاحه، المال محتاج إليه في الصحة، والعلم، وفي القوة، والبنيان، وفي العمران، وفي السلطان، والمال قضت سنة الله أن يكون هو عصبَ الحياة، ومعاشَ الأحياء، جعله الله قياماً للناس، وقيام الشيء ما به يحفظ ويستقيم، فالمال قوام المعاش، وقوام المصالحِ العامة والخاصة.
وتحدث قائلاً: معاشر الأحبة: وللمال حرمته ومكانته، ففي الحديث الصحيح: “لا يحل مال امرئ مسلم إلاّ بطيب من نفسه، ومن حلف على يمين صبر كاذباً متعمداً يقتطع بها مال أخيه المسلم لقي الله وهو عليه غضبان” – متفق عليه من حديث ابن مسعود رضي الله عنه -، “ومن قتل دون ماله فهو شهيد” -رواه أبو داود والترمذي من حديث سعيد بن زيد وقال حديث حسن صحيح -.
وذكر أن من فوائد المال – كما قرر ابن القيم – أنه قِوام العبادات والطاعات، وبه قام سوق بر الحج والجهاد، وبه حصل الإنفاق الواجب والمستحب، وحصلت قربات الوقف، وبناءُ المساجد والقناطر وغيرِها، وعلى المال قام سوق المروءة، وظهرت صفحة الجود والسخاء، ووُقِيَتْ الأعراض، واكتسبت الإخوان والأصدقاء، وتوصل الأبرار إلى درجات العلى، ومرافقةِ الذين أنعم الله عليهم، فهو مِرقاة يُصعد بها إلى أعلى غرف الجنة، ويهبط منها إلى أسفل سافلين، وهو مقيمُ مجدِ الماجد، كان بعض السلف يقول: “لا مجد إلاّ بفعال، ولا فعال إلاّ بمال”، وكان بعضهم يقول: “اللهم إني من عبادك الذين لا يصلحهم إلا الغنى”.
وأشار إلى أن المال من أسباب رضا الله عن العبد كما كان من أسباب سخطه عليه، وهذا أبو بكر، وعمر، وعثمان، والزبير، وعبدالرحمن بن عوف – رضوان الله عليهم – وغيرهم من أفضل جمهور الصحابة مع الغنى الوافر، وتأثيرهم في الدين أعظم من تأثير أهل الصفة.