كشفت دراسة بحثية حديثة أجريت في كلية الهندسة بجامعة الملك سعود، عن الخسائر المادية التي تمنى بها شركات الكهرباء نتيجة للفقد الكهربائي الذي يحدث في مكونات المنظومة الكهربائية (التوليد، النقل، التوزيع، المحطات الفرعية، المحولات، معدات التحكم والسيطرة، شبكات التوزيع).
وقال د. عبدالله بن محمد الشعلان أستاذ الهندسة الكهربائية بجامعة الملك سعود المشرف على الدراسة، أن نتائج الدراسة البحثية اوضحت أن الفقد الكهربائي ينقسم إلى قسمين الفقد الفني وهو الذي يتكون داخل تلك المكونات المذكورة بفعل سريان التيار الكهربائي خلالها، والفقد غير الفني وهو ذلك الفقد الذي يعزى إلى السرقات والتعديات التي يقوم بها بعض المشتركين من المستهلكين السكنيين أوالصناعيين أو التجاريين على الشبكات الكهربائية للشركة والاستحواذ على الكهرباء بوسائل غير قانونية وبطرق غير مشروعة. ومن أجل التخلص من ذلك الفقد الكهربائي بنوعيه أو على الأقل تقليصه إلى الحدود الدنيا وتقليل آثاره السلبية فقد خلصت الدراسة إلى وضع أسس وتصورات لحلول عملية يمكن تبنيها وتطبيقها من قبل الشركة.
ومن هذه الحلول المتعلقة بالفقد الفني وفقاً للشعلان فقد رؤي أن يتم اختيار النوعية الجيدة من الموصلات (النواقل والأسلاك) واستخدام الأحجام المناسبة لموصلات التغذية الكهربائية (الخطوط الهوائية والكابلات الأرضية)، ونقل القدرات من المحطات لمراكز الأحمال بواسطة ضغوط فولتية عالية، كذلك الأخذ فى الاعتبار معدلات نمو الأحمال المستقبلية والعمر التشغيلى والقدرات المقننة للمولدات ومعدات محطات التوزيع الفرعية لشبكات التوزيع، إلى جانب اختيار المحولات بسعات اقتصادية مثلى وتركيب عدادات عند محطات المحولات والمغذيات ونقط التغذية للمستهلك، مع قياس وتقويم وتحليل الفقد عند إعداد التصاميم والمخططات الهندسية لخطوط النقل وشبكات التوزيع لتغذية المنشآت السكنية والمناطق الصناعية والأسواق التجارية والمرافق الخدمية. وبالنسبة للفقد غير الفني قال الشعلان، إن الدراسة توصلت إلى ضرورة تركيب العدادات الإلكترونية (الذكية) ذات الدقة العالية التي لا يمكن التلاعب والعبث والتغيير في دوائرها ومكوناتها الداخلية، ما يسمح لشركات الكهرباء وعملائها بمراقبة وإدارة استخدام الكهرباء باستمرار. ونظرًا لأهمية هذه التقنيات المتقدمة وقابليتها للتطبيق، فهناك حاجة قوية للغاية للمعايير الوطنية والوعي بالقضايا المختلفة المتعلقة بعملية التطوير التقني في صناعة الطاقة الكهربائية.
كما أشار الدكتور الشعلان إلى أن لدى الشركة السعودية للكهرباء خطة استراتيجية طموحة لتطبيق العدادات الذكية خلال العشر سنوات القادمة والتي تتضمن استبدال العدادات الحالية وعددها 7,6 ملايين عداد، إضافة إلى زيادة سنوية تقدر بحوالي 500 ألف عداد يتوقع أن تصل إلى 12,5 مليون عداد بنهاية الخطة، وعلى الشركة ضرورة الاستعجال بتطبيق تلك العدادات حيث من المعروف أنها تتميز بدرحات عالية من الدقة تتطلب إجراء معايرة دورية ومنتظمة للعدادات، وإجراء القياسات الكافية لمواجهة مكامن الخلل والأعطال في مرافق الكهرباء.
وأكد الشعلان، إن التفكير في تطبيق العدادات الذكية يعتبر نقلة نوعية في تطوير الخدمات الكهربائية المقدمة من الشركة لمشتركيها حيث تتميز عن العدادات التقليدية (المطبقة والمستخدمة حالياً) بالقدرة العالية في حساب استهلاك الطاقة، بالإضافة لإمكانية الاتصال عن بعد للتعرف على حالة العداد دونما حاجة لزيارة مواقع العدادات، كما تتميز العدادات الذكية بالقدرة على تسجيل حالات التلاعب والعبث والتغيير بغية سرقة الطاقة عند محاولات فتح العداد أو عكس اتجاه التيار، كما أن العداد الذكي يتميز بإمكانية إصدار الفواتير بدقة عالية، وتقليل تدخل القراء المتسم بالعشوائية وعدم الدقة أحياناً، ما يقلل من نسبة حدوث الأخطاء البشرية وتقليل فترات انقطاع الخدمة الكهربائية. كما أن من مميزات العدادات الذكية أنها تحسب الاستهلاك تبعاً للزمن الذي تم فيه، ولذلك تعتبر عاملاً مهماً ومساعداً فاعلاً في تنظيم الاستهلاك وتوزيعه على أوقات زمنية محددة سواء أكان في فترات الذروة أو خارجها، وبذا يتيح للمستهلك اختيار الأوقات المناسبة ذات التكلفة المنخفضة لتشغيل أجهزته ومعداته، كما أنه يفيد الشركة في توزيع الأحمال وعدم تكالبها في فترات حرجة حيث يرتفع الحمل الذروي ويتعاظم استهلاك الكهرباء.