استعراض تجارب ونتائج الفكر والممارسة القيادية في المملكة العربية السعودية لا شك أنها أصبحت أكثر جذباً للباحثين عن التجارب الناجحة، استوقفتني إحدى تلك التجارب وأثارت دهشتي لما لها من الأثر الكبير على مستقبل البنية الرقمية في المملكة، تتلخص تلك التجربة في ثلاث ركائز مهمة هي الطموح العالي للمسؤول والدعم الكبير من القائد والإنجاز الذي تحقق في زمن قياسي، قصة نجاح رواها معالي المهندس عبدالله السواحه وزير الاتصالات وتقنية المعلومات في منتدى مبادرة مستقبل الاستثمار 2019، يقول في عام 2017 تحدثت إلى سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز – حفظه الله – بأن المملكة في المرتبة الثامنة عشرة في مجموعة العشرين ولا ينبغي أن تكون في المرتبة 105 عالمياً في سرعة الإنترنت، فرد عليه سمو ولي العهد ماذا تحتاج من دعم فقال له لدي خطة مدتها 3 سنوات للوصول إلى مصاف الدول الــ 30 الأولى في سرعة تحميل ورفع البيانات عبر الإنترنت ولكي أتمكن من تحقيق ذلك لدي مطلبان لكي ننجز هذا الهدف، قلت له أحتاج شيئين، أولهما أحتاج منك الموافقة على حزمة التحفيز الرقمية كي أتمكن من طرح الألياف وتقنية الجيل الخامس 5G، والطلب الثاني هو أنني أحتاج إلى دعمك شخصياً في زيادة تخصيص النطاقات الترددية والذي تملكه وزارة الدفاع من أجل زيادة الطاقة الاستيعابية للاتصالات على نحوٍ يسهم في تحسين جودة وسرعة خدمات الإنترنت المتنقلة في المملكة، فقرر سمو ولي العهد تشكيل لجنة لتنفيذ ما طالب به معالي الوزير، وفي غضون 3 أيام فقط تشكلت لجنة تمثل جميع الجهات المعنية بالموضوع، ومن تلك الثلاثة الأيام إلى اليوم، أصبحت المملكة في المرتبة الثانية بعد اليابان في قائمة دول مجموعة العشرين لمجموع تخصيص النطاقات الترددية المحددة بعد أن كانت في المرتبة الأخيرة حيث ارتفعت من 260 ميجاهرتز إلى 1110 ميجاهرتز في أقل من سنتين، وكذلك قفزت من الترتيب 105 في سرعة الإنترنت إلى المرتبة الـ 25 عالمياً وتحتل حالياً المرتبة الثالثة عالمياً في النمو الاقتصادي الرقمي والمرتبة الثالثة عشرة في حجم الاقتصاد الرقمي.
هذه التجربة الثرية بكل معاني النجاح هي بالتأكيد ضمن سلسة نجاحات في ظل قيادة تؤمن بأن العالم يتقدم فإذا لم تكن الدول لديها الطموح الكبير والهمة العالية والإنجاز السريع فإن العالم سوف يمضي ويترك تلك الدول في مؤخرة الركب ولفهم ماذا يعني دعم القيادة لأهداف وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات لتطوير البنية التحتية الرقمية التي يعتمد عليها الاقتصاد الرقمي كلياً فإننا سوف نشرح في هذا التقرير ماذا يعني لنا الاقتصاد الرقمي وكذلك إعطاء نبذة عن الأهداف التي وُضعت للوصول إلى مصاف الدول المتقدمة في مجال الاقتصاد الرقمي.
الاقتصاد الرقمي هو ذلك الاقتصاد الذي يقوم على المعلومات، ويستند بشكل رئيس على استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والاقتصاد الرقمي يتكون من مكونين أساسيين الأول الأعمال الإلكترونية والثاني التجارة الإلكترونية ويبلغ حجم الاقتصاد الرقمي في العالم حوالي 22 % من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي العالمي وتتربع الولايات المتحدة الأمريكية على عرش الاقتصاد الرقمي بأكثر من 10 تريليونات دولار حوالي 58 % من الناتج المحلي الإجمالي تليها الصين بحوالي 3 تريلونات دولار، المملكة بقيادتها الطموحة تسعى إلى أن تكون في مقدمة الدول في مجال الاقتصاد الرقمي ومن أجل ذلك هيأت البنية التحتية الرقمية لخلق اقتصاد رقمي جاذب للاستثمارات وتحقيق استدامة مثلى للموارد، وشُكلت لجنة تضم عدداً من الوزراء سميت اللجنة الوطنية للتحول الرقمي مهمتها وضع أهداف وبرامج ومبادرات التحول الرقمي وخلال السنتين الماضيتين حققت الوزارات والجهات الحكومية إنجازات عظيمة وتحقيق جزء كبير من الأهداف التي وضعت على أن تستكمل بعضاً منها في نهاية هذا العام أو العام المقبل ونستعرض بعضاً من هذه الأهداف ومستوى الإنجاز الذي تحقق.
مؤشرات الأداء للصحة الرقمية: نسبة المواطنين المسجلين في الملف الصحي الموحد الهدف 25 % في نهاية 2019 المحقق في منتصف 2019 حوالي 19 % أما عدد المواطنين المسجلين في خدمة موعد بلغ 5,5 ملايين في النصف الأول والهدف بنهاية العام الحالي 11 مليون مواطن.
مؤشرات الأداء للتعليم الرقمي: نسبة المدارس المتصلة بالأنترنت بلغت في النصف الأول 50 % والهدف 100 % بنهاية 2020 عدد المدارس المتصلة ببوابة المستقبل 1893 مدرسة والهدف 5000 مدرسة بنهاية 2020.
مؤشرات الأداء لرقمنة التجارة والاقتصاد الرقمي: عدد المتاجر في برنامج طموح 500 متجر في النصف الأول والهدف 3000 متجر بنهاية 2020 أما قيمة العمليات المنفذة فبلغت 9 ملايين عميلة بنهاية النصف الأول والهدف 30 مليون عملية بنهاية 2020 أما ما يخص العنوان الوطني والذي تعتمد عليه التجارة الإلكترونية فقد بلغت عدد عمليات استخدام العنوان الوطني بنهاية النصف الأول حوالي 29 مليون عميلة والهدف 50 مليون عملية بنهاية 2020 وعدد الجهات المرتبطة بالعنوان الوطني وصلت إلى 35 جهة في النصف الأول وتستهدف الوصول إلى 50 جهة في نهاية 2020.
مؤشرات الأداء للحكومة الرقمية: عدد الجهات المرتبطة بخدمة النفاذ الوطني الموحد بلغت بنهاية النصف الأول 69 جهة والهدف 100 جهة في نهاية 2019، أما عدد الخدمات المتاحة على قناة التكامل الحكومية GSB فبلغت 183 خدمة بنهاية النصف الأول والهدف 198 في نهاية العام الحالي أما مستوى نضج تحول الخدمات الحكومية الرئيسية إلكترونياً فقد وصلت إلى نسبة 74 % في نهاية النصف الأول متجاوزة الهدف المحدد عند 70 % أما ما يخص عدد الخدمات المرتبطة بالبوابة الوطنية Gov.sa فقد وصلت إلى 28 خدمة والهدف في نهاية هذا العام 41 خدمة.
هذه مجرد نبذة بسيطة لجهود عظيمة خلفها رجال دولة مخلصين وقيادة طامحة إلى أن تصعد بالمملكة إلى مصاف دول العالم الأول.