أنهى مجلس الشورى سنته الثالثة من دورته السابعة في الثاني من شهر ربيع الأول الجاري مقدماً رأيه في العديد من الأنظمة وتقارير أداء الأجهزة الحكومية في صورة قرارات رفعها إلى مقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – بوصفه المرجعية العليا للسلطات في الدولة، وذلك إثر دورة عمل شورية داخل المجلس ومناقشات عميقة داخل لجانه المتخصصة والخاصة، الأمر الذي مكن المجلس ليكون سنداً للدولة ودعامة من دعائم التحديث والتطوير لأجهزتها ومؤسساتها وأنظمتها.
وقد تمثلت منجزات المجلس في السنة الثالثة في حجم القرارات ونوعيتها التي أصدرها في جلساته الـ65 جلسة التي عقدها، قرارات لامست هموم واحتياجات المواطن، وتوخت المصالح العليا للدولة والوطن من خلال دراسة مشروعات الأنظمة، والاتفاقيات والمعاهدات الدولية، ومناقشة تقارير أداء الأجهزة الحكومية بحضور المسؤولين فيها وفق عمل شوري يقوم على البحث والدراسة واستطلاع الآراء والنقاش وتداول للرأي.
في الشأن الإسلامي والقضائي أصدر المجلس عدداً من القرارات التي تستهدف تطوير العمل في القضاء والتحقيق والادعاء العام والشؤون الإسلامية، حيث طالب المجلس وزارة الشؤون الإسلامية بـتقويم أعمال التوعية الإسلامية، وتطويرها في الحج، والعمرة، والزيارة، وطالب وزارة العدل بزيادة عدد الوظائف الإدارية التي تخصصها لتعيين النساء في المحاكم وكتابات العدل، بما يتناسب مع حاجاتها، واختلاف اختصاصاتها، وضمان حق الأم الحاضنة في أجرة المسكن ضمن قضايا النفقة؛ بالتنسيق مع المجلس الأعلى للقضاء.
وقد وافق مجلس الشورى على مشروع نظام التوثيق، واستمرار العمل برخص الموثقين ومأذوني الأنكحة الصادرة قبل صدور نظام التوثيق حتى انتهاء مددها، وتجدد وفقاً لأحكامه، ودعا المجلس في قرار آخر وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد إلى التـنسيق مع وزارة الخارجية؛ لتسهيل مهام العاملين بالخارج في الملحقيات الدينية، ومكاتب الدعوة، والمراكز الإسلامية التابعة للوزارة والتـنسيق مع وزارة المالية لتوفير الدعم اللازم لتكثيف المناشط الدعوية والتـثـقيـفية؛ لمواجهة الغلو والتطرف والإرهاب.
وفي قطاع الصحة طالب مجلس الشورى هيئة الهلال الأحمر السعودي بالتوسع في استخدام التقنيات الحديثة للوصول إلى الحالات الإسعافية بأسرع وقت وطالب المجلس وزارة الصحة بالعمل على بناء نظام حوكمة فعَّال يضمن الشفافية، والعدالة، والمساءلة، ويوفر المعلومات المالية، ويحدد المسؤوليات الإدارية، وينشر التقارير الرقابية ضمن مشروع التحول المؤسسي وتكوين الشركات الحكومية، وضمان مسؤوليتها المباشرة عن الرعاية الصحية الأولية، وإعداد الكوادر الطبية اللازمة لذلك في ظل التحول المؤسسي القادم.
وفي الجانب التعليمي طالب مجلس الشورى هيئة تقويم التعليم والتدريب بالتركيز على الاستفادة من الخبرات الوطنية وبيوت الخبرة المحلية، وتقليل الاعتماد على الخبرات الأجنبية، كما طالب المجلس مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية بالعمل على تسهيل إجراءات البحث العلمي، والتطوير التقني، والنشاط الابتكاري بالمملكة، وفق إطار الحوكمة، ودعا مجلس الشورى المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني إلى التنسيق مع الجهات المشرفة والمنفذة لمشروعات: (نيوم، والبحر الأحمر، والقدية)، وغيرها من المشروعات المستقبلية، والبدء في تطوير برامجها وخططها الدراسية بما يفي بسد احتياجات تلك الجهات من الكفاءات الوطنية المهنية والفنية.
وطالب المجلس وزارة التعليم بدراسة وضع آلية للتعاقد مع السعوديين المؤهلين من حملة الشهادات العليا للعمل في الجامعات السعودية، ودعا المجلس الوزارة إلى إجراء دراسة لإيجاد حل لاستيعاب خريجي وخريجات كليات المجتمع وكلية التربية في قطاع العمل العام والخاص، وفي حقوق الإنسان والهيئات الرقابية أكد مجلس الشورى على أهمية الدور الذي تقوم به هيئة الرقابة والتحقيق، إذ طالبها في هذا الشأن بالإسراع في إصدار نظام هيئة الرقابة والتحقيق ومتابعة نتائج الرقابة ومواطن القصور في الخدمات المقدمة للحجاج والمعتمرين ومساكنهم، والتأكد من تنفيذها من الجهات المختصة.
وفي الشأن الثقافي والإعلامي طالب الشورى المركز الوطني للوثائق والمحفوظات بـتنظيم الوثائق التاريخية المحفوظة لديه وإتاحتها للباحثين والدارسين بوصفها مصادر مهمة لتاريخ المملكة، ودعا الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع إلى تكثيف جهودها التقنية والقانونية والميدانية لضبط سوق الألعاب الإلكترونية في المتاجر، والأسواق، وفي الفضاء الإلكتروني؛ بما يتفق والتصنيفات والأنظمة المحلية والدولية، وفي الشأن الاقتصادي وافق مجلس الشورى على مشروعي نظام الشركات المهنية، ونظام صندوق الاستـثمارات العامة، وطالب في قرار آخر الهيئة العامة للاستثمار بإيلاء اهتمام أكبر بالمستثمر المحلي وتحفز رأس المال السعودي للاستثمار المحلي والسعي لتشجيع الاستثمارات الوطنية، وطالب الهيئة العامة للمنافسة بالتنسيق مع الهيئة العامة للغذاء والدواء، ومجلس الضمان الصحي؛ لدراسة معدلات التركز الاقتصادي، وتعزيز المنافسة العادلة، ومنع الممارسات الاحتكارية في قطاعات الأدوية والمنتجات الصحية والتأمين الصحي.
وقد طالب المجلس هيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج بالإسراع في وضع الآلية المناسبة لحساب تعريفة الطاقة المصدرة للشركة السعودية للكهرباء من استخدام الطاقة الشمسية الكهروضوئية الصغيرة، ودعا المجلس الهيئة إلى وضع خطة عاجلة لمواجهة الأسباب التـنـظيمية والإدارية والفنية للانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي في مختلف مناطق المملكة، ومعالجة ما قد يترتب عليه من أضرار، ووضع آلية عادلة لتعويض المتضررين.
ودعا المجلس وزارة الخدمة المدنية إلى العمل على تنفيذ الأمر السامي المتعلق بتوحيد سلالم رواتب الموظفين في جميع الوزارات والهيئات العامة والصناديق، والرفع للمقام السامي الكريم بذلك، كما دعا المجلس وزارة الخدمة المدنية إلى دراسة حساب سنوات خدمة المعلمين والمعلمات المثبتين على وظائف رسمية الذين سبق لهم العمل على بند محو الأمية والبديلات، لغرض التقاعد، وذلك بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة.
ودعا الشورى مجلس شؤون الأسرة إلى بناء ثقافة الإنتاجية والاعتماد على الذات للأسرة وتعزيزها كأحد المحاور الاستراتيجية، وإعطاء الأولوية لتحقيق هدفه العام بإعداد مشروع استراتيجية للأسرة بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة، وطالب وزارة العمل والتنمية الاجتماعية بإطلاق مبادرة تستهدف أبناء الشهداء بالرعاية، وتقديم الدعم لهم، ومتابعتهم حتى يصلوا للتمكين، والاعتماد على النفس، وكثف المجلس عمله حول توفير المسكن المناسب للمواطنين والمحاولة في حل مشكلة الإسكان وطالب المجلس في هذا الشأن وزارة الإسكان توضيح عدد المنتجات المسلّمة فعلياً للمواطنين ضمن برنامج “سكني”، وما لم يسلّم، وأسباب عدم التسليم، وطالب الشورى صندوق التنمية العقارية بالعمل على إيجاد برامج تيسر استـفادة الأسر الضمانية من برامج الصندوق، بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة والتنسيق مع جهات التمويل للقرض غير المباشر، في توحيد شروطها، بما يضمن الاستفادة العادلة لكل شرائح المواطنين المحولين على هذا النظام.
وطالب الشورى الجوية العربية السعودية بدراسة سبل تخفيض تكاليف المحطات الداخلية والدولية الإلزامية غير الربحية، ومنها خدمات الطيران الاقتصادي لشركة (طيران أديل)، أو غيرها من وسائل الطيران المنخفض التكاليف، ودعا المجلس الهيئة العامة للطيران المدني إلى رفع مستوى خدمات بقية المكاتب التنفيذية في مطارات المملكة أسوة بالمطارات الرئيسة والتوسع في إصدار تصاريح شركات الخدمات الأرضية؛ لزيادة المنافسة وتحسين الجودة وإلزام شركات الطيران بتطبيق الآليات والضوابط المتبعة عند تأخر الرحلات؛ لضمان حقوق المسافرين، وطالب الشورى وزارة البيئة والمياه والزراعة السعي إلى إنشاء مركز وطني لكفاءة استخدام المياه، والتنسيق مع وزارة الشؤون البلدية لمعالجة تلوث المياه السطحية والجوفية لجميع مناطق المملكة وسرعة تنفيذ نتائج الدراسة المتعلقة بإنشاء شبكة نقل للمياه تربط مناطق المملكة، وتوفير الدعم المالي لها.
ودعا المجلس الوزارة إلى استكمال تنفيذ مشروعات الصرف الصحي ومعالجة التسربات في شبكات المياه، وإعطاء أولوية للأحياء الأكثر تضرراً، ودراسة تحويل المؤسسة العامة للحبوب إلى هيئة عامة للأمن الغذائي، وطالب بإنشاء محطات جديدة خارج النطاقات العمرانية المعتمدة للمدن، ونقل المحطات الحالية التي تسبب ضرراً على السكان، والنواحي الاقتصادية، والسياحية، والبيئية، وطالب الشورى التأمينات الاجتماعي بدراسة نظام (ساند) وتقييمه من حيث شروط الاستحقاق، ونسب الاشتراك، والمنافع، واقتراح الأداة التنظيمية المناسبة التي تتكفل بتحمل صاحب العمل الحكومي أي تكاليف إضافية نتيجة للتحول نحو التشغيل الذاتي، ودعا مجلس إدارة الهيئة العامة للزكاة والدخل بتكثيف عمليات الفحص الميداني للشركات التي تخضع لنظام ضريبة الدخل، للرفع من مستوى تحصيل الضرائب، وعدم فرض زكاة على رأس المال التقديري الموضح في السجل التجاري، وعدم اعتباره وعاءً زكوياً.
ودعا المجلس وزارة الخارجية إلى دراسة إنشاء هيئة مستقلة للإعلام الخارجي، ترتبط بمجلس الشؤون السياسية والأمنية، تتولى جميع مهام الإعلام الخارجي، ووضع خطة عمل متكاملة؛ لتوظيف السعوديين والسعوديات في المنظمات الإقليمية والدولية، وترشيحهم للمواقع القيادية في هذه المنظمات بما يتناسب مع حجم دعم المملكة لها، ووافق المجلس على مشروع تعديل نظام مكافحة الرشوة وإعادة هيكل تأشيرات الزيارة والحج والمرور.