سجّل أداء دول اتفاق OPEC+ تحسناً في مستويات الامتثال بالحصص الإنتاجية للأعضاء على أساس شهري (سبتمبر – أكتوبر) بـ 233 ألف برميل يومياً كزيادة في التشديد على المعروض النفطي، وجاءت في مقدمة الدول التي قلّصت من معروضها النفطي الإكوادور بـ 100 ألف برميل يومياً التي تراجع إنتاجها من 548 ألف برميل يومياً في سبتمبر إلى 448 ألف برميل يومياً في أكتوبر، تليها العراق بـ 42 ألف برميل يومياً وذلك من 4.732 ملايين برميل يومياً إلى 4.690 ملايين برميل يومياً ثم نيجيريا بـ 37 ألف برميل يومياً وذلك من 1.848 مليون برميل يومياً إلى 1.811 مليون برميل يومياً، وتأتي هذه البيانات بزيادة مقدارها 146 ألف برميل يومياً عن مقدار تغيّر الإنتاج للدول الأعضاء ما بين شهري أغسطس وسبتمبر الماضيين، يستثنى من مقدار التغيير في الإنتاج لدول OPEC+ الإنتاج النفطي السعودي الذي عاود الرجوع إلى مستويات إنتاجه الطبيعية عقب الحادثة الإرهابية التي تعرضت لها المنشآت النفطية السعودية منتصف سبتمبر الماضي.
وللأهمية البالغة التي يمثّلها اتفاق OPEC+ في دعم أسواق النفط ومدافعة عوامل الضغط فإنه يستلزم رفع معدل امتثال الأعضاء بالحصص الإنتاجية الطوعية، فالبيانات التاريخية بـ (مركز الرياض للمعلومات والدراسات الاستشارية) تشير إلى أن إجمالي حجم الطاقة الإنتاجية التي تسرّبت من اتفاق الخفض خلال الفترة (يناير – أكتوبر) للعام الجاري 2019م بلغت 7,5 ملايين برميل جاءت من الدول الأقلّ امتثالاً (الكونغو – الغابون – العراق – نيجيريا – أذربيجان – ماليزيا – روسيا) ودول تحسّن أداؤها (الإكوادور – الجزائر – كازاخستان)، وقد خففّ من وطأة تأثير الطاقة الإنتاجية المفقودة على الأسواق النفطية الامتثال الأعلى من الحصص الطوعية لذات الفترة من دول أخرى، حيث بلغ ما يقارب 9.5 ملايين برميل، والدول التي رفعت من امتثالها لأعلى من الحصص المقررة (السعودية – أنغولا – الكويت – البحرين – بروناي – المكسيك – الجزائر – غ.الاستوائية – كازاخستان – الإمارات)، لذا من الأهمية البالغة التهيئة الداخلية والتصحيح للاتفاق قبل البدء في مواجهة التحديات التي ستقابل المنظمة والحلفاء بعيد مطلع العام المقبل 2020م.
وتعزى حالة الاستقرار التي تمر بها أسواق النفط حالياً إلى عددٍ من عوامل الدعم من أهمها اتفاق OPEC+ وتراجع مستويات الإنتاج في ليبيا والحظر النفطي المفروض على صادرات إيران النفطية، كذلك الإنتاج الفنزويلي، فقد دلّت المؤشرات على تراجع الإنتاج الإيراني خلال الفترة (يناير – أكتوبر) للعام الجاري 2019م بمقدار 608 آلاف برميل يومياً وذلك من 2,754 مليون برميل يومياً في يناير إلى 2.146 مليون برميل يومياً في أكتوبر الماضي، كذلك الإنتاج الفنزويلي فقد تراجع لذات الفترة بـ 419 ألف برميل يومياً وذلك من 1.106 مليون برميل يومياً في يناير إلى 687 ألف برميل يومياً في أكتوبر، أما الإنتاج الليبي فرغم تحقيقه قفزة تصاعدية في الإنتاج ما بين يناير وأكتوبر للعام الجاري إلا أنه ما زال يفتقد لعامل الاستقرار وارتفاع معدل المخاطرة في القطاع النفطي هناك، كذلك من أهم العوامل الداعمة لسرعة التعافي في الأسواق النفطية عدم وجود فوائض ثقيلة بقطاع النفط العالمي إلى الآن، فأوساط الصناعة تشير إلى أنها تدور حول الـ 28 مليون برميل في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، إلا أن التحديات ما زالت قائمة أمام استقرار أسواق النفط من خلال قدوم المزيد من الطاقة الإنتاجية للأسواق العالمية التي تقدّر بـ 4 ملايين برميل يومياً من كندا والبرازيل والنرويج وغينيا، لذلك فالمسارات المتوقعة للأسواق النفطية في العام القادم عديدة، لكنها ليست بحجم السوء المحيط بغالبية توقعات أوساط الصناعة النفطية العالمية، فتعاطي منظمة أوبك مع المستجدات التي تطرأ على الأسواق النفطية تتميز بمرونة عالية ذات قدرة على امتصاص تأثير المستجدات بالأسواق العالمية، غيرَ بعيد من ذلك يشكّل الاجتماع الوزاري لمنظمة أوبك في سبتمبر القادم أحد المكونات الرئيسة لما ستتشكّل عليه الأسواق غالبية العام 2020م من حيث ثبات عوامل الدعم وتعزيزها، فمخرجات الاجتماع غير واضحة تماماً إلا أن الإرهاصات الأولية تشير إلى وجود نية في تمديد الاتفاق والعمل بسياسة تقييد الإنتاج التي حققت تأثيراً واضحاً في الأسواق النفطية خلال العام 2019م.