حققت المملكة تقدماً كبيراً في عكفها على إصلاح منظومة الطاقة لديها بالكامل ومنها إطلاق برنامج تكامل منظومة الكهرباء وإعادة هيكلة القطاع وتحسين كفاءته في كافة أصعدته بدءاً من الاستغناء عن استخدام النفط الخام وغيره من أشكال الوقود السائل بشكل مباشر لتشغيل المحطات الكهربائية بالمملكة، وإحلالها بالغاز الطبيعي صديق البيئة الأقل كلفة والأكثر كفاءة وفاعلية لإمدادات كهربائية موثوقة، حيث يتوقع على مدى السنوات العشر القادمة الانتهاء فعلياً من حرق السوائل في منشآت مرافق الكهرباء فيما ستنمو حصة إنتاج الكهرباء من الغاز من 50 % حالياً إلى 70 % وهو أعلى معدل بين دول مجموعة العشرين.
ويحمل وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان باهتمام بالغ محفظة هذا التحول الكبير في مدخلات وقود تشغيل محطات الكهرباء الضخمة المنتشرة في أنحاء المملكة باستبدال النفط بالغاز، في وقت تظل الكهرباء أكبر مستهلك للنفط وأصبح وقف هدر أكثر من ثلاثة ملايين برميل من النفط الخام يوميا أمراً حتمياً في ظل التحول الكبير في السياسة النفطية لشركة أرامكو التي بدأت تتجه لتعظيم القيمة المضافة من كل برميل نفط تنتجه لأداء دور أقوى لخلق منتجات جديدة مبتكرة من مشتقات النفط والكيميائيات وتطوير إنتاج النافثا من النفط وغيرها من المنتجات الأساسية العطرية.
ومع تشديد حكومة المملكة على التركيز الأكبر على تحسين كفاءة الطاقة أيضاً في قطاعات الصناعة إجمالاً والإنشاءات ووسائل النقل والتي تشكل استخداماتها للطاقة نسبة 94 % في المملكة، الأمر الذي قابلته وزارة الطاقة بمحمل الجد والتفاعل حيث لوح وزير الطاقة أخيراً بالنتائج المتقدمة للبرنامج السعودي لكفاءة الطاقة الذي مكن المملكة من خفض كثافة استخدام الطاقة بنسبة 8 %، في الوقت الذي انخفضت أيضاً كثافة استخدام الطاقة في قطاع البتروكيميائيات بحوالي 3 %، وفي صناعة الصلب بحوالي 2 %، مع تحسن متوسط كفاءة استهلاك الوقود في السيارات بنسبة 11 %، إضافة إلى تحسن كفاءة أجهزة وآليات مكيفات الهواء بنسبة 57 %.
وقررت الحكومة بالفعل أن تعمل على خفض الطلب المحلي على الطاقة في المملكة بأكثر من مليونين برميل يوميا من المكافئ النفطي بحلول 2030 بالمقارنة مع التقديرات السابقة. بينما يستشهد وزير الطاقة بقوة المملكة في احتواء وتطويع الكربون باحتضان المملكة أكبر مصنع في العالم لاحتجاز الكربون وتخزينه واستخدامه وتحويل نصف مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً إلى منتجات خام مفيدة ومنها الأسمدة والميثانول.
وكان أمر التوسع في أعمال الغاز في المملكة هدفاً استراتيجياً تسعى أرامكو لتحقيقه لتلبية الطلب المحلي الكبير والمتزايد على الطاقة النظيفة منخفضة التكلفة مدفوعة بمتطلبات توليد الكهرباء وتحلية المياه وإنتاج البتروكيميائيات بالإضافة إلى استهلاك الصناعات الأخرى في المملكة. ويوفر إنتاج الشركة من الغاز كذلك سوائل الغاز الطبيعي بما في ذلك الإيثان والمكثفات التي تكمل إنتاج الشركة من النفط الخام وتوفير اللقيم لقطاعات التكرير والبتروكيميائيات. فيما تسعى الشركة أيضاً بمرور الوقت إلى تطوير محفظة غاز عالمية متكاملة وتتابع الاستثمار واقتناص فرص المشروعات المشتركة خارج المملكة في مشروعات الغاز الطبيعي وسوائل الغاز الطبيعي.
وتحتل المملكة المرتبة السابعة في قائمة أعلى الدول من حيث الطلب على الغاز الطبيعي على مستوى العالم في 2018 ويتوقع ارتفاعه داخل المملكة بمعدل نمو سنوي مركب 3,6 % سنوياً من عام 2017 إلى عام 2030. ونتيجة لذلك، فقد قامت الشركة بين عامي 2003 و2018 بزيادة طاقة معالجة الغاز لديها بشكل كبير وتنوي مواصلة رفع طاقة المعالجة هذه خلال السنوات القليلة المقبلة. فيما يتوقع أن يتجاوز معدل الزيادة في الطلب العالمي على الغاز الذي سيرتفع بمعدل نمو سنوي مركب نسبته 1,7 % خلال الفترة نفسها.
ومن المتوقع أن تزيد الطاقة الاستيعابية لتوليد الكهرباء باستخدام الغاز الطبيعي بمعدل نمو سنوي مركب قدره 3,1 % خلال الفترة من عام 2017 إلى عام 2030 في حين أن الكهرباء التي يتم توليدها باستخدام الغاز الطبيعي كلقيم ستمثل حوالي 70,8 % من الكهرباء التي يتم توليدها في المملكة في 2030، بمعنى أنها سترتفع من 60,3 % كما في 2017، فيما يتوقع أن تنخفض حصة النفط للكهرباء من 39,7 % إلى 19,8 %.
وعلى الرغم من أن هناك توقعات باستخدام معظم إمدادات الغاز الطبيعي الإضافية لتلبية الطلب الجديد على الكهرباء، فإن بعض كميات الغاز الطبيعي ستحل محل كميات النفط الخام المستخدم حالياً في توليد الكهرباء، ويتوقع اجمالاً أن تؤدي هذه الخطوات إلى إعادة تخصيص النفط الخام المستخدم كخام لتوليد الكهرباء وتحويله إلى صادرات. كما يتوقع أن يكون قطاع التكرير والقطاع الصناعي دافعين ثانويين للطلب على الغاز الطبيعي في المملكة حتى نهاية 2030، حيث يتوقع أن يرتفع الطلب بمعدل نمو سنوي مركب قدره 9,6 % و4,6 % على التوالي خلال الفترة من 2017 إلى 2030. وتتكون البنية التحتية الخاصة بالغاز وسوائل الغاز الطبيعي للشركة من ثمانية معامل لمعالجة الغاز في البري، وشدقم والعثمانية والحوية وحرض والخرسانية وواسط ومدين والفاضلي والأخير قيد الإنشاء حالياً. كما تضم بنية الغاز معملين لاستخلاص سوائل الغاز الطبيعي في الحوية والشيبة، ومعمل استخلاص الإيثان بالتبريد الشديد في العثمانية والأخير أيضاً قيد الإنشاء في الوقت الحالي. إضافة إلى أربعة معامل لتجزئة سوائل الغاز الطبيعي في الجمعية وينبع ورأس تنورة وواسط، فضلاً عن شبكة الغاز الرئيسة.