أبدت مجموعة سامبا المالية ارتياحًا حيال خطط الإنفاق الحكومي لعام 2020 وفق ما تضمنه البيان التمهيدي للميزانية العامة للدولة لعام 2020، الذي أصدرته وزارة المالية السعودية مؤخرًا، وأشارت خلاله إلى توقعاتها بخفض الإنفاق بمقدار 28 مليار ريال في الميزانية المقبلة، حيث اعتبرت سامبا أن هذه الخطوة تعد إشارة مشجعة فيما يخص الانتقال إلى استراتيجية «إنفاق أكثر كفاءة وأفضل توجيهًا».
ورأت سامبا في قراءتها للبيان التمهيدي للميزانية العامة للدولة لعام 2020 ضمن تقريره الاقتصادي الربعي الذي أصدره حديثًا، أن توجه الدولة إلى خفض حجم الإنفاق سيكون قابلًا للتحقيق عن طريق زيادة كفاءة الإنفاق، الذي سيكون «لمركز تحقيق كفاءة الإنفاق» دور رئيس لتحقيقه، في الوقت الذي رجّح فيه التقرير أن يتحمّل صندوق الاستثمارات العامة قدرًا كبيرًا من الإنفاق الرأسمالي الحكومي، وذلك من خلال مقابلة أي تقليص في حجم الإنفاق الحكومي بمبادرات موازية من قبل الصندوق، وربما تزيد على معدل ذلك التقليص، في إشارة إلى الدور الريادي الذي اضطلع به الصندوق خلال الفترة الماضية عبر المبادرات التي تبناها كمشروع «القدية»، ومشروع تطوير السياحة في البحر الأحمر.
براعة «مكتب الدين العام» بتبديد الهواجس حيال العجز المتوقع في العام المقبل
وأشار التقرير إلى أن خفض الإنفاق الإجمالي يعد السمة الأبرز للبيان التمهيدي للميزانية. ويرى فيه تقرير سامبا أن توقعات البيان التمهيدي للميزانية، أن يبلغ العجز خلال العام المقبل 187 مليار ريال بما يمثل 6.5% من توقعات الناتج المحلي الإجمالي على الرغم من هذا الخفض في الإنفاق، يدل على أن الجهات الحكومية قد أحكمت النظر في أسعار النفط لعام 2020م (التي ربما تصل إلى 60 دولارا للبرميل – نفط برنت). واعتبرت سامبا أنه على الرغم من أن العجز المتوقع في الميزانية المقبلة يعد الأكبر منذ عام 2017م، إلا أن «مكتب إدارة الديون» قد أظهر البراعة خلال الفترة الماضية في إدارة إصدارات ديون الحكومة ومتطلبات التمويل المالي، ما يبدد أي هواجس حيال توقعات السيولة.
وقللت سامبا من مخاوف العودة إلى تكرار سيناريو عامي 2015 و2016م بحدوث انكماش اقتصادي وتحديدًا فيما يخص القطاع الخاص، جرّاء التوقعات بخفض الإنفاق الحكومي، مشيرًا إلى أن الخطوة الحكومية هذه المرة ستحدث على نحو طبيعي، وتأتي كنتاج ثانوي لزيادة كفاءة الإنفاق وتحسين توجيهه، خاصة من خلال مضي مركز تحقيق كفاءة الإنفاق في مهمته الرامية إلى ضمان التزام الوزارات بحدود الميزانية الموضوعة لها، ومساعدتها على تحقيق أفضل سعر ممكن في التعاقدات مع الحفاظ على القيمة، الأمر الذي سيعد ركيزة أساسية لتحقيق خفض الإنفاق دون المساس بالاقتصاد المحلي.
وأعربت سامبا عن ثقتها بأن يكون القطاع الخاص قادرًا على النجاح في مواجهة أي تحديات تكتنف تطبيق الاستراتيجية التي كشف عنها البيان التمهيدي للانتقال إلى إنفاق أكثر كفاءة وأفضل توجيهًا، ما يجعل من غير المتوقع أن يكون للخفض في الإنفاق الحكومي للعام المقبل 2020، أي أثر سلبي على القطاع الخاص أو نشاطه، لا سيما في ظل حزمة الأدوات التي تبنتها الحكومة لتحفيز دور القطاع الخاص، وتقوية أدائه على النحو الذي يجعله قادرًا بما يكفي لمواجهة أي تخفيض مُحتمل في الإنفاق.
وقد أشار «البيان التمهيدي للميزانية» إلى أن خطة تحفيز القطاع الخاص قد أعادت النشاط لذلك القطاع، معتبرًا أن الأداء القوي لقطاعي التجارة والتشييد والبناء في الأرباع السنوية الأخيرة يعد دلالة على ذلك، يضاف إلى ذلك ما أنجزته الخطة من دعم مستهدف للشركات في عدد من القطاعات التي ترغب الحكومة في تطويرها، وكذلك المنشآت الصغيرة والمتوسطة التي يتعاظم دورها في توفير فرص عمل.
ولفتت سامبا في تقريرها إلى ما احتواه البيان التمهيدي من إشارة إلى برنامج «الإسكان» الذي مثل بندًا مهمًا من بنود الإنفاق خلال العامين الماضيين، حيث تتسارع وتيرته في الوقت الحالي على النحو الذي يكفي لتتيح الحكومة دورا أكبر للقطاع الخاص في ظل تزايد إقبال المطورين العقاريين على المشاركة في البرنامج، وتنامي دورهم على نحو مميز أسهم في توفير البرنامج 240,000 وحدة سكنية، الأمر الذي تؤيد سامبا اعتباره مصدر فخر حقيقيا.
كما استعرض التقرير عددًا من المبادرات التي تبنتها الحكومة لتحفيز نمو القطاع الخاص، كما جاءت في البيان التمهيدي للميزانية سعيًا وراء تحسين بيئة الأعمال التي من شأنها أن تسهم في تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار حتى في حال خفض الإنفاق الحكومي. ومن بينها إقرار نظام «الإفلاس»، الذي لاقى ارتياحًا لدى المستثمرين والمُقرضين، ونظام «الرهن العقاري» الذي ساهم في تحسين بيئة القروض العقارية، فيما تعتبر سامبا أن القفزة التي سجلتها المملكة في مرتبتها ضمن قائمة تصنيفات سهولة ممارسة أنشطة الأعمال الصادرة عن البنك الدولي بتقدم قدره 30 مرتبة يعكس إلى حد كبير الأثر الإيجابي لهذه التطورات التشريعية.
وإزاء ذلك، تجد سامبا أن القطاع الخاص يمتلك من الأسباب الكافية التي تدفعه إلى الاستثمار في ظل بيئة الأعمال المواتية، والإمكانات الواعدة المحيطة بعدة قطاعات استثمارية من بينها «قطاع السياحة والترفيه» و قطاع «الخدمات اللوجستية» وقطاع «التصنيع والتعدين».
وعلى الرغم من اعتقاد الجهات الحكومية بأن الاستمرار بمسيرة الخصخصة سيتيح لها – كخطوة إضافية – خفض نفقاتها عن طريق بيع الأصول وإسناد تقديم الخدمات إلى القطاع الخاص، والتقدم الذي أحرزته في هذا الجانب كالشراكات بين القطاعين العام والخاص في قطاعي الصحة والطاقة، إلا أن سامبا في تقريرها ترى أن وتيرة الخصخصة لا تبدو أنها تتسارع بما يكفي لإحداث اختلاف كبير في النفقات الحكومية عام 2020.