نوه محللو نفط عالميون بالدور الاستراتيجي للمملكة في توجيه سوق الطاقة العالمي وقيادته للاتزان والاستقرار المستدام في 2020، بعد أن تحملت الكثير من اضطرابات السوق في 2019، وعلى الرغم من عدم استقرار أسعار النفط والتي تخوض موجات من التقلبات الكبرى المنجرفة بالأحداث العالمية إلا أن المملكة تحاول أن تخفض أكثر من الحصص المحددة لها من 9,9 ملايين برميل إلى 9,7 ملايين برميل يومياً، متسائلين حول سبب سعي المملكة لخفض أكثر مما التزمت به ثم تنوي خفض أكثر في ظل عدم استقرار السوق، مبررين في الوقت ذاته لأن السوق تتطلب ذلك مع بوادر وجود مخزون إضافي في الربع الأول 2020، حيث رأت المملكة بأن أفضل شيء يمكن عمله هو التقليل الاحترازي للإنتاج للتأكد من مواءمة المخزون العالمي بينما العالم يمضي قدما لعام 2020 بمزيد من التفاؤل.
وتوقعت شين كيم رئيسة قسم تحليلات الإمداد والإنتاج في «قلوبال بلاتس» أن يتجاوز نمو المعروض العالمي من النفط نمو الطلب في العام 2020، لكن هذا لا يجعل السوق غير مستقر، فيما ستنخفض الأسهم قليلاً على مدار العام حيث يجب أن تعوض الإمدادات عن عجز أوسع من نهاية العام 2019. وقالت: «من المتوقع أن يستقر الاقتصاد العالمي في 2020، حيث يستجيب صانعو السياسات لدعم الاقتصاديات في جميع أنحاء العالم»، متوقعة أيضاً أن يتسارع نمو الطلب العالمي على النفط إلى 1.2 – 1.3 مليون برميل في اليوم في 2020، من أقل قليلاً من مليون برميل في 2019، ولكن التحسن يرجع بشكل كلي تقريبًا إلى التغييرات في مواصفات وقود السفن بما يتفق مع التشريعات الدولية الجديدة التي قررت خفض نسبة الكبريت في وقود السفن من 3.5 % إلى 0.5 % ابتداءً من 1 يناير 2020.
ولفتت إلى أن نمو الطلب الأساسي يعد ثابتا عند نحو مليون برميل يوميًا في 2020 حتى من دون تغيير مواصفات وقود السفن، في حين سوف يكون الدافع وراء نمو الطلب من الصين والهند والأسواق الناشئة، متوقعة أن ترى قوة في قطاع البتروكيميائيات الأميركي، ومن المتوقع أن يتحسن نمو المعروض العالمي من النفط بشكل كبير في 2020، حيث نما بنسبة 1.7 مليون برميل في اليوم، بعد تقلص بنسبة 0.1 – 0.2 مليون برميل في اليوم في 2019. ولن يتبقى سوى القليل من المعروض من أوبك ليخسره في العام 2020، بعد مليوني برميل في اليوم من الخسائر في 2019 المرتبطة بالعقوبات الأميركية على النفط الإيراني والفنزويلي.
فيما تواصل المملكة العربية السعودية ممارسة ضبط النفس في تزويد الأسواق لدعم الأرصدة والأسعار، ما دام بقية أوبك وحلفائها يشاركون في الخفض، كما لوحظ في اتفاقية خفض الإنتاج في ديسمبر. ومن المقرر أن يتباطأ نمو النفط الصخري في الولايات المتحدة من 0.7 إلى 0.8 مليون برميل في اليوم، من أكثر من مليون برميل في اليوم خلال العامين السابقين، على الرغم من أن المساهمات ستظل ذات مغزى ومهمة. وفي أماكن أخرى، يتم إطلاق مشروعات جديدة كبرى عبر البلدان غير الأعضاء في منظمة أوبك، مثل حقل «ما قبل الملح» في البرازيل، وحقل «يوهان» العملاق في النرويج، وأول مشروع في غيانا في المناطق المرتفعة.
وستبقى المخاطر الجيوسياسية على العرض مرتفعة حيث يجب أن تستمر قيود الصادرات الأميركية على النفط الإيراني حتى العام 2020 بأكمله، وستستمر إيران في الضغط على العقوبات، ومن المتوقع حدوث المزيد من المناوشات في ناقلات النفط وربما حتى الهجمات على البنية التحتية للنفط في المنطقة، على عكس الهجوم الكبير على منشآت بقيق السعودية في 14 سبتمبر الماضي. ومن الممكن إجراء محادثات نووية جديدة بين الولايات المتحدة وإيران، رغم أنها غير مرجحة. ومع ذلك، ستستمر إمكانية الحصول على مليوني برميل يوميًا من النفط الإيراني مرة أخرى إلى السوق، والتي تعتمد على سياسة العقوبات الأميركية غير المتوقعة، لتكون بمثابة عبء عرض محتمل يؤثر على السوق.
يشار إلى أنه تم الاتفاق على تخفيضات أوبك+ بقدرة 2,1 مليون برميل في اليوم حتى مارس 2020، بينما توقع بعض المراقبين أن تستمر حتى يونيو أو حتى ديسمبر 2020. فيما عارضت روسيا صفقة أطول والتي يفسرها بعض المحللين على أنها علامة قد ترغب في ترك الاتفاق قريبًا. فيما ترى المملكة أن التعاون مع روسيا سيستمر حيث تريد أوبك ببساطة أن تكون أكثر مرونة في ضبط الإنتاج والاستجابة لاحتياجات السوق في وقت تلتزم المملكة مع روسيا ببرنامج تعاون مشترك ضخم إلى جانب النفط.