قال إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ صالح بن حميد المسلمين في خطبة الجمعة: أن العبادة بغير نية عناء، والنية بلا إخلاص رياء، والإخلاص من غير اتباع هباء، ورأس مال العبد نظره في حقوق ربه، ثم نظره هل أتى بها على وجهها وكما ينبغي.
وذكر أن فعل الطاعات، وأداء العبادات، قد يكون سهلاً وميسورا ً، مع ما قد يلاقي العبد من بعض المشقة في أدائها، لكن الأهم من ذلك كله المحافظة والحرص عليها، حتى لا تذهب هباء منثورا، فترى العبد يصلي الصلوات الخمس مع المسلمين في مساجدهم، ويصوم ويحج ويعتمر ويزكي، ويصل الرحم، ويعمل أعمال الخير والبر، ثم يستحوذ عليه الشيطان، فيوقعه في أعمال محبطة، وأمور مبطلة، فيذهب تعبه، ويخسر أخرته – عياذاً بالله -، وأن محبطات الأعمال هي أشد ما ينبغي على المسلم الحذر منه، والتنبيه له، والإحباط هو إبطال الحسنات بالسيئات.
وأوضح بن حميد إلى أن من المحبطات ما يحبط جميع الأعمال من الكفر والردة، والنفاق الأكبر الاعتقادي، والتكذيب بالقدر، وهذا هو الإحباط الكلي ،ومنها إحباط جزئي لا يذهب بالإيمان، ولكن قد يبطل العبادة التي يقترن بها بسبب المعاصي والذنوب، كما ينقص الأجر والثواب، وقد يرقى إلى الإحباط الحقيقي نسأل الله العافية.
وبين خطيب المسجد الحرام أن من المحبطات: التألي على الله: وهو استبعاد الخير عن أخيك المسلم، فمن تألى على الله فقد استبعد شموله رحمة الله، وعفوه لأخيه المسلم، استعظم ذنب أخيه وتقصيره، فكأنه تحجر رحمة الله وفضله، فعن جندب بن عبدالله البجلي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدث أن رجلا قال: “والله لا يغفر الله لفلان، وأن الله تعالى قال: ومن ذا الذي يتألى علي أن لا أغفر لفلان، فإنني قد غفرت لفلان، وأحبطت عملك، أو كما قال” رواه مسلم.
عباد الله: من رأى في نفسه صلاحا واستقامة فليحذر أن يحتقر أحدا من المقصرين المذنبين، أو أن ينظرَ لهم بعين الازدراء، وينظرَ إلى نفسه بعين الرضا والإعجاب، فهذا مورد من موارد الهلاك عظيم، نسأل الله العافية. وعليك أيها الناصح لنفسه بكسب القلوب لا بتسجيل المواقف.
وذكر فضيلته أن من محبطات الأعمال الرياء: ففي الحديث القدسي: ” أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه” رواه مسلم.
فما تقرب عبد قربة يتطلب بها ثناء الناس إلا وقد عرضها للحبوط والبطلان، وحرمان ثوابها، ويوم تبلى السرائر، وتكشف النوايا، ويفضح المراؤن.
فمن سَّمع، سَّمع الله به، ومن رآءا رآءا الله به ” متفق عليه.
وحذر خطيب المسجد الحرام من أن يوافي العبد ربه يوم القيامة بأعمال صالحة أمثال الجبال ثم لا تنفعه لأنه قد تهاون وتساهل، فأقدم على ما يُذْهِب ثواب أعماله، وحسناتها، وأجرها، فكيف ينجو والتعامل يوم القيامة ليس بالدرهم ولا بالدينار، ولكنه بالحسنات والسيئات، فمن عنده لأخيه مظلمة فليتحلل منها.