كسر خام الإشارة برنت في تداولات الأسبوع الماضي حاجز المستوى الأعلى له خلال الثلاثة أشهر الماضية، وذلك بتجاوزه مستوى الـ68 دولاراً وصولا لأعلى مستوى سعري له خلال الـ7 أشهر الماضية، فيما سيطرت أجواء الدعم والتفاؤل على تداولات أسعار النفط منذ الثالث عشر من ديسمبر الجاري؛ نتيجة الانفراج الجزئي في أجواء التوتر بملف النزاع التجاري حيث استطاعت أسعار النفط الدخول في موجة تصاعدية وذلك من 64 دولاراً إلى 68 دولاراً للبرميل ففي الـ14 يوماً الأخيرة حظيت الأسواق النفطية بموجة دعم وتفاؤل لم تحضَ بها طيلة العام الجاري، فالأسواق حالياً تتلقى الدعم على وجه التحديد من ثلاثة عوامل رئيسة أولا الانفراج الجزئي في ملف التجارة بين الولايات المتحدة الأميركية والصين انطلاقاً من الاتفاقية المشتركة الأولية بين البلدين التي تنصّ على (مبدأ المساواة والاحترام المتبادل) ويتحدد التأثير الأكبر على الأسواق فيما يخصّ نزاع التجارة في تقليل حجم المخاطر المقبلة عليها في 2020م، وأن الأسوأ في هذا الملف قد تم تجاوزه إلى حدٍ كبير، العامل الآخر قرب انطلاق العمل بمستويات التقييد الأعلى للمعروض النفطي من قبل OPEC+ اعتباراً من الأربعاء المقبل لمدة ثلاثة أشهر من 1.2 مليون برميل يومياً إلى 2.1 مليون برميل يومياً باعتبار الخفض الإضافي القادم من السعودية البالغ 400 ألف برميل يومياً، العامل الثالث التباطؤ المتوقّع في الإنتاج النفطي الأميركي، فالبيانات الأولية للصناعة تشير إلى أن هذا التباطؤ قد يحدث في الربع الأول من العام 2020م، حيث إن القطاع يعاني من معضلة التمويل فالمصارف الأميركية بدأت في الإحجام عن تمويل مشاريع الشركات العاملة في قطاع النفط الصخري الأمريكي، ما حدا بتوقعات الصناعة إلى عدم اليقين فيما يخصّ مسار قطاع النفط الأميركي خلال العام 2020م، وأنه بالإضافة إلى توقعات النمو قد يمرّ بحالة من الثبات أو التراجع في العام المقبل، لذلك فعلى الرغم من مؤشرات الدعم التي تزيد حالات التفاؤل بالأسواق النفطية والانطباعات الجيدة بأوساط الصناعة النفطية إلا أن الأسواق ستظل بحاجة إلى متابعة عدد من الأمور في العام المقبل 2020م من أهمها مسار صناعة النفط الأميركي ومستجداته؛ لما لذلك من تأثير في مسار أسواق النفط، فمستجدات النفط الصخري الأمريكي ستكون أحد المؤشرات المهمّة لمعرفة نقطة اتزّان الأسواق النفطية، وحركتها من قرب أو بعد عن هذه النقطة، فعلى الرغم من توقعات محللي الصناعة التي ذهبت بحالات القرب من الاتزّان إلى النصف الثاني من العام المقبل 2020م، إلا أنه ينبغي التريثّ لنهاية الربع الأول من العام، كي تستطيع الأسواق الحصول على بعض الملامح من توجّهات عوامل التأثير كحركة الطلب العالمي على النفط وتوجّه الاقتصادات الكبرى في القارة الآسيوية التي تشكّل أهم ملامح الطلب العالمي، يُضاف إلى ذلك إنتاج الدول الأخرى من خارج منظمة OPEC والمسار المتوقّع لمعدلات الإنتاج فيها خلال العام 2020م (البرازيل – النرويج) إلا أن مؤشرات الإنتاج المتوقعة لهذه الدول لا يعكس نمواً كبيراً يؤهله لإحداث تغيير كبير في مسار أسواق النفط، فمن المتوقع أن ينمو الإنتاج البرازيلي في الربع الأول من العام المقبل بمقدار 100 ألف برميل يومياً، وذلك من 3.7 ملايين برميل يومياً إلى 3.8 ملايين برميل يومياً، ليخسر ذلك النمو في الربع الثاني من العام، أما النرويج فتُظهر التوقعات ثبات مستويات الإنتاج لديها عند متوسط إنتاج 1.86 مليون برميل يومياً في معظم العام 2020م وذلك عقب نمو الإنتاج لديها ما بين الربعين الثالث والرابع من 2019م بمقدار 200 ألف برميل يومياً من 1.7 مليون برميل يومياً إلى 1.9 مليون برميل يومياً، إلا أن الإنتاج النفطي النرويجي قد يكون مرشحاً لبلوغ 2.1 مليون برميل يومياً في الربع الأخير من 2020م وذلك بمعدل نمو ما بين الربعين الثالث والرابع لذات العام عند 200 ألف برميل يومياً.
وتظل غالبية السيناريوهات المتوقعة لمسار الأسواق في العام 2020م دون الجزم؛ كونها استدلالات بالمؤشرات الراهنة للأسواق، قد لا تعزز القرارات العميقة داخل العام 2020م، لاستيضاح عدد من المؤشرات والتأكد من مسارها طوال العام، من ذلك قرار OPEC الأخير الذي قصرته على الربع الأول من العام فقط، الأمر شبيه بقرار المنظمة في 24 يونيو 2018م الذي تضمن رفع قيود الإنتاج بمقدار مليون برميل يومياً اعتباراً من يوليو للعام ذاته، إلا أن الأمر اختلف تماماً في الربع الرابع من العام عقب منح الولايات المتحدة استثناءات من العقوبات المفروضة على النفط الإيراني، ما هبط بأسعار النفط واضطر المنظمة لاتخاذ قرار آخر يقضي بتقييد الإنتاج النفطي لأعضاء OPEC+ بمقدار 1.2 مليون برميل يومياً تم العمل به طيلة العام 2019م.