كشف دراسة حول “دور الهوية الرقمية في تعزيز الشمول المالي” لصندوق النقد العربي وذلك على صعيد الأنشطة البحثية لدعم متخذي القرار في البلدان العربية في الموضوعات ذات الأولوية، وتكمن أهمية الدراسة في الدور الكبير الذي تلعبه أنظمة الهوية الرقمية في تسهيل المعاملات اليومية سواءً كان ذلك على مستوى الفرد (المستفيد من الخدمة)، أو على مستوى الدولة (مزودو الخدمة). بالإضافة إلى ذلك، تساهم الهوية الرقمية في التحديد الدقيق للتعداد السكاني، ودعم هدف تعزيز الشمول المالي، فضلاً عن التحديد الدقيق لفئات المجتمع المختلفة، ومدى أحقيتها في الاستفادة من الخدمات الحكومية المقدمة، وتسهيل عملية تحول عدد كبير من الأنشطة غير الرسمية إلى منظومة القطاع الرسمي ووصول الإعانات الاجتماعية إلى مستحقيها.
وفي هذا السياق، تطرّقت الدراسة لعدد من الجوانب المهمة على المستوى التطبيقي، حيث تستعرض الجهود الدولية والإقليمية لتطوير وتعزيز استخدام الهوية الرقمية إضافة إلى أفضل الممارسات الدولية في هذا المجال من خلال استعراض التجارب الناجحة لبعض الدول، مثل إستونيا والهند والإمارات وتنزانيا وباكستان وغيرها.
وتتكون الدراسة من مجموعة من الأجزاء، يتطرق الأول منها إلى مفهوم الهوية الرقمية، ويتناول الجزء الثاني الأطر القانونية اللازمة لضمان تصميم نظام قوى وفعال للهوية الرقمية، أما الجزء الثالث، فيتضمن أفضل الممارسات العالمية لعدد من الدول، حيث تم التركيز على كل من تجربة الهند، وإستونيا، وتنزانيا بشيء من التفصيل، وفي الجزء الخامس حرصت الدراسة على استعراض جهود الدول العربية في تبني نظام الهوية الرقمية.
وأفضت الدراسة، إلى أن الجهود الدولية تلعب دوراً مهماً لدعم تبني الهوية الرقمية، حيث نصت المادة السادسة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن “لكل شخص الحق في الاعتراف به في كل مكان بوصفه شخصاً أمام القانون”. كما أشار كل من الهدفين التاسع والسادس عشر من أهداف التنمية المستدامة إلى ضرورة “توفير هوية قانونية للجميع، بما في ذلك تسجيل كافة المواليد” بحلول العام 2030. وكاستجابة لهذه الجهود، يتبنى البنك الدولي “مشروع الهوية الرقمية من أجل التنمية” (Identity for Development ID4D) كإحدى المبادرات الدولية الساعية إلى تعزيز أنظمة الهوية الرقمية في الدول النامية والأقل نمواً.
وتبنت الدراسة، عددا من التوصيات على صعيد السياسات، من شأنها أن تسهم في دعم عملية صنع القرار في الدول العربية، تتمثل في ضرورة توفير الأطر القانونية والتنظيمية والتشريعية اللازمة بما يضمن حماية حقوق حاملى الهوية الرقمية والجهات المصدرة لها، إضافة إلى الجهات المتُعامل معها.
من جانب آخر، تبذل بقية الدول العربية جهوداً حثيثة فى سبيل توفير هوية رقمية لمواطنيها والمقيمين فى محيطها الجغرافي، حيث أحرز عدد منها تقدماً في هذا الصدد كالسودان ومصر وتونس والمغرب والأردن ولبنان، وتستند نظم الهوية الرقمية، الكفؤة على أُطر قانونية وتنظيمية مواتية، حيث يستلزم تبني هذه النظم على سبيل المثال وجود أُطر قانونية توازن ما بين اعتبارات حماية خصوصية بيانات الأفراد، وما بين المصلحة العامة، بمعنى إمكانية الإطلاع على البيانات الشخصية للأفراد لأغراض التحقيقات الجنائية أو غيرها، مثل الأوامر القضائية. بناءً عليه، لجأت بعض دول العالم إلى إصدار قوانين تنظم الأمور المتعلقة بالهوية الرقمية. حيث تعتبر الهند من بين الدول القليلة في العالم التي لديها قانون للهوية الرقمية متمثلاً في “قانون آدهار 2016” الذي ينظم الإفصاح عن المعلومات البيومترية الأساسية. على مستوى الدول العربية.
وقد قامت بعض الدول بسن قوانين ترتبط بأنظمة الهوية التقليدية، والجهات التنفيذية المسؤولة عن مهام الإصدار والإشراف عليها، كما هي الحال في الإمارات التى أصدرت قانون إنشاء “هيئة الإمارات للهوية”.
وتشير التقديرات، إلى أن الشمول المالى المُعتمد على الهوية الرقمية من شأنه أن يعمل على شمولية نحو 57 في المئة من الأشخاص غير المشمولين مالياً تحت مظلة الجهاز المصرفي، وكذلك الحال بالنسبة لأصحاب المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة التي يعمل جزء كبير منها في القطاع غير الرسمي في الدول النامية، كذلك هناك نحو 2.5 تريليون شخص من البالغين لا يستخدمون الخدمات المالية الرسمية بسبب عدم امتلاكهم لحسابات مصرفية، من بينهم نحو 1.7 تريليون شخص أي ما يعادل خمس سكان العالم ليس لديهم هوية.