قصص نجاح تاريخية تسطرها الهيئة الملكية للجبيل وينبع بأحرف من ذهب منذ أن تشرفت بالرعاية الملكية الجبارة لتعانق عنان السماء بالدفعة التاريخية الخالدة المجيدة قبل نحو 42 عاماً حينما وضع جلالة الملك خالد رحمه الله، حجر الأساس لمشروعاتها العملاقة في 1977، وإيعاز القيادة الحكيمة من الملك فهد، رحمه الله، كأول رئيس لمجلس إدارتها لتمضي قدماً كأقوى كيان مؤسسي حكومي مستقل في العالم في ذلك الوقت يتولى مسؤولية تخطيط وبناء وإدارة مدينتين صناعيتين عملاقتين للبتروكيميائيات والتكرير وصناعة الطاقة إجمالًا، إحداهما على الساحل الشرقي ممثلة بالجبيل الصناعية، والأخرى على الساحل الغربي ممثلة في ينبع الصناعية واللتين قادتا المملكة لتزعم صناعة البتروكيميائيات والمنتجات البترولية على المستوى العالمي بحجم استثمارات ناهزت الترليون ريال.
واليوم تحتفي الهيئة الملكية بالجبيل بإتمام العام 2019 بجملة منجزات ضخمة باهرة مكتسبة في كافة قطاعاتها الصناعية الأساسية والتحويلية والاستثمارية التجارية والسياحية، في عام استثنائي شهد أكبر تقدم وإنجاز مطرد في ثلاثة من أهم مشروعاتها الاستراتيجية التي باركها الملك سلمان، يحفظه الله، أولها الاتساع الهائل لمنطقة الصناعات البلاستيكية والكيميائية “بلاسكيم” الذي تديره الهيئة الملكية وشركة أرامكو داو للكيميائيات “صدارة” الأولى من حيث البنى التحتية والتجهيزات الأساسية والخدمات، والأخرى من حيث وفرة إمدادات المواد الخام من الكيميائيات والخدمات الاستشارية لصناعات المنطقة في أقوى تكامل وتناغم مزدوج، وثانيها مشروعها العملاق الآخر المتمثل في بناء المركز الاقتصادي العالمي للجبيل الصناعية، وثالثها الإنجاز الأعظم المحقق في صناعات التعدين برأس الخير الصناعية.
في الوقت الذي يكنف تلك المشروعات الاستراتيجية منظومة قوية مترابطة من التكامل الصناعي الرأسي والأفقي والتميز التشغيلي لكافة المشروعات بدءاً من التخطيط والدراسات الهندسية وإعداد المواصفات والمعايير الفنية وجدولة المشروعات مروراً بالتنفيذ والإنشاء ثم الاستلام والمراجعة ثم التشغيل والمتابعة والصيانة وبالتالي تحقيق الاستدامة التي ترتكز عليها رؤية المملكة 2030 في كافة تفاصيلها.
فيما ترتكز تلك المشروعات الثلاثة الاستراتيجية على مفهوم التنوع الاقتصادي للمملكة بعدم اعتماد البلاد على صادرات النفط كمورد وحيد للاقتصاد الوطني والذي تعهد بتحقيقه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، حيث تبرز منطقة “بلاسكيم” للصناعات البلاستيكية الكيميائية على مفهوم الاقتصاد الدائري غير النفطي وتهيئة ممكنات ذكية لقيام الصناعات التحويلية في قطاع التكرير والمعالجة والتسويق التي تختلف أنواعها من المواد الكيميائية التفاعلية وعديد من المواد البلاستيكية، حيث انفقت الهيئة الملكية أكثر من 800 مليون ريال لتطوير منظومة الخدمات المشتركة في منطقة البلاسكيم والتي ستبلغ استثماراتها في المرحلة الأولى نحو 20 مليار ريال. فيما يجري حالياً استقطاب 10 مشروعات جديدة تراوح تكلفة المشروع الواحد منها ما بين أكثر من 3 مليارات ريال إلى 200 مليون ريال سيعلن عنها قريباً.
ومن أبرز الصناعات التي أقرت في منطقة “بلاسكيم” صناعة السيارات وقطع الغيار في ظل وفرة سلسلة المواد الخام الأساسية البتروكيميائية والوسيطة والمنتجات الكيميائية المتخصصة والمعدنية التي تدخل في صناعة مكونات السيارات وأجزائها والتي يتزعم إنتاجها على المستوى العالمي شركة “سابك”.
ومن المنتظر تعزيز بعض الصناعات التي يعتمد اختيارها على فرص التوطين ضمن مجالات تتمتع فيها المملكة بطلب عالٍ ومنها صناعة السيارات حيث تعد المملكة البلد الوحيد ضمــن أول 20 دولة التي تتميز بأعلى طلب على السيارات والذي ليس لديه مركز إنتاج إقليمي. في وقت يعد الطلب في دول مجلس التعاون الخليجي كبيراً يبلغ 1,3 مليون سيارة سنوياً حيث تزيد حصة المملكة عن 50 %.
وتخوض شركة السيارات الوطنية السعودية “سنام” وشركة سانغ يونغ الكورية لصناعة السيارات، التي تمتلك أكثر من 20 % من الحصة السوقية في مجال صناعة السيارات وقطع الغيار في جمهورية كوريا الجنوبية، معترك صناعة السيارات الرياضية لأول مرة في المملكة. فيما تعكف شركة “سنام” على منهجية التصنيع الكامل للوصول في أقرب وقت إلى تصنيع بنسبة 70 % محتوى محلي. فيما تمضي أيضاً شركة صدارة للكيميائيات وشركة “سنام” على اتفاقية تعاون لمجمع تصنيع السيارات الذي تعتزم الأخيرة تأسيسه في مجمع “بلاسكيم” بالجبيل2.
فيما قررت الهيئة الملكية للجبيل وينبع دعم إنشاء مصنع لصفائح الحديد في مدينة رأس الخير ليدعم صناعة السيارات وقطع غيارها بمواصفات عالمية إلى جانب سلسلة مصانع الألمنيوم في المدينة ذاتها الذي يجمع ما بين الألمنيوم والحديد والبلاستيك والتي تخدم صناعة السيارات في المرحلة القادمة والسفن، وناقلات النفط العملاقة. وتبحث الآن عدة شركات عالمية مهتمة في صناعة مركبات وسائل النقل لإقامة مصانع مشتركة أو بملكية منفردة 100% ضمن الاستثمار الأجنبي المباشر في رأس الخير.
في وقت من المخطط أن يتم صناعة 60 في المائة من أجزاء السيارات في السعودية حيث تعمل وزارة الصناعة على تعزيز سلاسل القيمة المضافة، والعمل على بناء مصنع للنحاس والعوازل مما يؤهلها للدخول في صناعة السيارات الكهربائية. ومن المتوقع أن تساهم مبادرة توطين صناعة المطاط في توفير 1400 فرصة عمل حتى 2020م، وإنتاج سبعة ملايين إطار سيارة سنوياً، وستمكن الصناعات المطاطية من توطين صناعات تحويلية تتكامل مع مصنع مزج المطاط الذي سيشيد في مدينة ينبع الصناعية، وسينتج عن هذا التكامل العديد من المنتجات، منها سيور النقل وعوازل الأنابيب.