خاطب وزير الطاقة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سلمان، العالم بضرورة الحيادية والإنصاف حيال سوء استخدام المبدأ القائل بضرورة عدم الاعتماد على مصادر الطاقة النفطية من منطقة الشرق الأوسط بزعم مخاطرها البيئية الناشئة من انبعاثات الغازات المسببة للتغير المناخي، وسعي العالم لإحلالها بمصادر الطاقة المتجددة النظيفة، في حين يفترض من البديهيات أن يتم التركيز والعكف على الاستثمار في خفض تلك الانبعاثات الغازية الناتجة عن كل أنواع الصناعة بما فيها النفط والغاز وغيرها وسبل استغلالها وتحويلها لقيمة مضافة تخدم الصناعة بشكل مربح لجميع الأطراف، مثلما تفعل المملكة حالياً، والتي نجحت أكبر صناعاتها في احتواء انبعاثاتها وتحويلها لخطوط إنتاج مواد أخرى مطلوبة وبالتالي تحقيق الاستدامة في الطلب على النفط منخفض الكربون الذي تنتجه المملكة والتي تعد الآن رابع أسرع دولة بين بلدان مجموعة العشرين في انخفاض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري.
جاء ذلك خلال رد على تساؤل قد طرح، في جلسة نقاش عقدها سموه في أسبوع أبوظبي للاستدامة 2020، حيال سبل تحقيق الهدف السابع من أهداف التنمية المستدامة الخاص بالأمم المتحدة المتعلق بالطاقة النظيفة وضمان توفير مصادرها الموثوقة، وتضمن التساؤل الإشارة إلى مزيج الطاقة العالمي والجهود التي تبذلها المملكة على المستوى المحلي.
وأجاب سموه باعتقاده “أن الائتلافات يمكن تشكيلها إذا استقر الجميع على مبدأ أننا يجب أن نركز بدرجة أكبر على الانبعاثات بدلاً من مصادر الطاقة”، مضيفاً سموه “لا يمكننا أن نخلط عدداً من الأهداف المتشابكة في آن واحد ونظن أننا سنحقق ما نريد بهذا، حيث لا يمكنك أن تتعامل مع قضية أمن الإمدادات بالقول إنك لا تريد الاعتماد على منطقة الشرق الأوسط كمصدر للطاقة، ومع ذلك فأنت تريد تحقيق أهداف التنمية المستدامة من دون ضمان”. ولفت سموه إلى مطالبات إحدى الدول التي تقول لا نريد الوقود الأحفوري ولا نريد الطاقة النووية أيضاً، مستفهماً سموه “فما الذي يمكنكم أن تقوموا به بخلاف هذا، كيف يمكنكم أن تفترضوا إذا، أن بإمكانكم تحقيق نمو اقتصادي مستدام”.
وأكد سموه أن ثمة قاسماً مشتركاً يمكن أن يجمع بين كل الأطراف وذلك بالتركيز على خفض انبعاثات جميع الغازات التي يمكن أن تتسبب في ظاهرة التغير المناخي، وإذا تم الاتفاق على هذا المبدأ فلن يكون هناك ما يدعو للقلق إزاء نوع الطاقة الذي سيستخدم، والأهم من هذا إزاء المكان الذي يوجد فيه مصدر الطاقة هذا، مستغرباً “توجه العديد من السياسات التي يجري صياغتها في الوقت الراهن والتي تستخدم أو بالأحرى تسيء استخدام ذلك المبدأ القائل بضرورة عدم الاعتماد على مصادر الطاقة من منطقة الشرق الأوسط”.
ولفت سموه إلى أن دولة مثل السعودية بصفتها الأكبر إنتاجاً للنفط “قد يكون لديها حافز يدفعها وهو أننا كلما استخدمنا المزيد من الطاقة المتجددة والغاز في أسواقنا المحلية ولاستهلاكنا المحلي أننا سنوفر بذلك المزيد من البترول السائل الذي يمكننا تصديره إلى الأسواق العالمية وبالتالي فإننا في الواقع سنوفر كميات أكبر من البترول القابل للتصدير”. إلا أن سموه نبه بأن هذا ليس هو الحافز الفعلي الذي يدفع المملكة والتي تقوم الآن بإنشاء استراتيجية للطاقة وتركز بدرجة أكبر على مزيج الطاقة الخاص بها الذي يتسم بأكبر قدر من الفعالية والجدوى الاقتصادية التي يمكن تحقيقها في المملكة من دون أي تحيزات أيا كانت طبيعتها، حيث تنظر المملكة إلى النواحي الاقتصادية باعتبارها عامل التفضيل أو لترجيح الافضليات المسبقة التي قد توجد لديها.
وكشف وزير الطاقة عن أفضل مزيج للطاقة بالنسبة للمملكة في الوقت الراهن وهو مزيج الطاقة الكهربائية الذي يتألف من الغاز ومصادر الطاقة المتجددة ولكن في بعض مناطق المملكة تضطر إلى الاعتماد على بعض الوقود السائل بسبب بعد المسافات وما إلى ذلك، وأيضاً حجم الاستهلاك الموجود، مؤكداً سموه بكل يقين وأريحية بأنه بحلول عام 2030 ستكون مصادر الغاز لدى المملكة متطورة وتحقق نتائج عظيمة فيما يتعلق باستخدام الطاقة المتجددة
وطالب سموه العالم أن يتيح فرصاً متساوية لكل مصادر الطاقة وضرورة مراعاة الحيادية إزاء نوع الطاقة الذي سيستخدم طالما هناك اهتمام أكبر بتخفيف حدة التأثيرات التي يمكن أن يتسبب فيها هذا النوع من الطاقة. وتنفذ المملكة حالياً عدة تقنيات منها تقنية استخلاص الكربون ويجري تطوير هائل لهذه التقنيات، فيما قدمت المملكة أخيراً مفهوم الاقتصاد الدائري للكربون الذي تعده الحل المناسب، حيث قال سموه “إننا إذ كنا نستطيع استخلاص الكربون ففي إمكاننا أن نستغله، فالكربون عبارة عن مادة ويجب أن نقدر حقيقة أننا نتعامل مع شيء له قيمة وإذا أمكننا تصنيعه والاستفادة منه ومن ثم تحقيق أرباح مالية من هذه المادة فسوف يكون هذا وضعاً مربحاً لجميع الأطراف”.
وأثار سموه رغبة المملكة في التعاون مع أي شريك محتمل للتحاور بشكل فعال بشأن الكيفية التي يمكن أن تخفف من هذه الانبعاثات، وذلك من منظور مفاده أن الجميع يجب أن يعطوا مصادر الطاقة جميعها فرصاً متساوية وعادلة طالما أن المملكة تقوم بالتخفيف من حدة تلك الانبعاثات، مشدداً سموه “ومن المهم بنفس الدرجة أن نكون واقعيين بشأن تحديد نوع مزيج الطاقة الذي يمكن للاقتصاد العالمي أن يتحمله.