تبدو المملكة على وشك أن تصبح موردًا رئيسا لمنتجات التقطير الوسيطة بمجرد بدء العمليات التجارية لأكبر مشروعات أرامكو المتكاملة للتكرير والبتروكيميائيات في الجزء الجنوبي من الكرة الأرضية في مدينة جازان للصناعات الأساسية والتحويلية، المرتقبة بالأشهر المقبلة وهي خطوة قد تخلق منافسة شرسة مع كبار مصدري زيت الغاز الآسيويين مثل كوريا الجنوبية والهند.
ومن المتوقع أن تبدأ أحدث مصفاة محلية المدمجة إلى مشروع البتروكيميائيات الإنتاج بطاقة 400 ألف برميل يومياً من النفط الخام التي تضخ للمرة الأولى من جنوب المملكة بتجارة قوية عبر البحر الأحمر، كما يتوقع أن تدشن العمليات التجارية في وقت ما في منتصف العام الجاري 2020.
وبطاقتها الكاملة، ستنتج جازان 209,900 برميل في اليوم من الديزل منخفض الكبريت، و71,400 برميل في اليوم من بنزين 91 و95 و48,500 برميل في اليوم من زيت الوقود عالي الكبريت، و6,700 برميل في اليوم من غاز البترول المسال، وفقاً لعرض قدمته شركة أرامكو في مؤتمر صناعي. ومن المتوقع أن ترفع مصفاة جازان إجمالي طاقة التكرير المحلية في المملكة إلى نحو 3.3 ملايين برميل في اليوم.
وانعكاساً للزيادة في طاقة التكرير، من المتوقع أن يرتفع إجمالي صادرات المملكة من زيت الغاز إلى ما يصل إلى 38 مليون طن بحلول نهاية العام 2021، من 30.09 مليون طن متري في نهاية العام 2019، استناداً إلى تقديرات «بلاتس» التحليلية. ويأخذ تقدير صادرات زيت الغاز لعام 2021 في الاعتبار واردات زيت الغاز إلى المملكة، فضلاً عن زيادة الطلب المحلي على الديزل على مدى الأشهر الـ 22 المقبلة.
وبشأن منافسة التصدير، يمكن أن يؤثر ارتفاع صادرات النفط من المملكة على كميات الدول المصدرة الرائدة الأخرى مثل كوريا الجنوبية والهند. وقال أليكس ياب، كبير محللي آسيا في «قلوبال بلاتس»: «تتبع شركات النفط الوطنية في الشرق الأوسط استراتيجية لتوسيع أصولها في مجال التكرير والبتروكيميائيات، لكن هذا سيؤدي بشكل متزايد إلى المنافسة مع اللاعبين الآسيويين». ومن ناحية، تقع المملكة بالقرب من الوجهات الرئيسة لتوريد الديزل لأوروبا وإفريقيا، مما يجعل تدفقاتها الخارجية أكثر اقتصادا من الصادرات من جنوب وشرق آسيا.
وتتمتع المصافي المحلية في المملكة أيضًا بإمكانية الوصول إلى مواد خام ذات أسعار تنافسية أكثر من الدول المصدرة الإقليمية الأخرى، الأمر الذي يعطي مصافيها ميزة على البلدان المصدرة الأخرى التي تعتمد اعتمادًا كبيرًا على الخام المستورد من الشرق الأوسط، وقال مسؤول بالاتحاد الكوري للبترول في سيئول «إن طاقة التكرير المتنامية في الشرق الأوسط تشكل تهديدًا لمصدري المنتجات النفطية في الشرق الأقصى حيث إن السعودية بالفعل تبدو منافسا جديدا في سوق التصدير». وفي العام 2019، صدرت الهند أكبر مصدر للديزل 227.55 مليون برميل، في حين صدرت كوريا الجنوبية 195.39 مليون برميل، حسبما أظهرت بيانات رسمية من البلدين. في حين أن الطلب على الديزل مرادف للنمو الاقتصادي في أي بلد، ومن المرجح أن ينخفض معدل النمو العالمي للطلب على الديزل خلال العامين المقبلين.
وفي تقريره الأخير في يناير، قدّر صندوق النقد الدولي أن النمو الاقتصادي العالمي في العامين 2020 و2021 سيصل إلى 3.3 % و3.4 % على التوالي، في مراجعة هبوطية قدرها 0.1 نقطة مئوية لعام 2020 و0.2 لعام 2021. لذلك، من المحتمل أن تؤدي براميل زيت الغاز الزائدة من المملكة إلى ضغط كميات الصادرات المتدفقة من مناطق أخرى. وصدرت كوريا الجنوبية 48.82 مليون برميل من زيت الغاز في الربع الرابع من العام الماضي، بانخفاض 4.3 % عن الربع الثالث وبنسبة 9.3 % على أساس سنوي.
وحول اتجاهات الاستيراد والتصدير السعودي، تعمل المملكة على زيادة إنتاجها من الغازات حيث تسعى جاهدة إلى الاعتماد أكثر على الإنتاج المحلي لتلبية متطلباتها وتخفيض فاتورة الاستيراد، لكن الزيادة الوشيكة في الإنتاج من جازان ستتجاوز متطلبات التضخم. وأظهرت بيانات «جودي» أن الطلب المحلي على الديزل في المملكة ارتفع بنسبة 9 % على أساس سنوي ليصل إلى 26 مليون طن في العام 2019. وفي محاولة لمواجهة هذه الزيادة، انخفضت صادراتها من زيت الغاز بنسبة 26 % على أساس سنوي إلى 30.094 مليون طن في العام 2019، في حين تراجعت وارداتها من زيت الغاز بنسبة 90 %، أو بمقدار 8.661 مليون طن، خلال الفترة نفسها إلى 995,000 طن متري. وقد أدى ذلك إلى انخفاض صافي صادرات زيت الغازات بنسبة 11 % عن العام 2018 ليصل إلى 29 مليون طن.
جاء ذلك بعد أن قامت المملكة بتصدير رقم قياسي بلغ 40.78 مليون طن من زيت الغاز في العام 2018، بزيادة 37 % على أساس سنوي، وأظهرت البيانات نفسها أن وارداتها من زيت الغاز زادت بأكثر من الضعف إلى 8.969 مليون طن في ذلك العام من 4.404 مليون طن في 2017.