تراجعت أسواق النفط بشكل كبير وغير معتاد، وتم تأجيج عمليات البيع بسبب انخفاض الطلب المدفوع بقوة من استمرارية تفشي فيروس كورونا في أنحاء العالم. وكان هذا أكبر انخفاض منذ حرب الخليج في عام 1991، ويأتي هذا في خضم انهيار تحالف أوبك الأساسي الذي عملت المملكة جاهدة على رأبه وتفعيله بتعميق خفض الإنتاج في محاولة لإعادة الاستقرار للسوق المضطرب الذي لم يروق لروسيا الشريكة الأكبر في اتفاقية خفض الإنتاج مفضلة مصلحتها الخاصة على مصلحة أسواق النفط العالمية والذي أدى بدوره إلى حرب أسعار شاملة.
وتراجعت العقود الآجلة للنفط بنسبة 31 ٪ في غضون ثوانٍ ليلة الأحد، وهو أكبر انخفاض لها منذ حرب الخليج في عام 1991. وتزداد الخسائر بسبب انخفاض الطلب بسبب مخاوف من فيروس كورونا والتي أثارت بدورها سلسلة من تخفيضات الأسعار. وخفضت المملكة أسعارها بشكل غير مسبوق منذ 20 عامًا على الأقل خلال عطلة نهاية الأسبوع. وهبطت الأسعار بشكل ظهرت أسعار شبه مجانية للجميع على مستوى العالم بعد انهيار تحالف أوبك+ الأسبوع الماضي. وانهارت المحادثات بعد أن رفضت روسيا تلبية طلب المملكة لخفض الإنتاج، الأمر الذي من شأنه أن يعزز من تدني الأسعار.
وانخفضت العقود الآجلة على مؤشر داو جونز الصناعي أكثر من 900 نقطة، في حين تأثرت العقود الآجلة لمؤشر “أس أند بي 500” بانخفاض 4 ٪ في يوم الاثنين. بينما حذر محللو جولدمان ساكس من أن أسعار النفط قد تتراجع أكثر، لتصل إلى 20 دولارًا للبرميل. ويأتي الانخفاض المتزايد بعد انخفاض أسعار النفط يوم الجمعة وسط مخاوف من أن فيروس كورونا سيخفض الطلب على الوقود. وهبطت الأسعار بنسبة تصل إلى 11 ٪ الأكثر انحدار منذ عام 2014.
وتأتي أحدث التطورات بعد أن حذرت أوبك يوم الخميس من أنها تتوقع زيادة الطلب العالمي على النفط بمقدار 480 ألف برميل يوميًا هذا العام أي أقل من نصف تقديراتها البالغة 1.1 مليون برميل يوميًا في ديسمبر. واستجابة لذلك، أوصت بخفض الإنتاج بمقدار 1.5 مليون برميل في اليوم لبقية هذا العام.
وأعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم الأحد أن أسعار النفط الحالية قابلة للاستدامة للاقتصاد الروسي، مضيفًا أن روسيا لديها الأدوات اللازمة للرد على أي نتائج سلبية لانتشار فيروس كورونا على المناخ المالي العالمي. وأوضح بوتين في اجتماع مع مسؤولي الطاقة الروس “أريد أن أؤكد أنه بالنسبة للميزانية الروسية واقتصادنا، فإن مستوى أسعار النفط الحالي مقبول”، الأمر الذي يفسر عدم اكتراث الروس بمصالح الدول الأخرى مقابل مصلحتها الفردية.
ويتوقع بعض المحللين النفطيين انخفاض أسعار البرميل إلى 20 دولارًا خلال العام، فيما اقترح بعض الخبراء أن الخطوة الروسية تهدف إلى مواجهة منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة والرد على الولايات المتحدة لاستهداف خط أنابيب الغاز “نورد ستريم2” الذي يربط بين روسيا وألمانيا.
وفي ردة فعل للموقف الروسي الغريب بعدم اكتراثها بمصلحة المنتجين والمستهلكين على حد سواء، فإن المملكة لن تؤدي خططها الأخيرة إلى خفض سعرها غير المكرر للمستهلكين الصينيين بما يصل إلى 6 أو 7 دولارات للبرميل، لكنها تتطلع أيضًا إلى زيادة إنتاجها اليومي غير المكرر بمقدار يصل إلى مليوني برميل يوميًا إلى فائض متزايد في المعروض الدولي. وهذه الخطوة المفاجئة التي قامت بها المملكة هي بمثابة انتزاع حصة في السوق فضلاً عن إشارة مدوية إلى موسكو لأخذ الأمور بمحمل الجد.
وفي غضون ثوانٍ من افتتاح السوق ليلة الأحد، انخفضت أسعار النفط بما يصل إلى 30 في المائة، مما دفع الخام إلى أدنى مستوى في أربع سنوات. وانخفض مؤشر خام برنت من 45 دولارًا للبرميل إلى 36.44 دولارًا، بينما انخفض خام غرب تكساس الوسيط من 40.45 دولارًا إلى 32.97 دولارًا، في واحدة من أسوأ الانخفاضات في التاريخ الحديث.