تبدأ اليابان مهمتها غير المسبوقة بإعادة تنظيم دورة الألعاب الأولمبية طوكيو 2020 وذلك غداة اتخاذ القرار الصعب بتأجيلها لمدة عام على خلفية فيروس كورونا المستجد، في خطوة غير مسبوقة تطال الحدث الرياضي الأكبر عالميا.
وأدى التأجيل إلى تقلبات في جميع الجوانب التنظيمية للألعاب بما في ذلك المواقع الرياضية، والأمن، وحجز التذاكر والإقامة.
وفي نقلة رمزية للصعوبات التي تواجهها طوكيو الآن، تحولت ساعة العد التنازلي الأولمبية في المدينة من عرض عدد الأيام المتبقية لانطلاق الألعاب، إلى عرض تاريخ اليوم والوقت الحاليين.
ولم يتم تحديد الموعد الجديد للدورة الأولمبية حتى الآن، حيث قالت اللجنة الأولمبية الدولية إن الموعد الجديد سيكون “بعد عام 2020 ولكن في موعد لا يتجاوز صيف 2021″، فيما شدد رئيسها الألماني توماس باخ على أن المواعيد الجديدة للدورة “سيتم بحثها بين لجنة التنسيق (التابعة للجنة الأولمبية الدولية) واللجنة المنظمة لأولمبياد طوكيو”. وعلقت اليابان آمالا كبيرة على أولمبياد طوكيو 2020 واعتبرتها حكومتها “ألعاب إعادة البناء” وفرصة لتظهر للعالم أنها عادت من “الكارثة الثلاثية” التي ضربتها في عام 2011 عندما تسبب زلزال مدمر في حدوث تسونامي والكارثة النووية فوكوشيما.
واعتبر رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي أن تأجيل الألعاب سيسمح بإقامتها العام المقبل “في شكلها الكامل، كدليل على تغلب البشرية على الفيروس الجديد”.
وقال متحدث باسم الحكومة اليابانية إن رئيس الوزراء كرر الرسالة ذاتها في اتصال مع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، مشيرا إلى أن الأخيرين اتفقا معا على أن الألعاب ستكون “دليلا على أن البشر هزموا فيروس كورونا المستجد”.
“أكبر مني بكثير”
ولم يسبق ان تم تعديل أي موعد لدورة أولمبية صيفية لسبب غير الحرب العالمية. وتم إلغاء دورات 1916 (بسبب الحرب الأولى)، و1940 و1944 (بسبب الحرب الثانية). وتعرضت اللجنة الأولمبية الدولية لانتقادات كثيرة بسبب تأخرها في إعلان تأجيل الألعاب الأولمبية في ظل تفشي وباء “كوفيد-19” الذي أدى الى أكثر من 18 وفاة معلنة حول العالم، وفرضِ قيود واسعة على حركة التنقل والسفر، قبل أن ترضخ باتخاذ قرار تأجيل دورة للمرة الأولى في التاريخ الحديث للأولمبياد (منذ 1896).
وأوضح باخ ان التبعات المالية لتأجيل أكبر حدث رياضي على الإطلاق “لم يتم التطرق إليها وليست الأولوية، الأمر يتعلق بحماية الحياة البشرية”، حيث كان يتوقع مشاركة أكثر من 11 ألف رياضي إلى جانب 90 ألف متطوع ومئات الآلاف من المسؤولين والمتفرجين من جميع أنحاء العالم.
ولخّص نجم السباحة الأميركي رايان لوكتي مشاعر خيبة الأمل والارتياح الذي أعرب عنها أغلب الرياضيين في العالم بعد قرار التأجيل. وقال لوكتي، المتوج بـ12 ميدالية أولمبية، في تصريح لصحيفة “لوس أنجليس تايمز”: “كنت متوترا بعض الشيء لأنني لم أكن أتدرب بارتياح”، مضيفا “لكن هذا الأمر كله أكبر مني بكثير. إنه أكبر بكثير من الأولمبيين، إنه يؤثر على العالم بأسره الآن”. وانتابت المشاعر الناس في شوارع طوكيو التي حظيت بالثناء على نطاق واسع لاستعداداتها مع ارتفاع الطلب على التذاكر وانتهاء الاشغال بالمواقع الرياضية قبل الموعد المحدد بفترة طويلة. وقال مهندس المعلوماتية الياباني موموكو دوكو، إن قرار تأجيل الألعاب “مخيب للأمل بالتأكيد، لكن عندما نفكر بصحة الرياضيين وأيضا المشجعين، يمكنني تفهمه”.
وأعربت صحيفة “طوكيو شيمبون” اليومية عن صدمتها بعنوان “مفاجأة وإحراج”.
وقالت “الأمر وكأن جميع جهود السنوات السبع الماضية عادت إلى الصفر”.
“دعونا نأمل”
وأوقفت مسيرة الشعلة الشعلة الأولمبية التي كان من المقرر أن تبدأ غدا من فوكوشيما. ويتعين على المنظمين الآن مصارعة مجموعة من الأسئلة التي لم تتم الإجابة عليها: هل لا تزال المواقع الرياضية متاحة؟ ماذا تفعل مع حاملي التذاكر والمتطوعين؟ كيف سيتم تكييف الألعاب مع جدول رياضي مزدحم في عام 2021؟وكان من المقرر ترميم قرية الرياضيين بأكثر من 4 ألاف شقة فاخرة، تم بيع المئات منها. كما يجب إلغاء عشرات الآلاف من حجوزات الفنادق وإعادة حجزها.
وأنفقت اليابان واللجنة المنظمة 12,6 مليار دولار على الألعاب حتى الآن، ويقول الخبراء إنهم قد يحتاجون إلى إنفاق نصف ذلك تقريبا لإعادة تنظيم الحدث قبل أن يأملون في تعويض الخسائر عندما يقام الأولمبياد.
وأشار رئيس اللجنة المنظمة طوكيو 2020 رئيس الوزراء السابق يوشيرو موري الذي تعافى من مرض السرطان، إلى معاركه الصحية كمصدر إلهام للأوقات الصعبة القادمة. وقال موري (82 عاما) “ليس لدينا خيار سوى أن يكون لدينا أمل. أنا نفسي عانيت من السرطان … لكن نجوت بفضل دواء جديد. أنا هنا، على قيد الحياة”.وتابع “دعونا نأمل بهذه الأشياء”.