أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام عبدالله بن عواد الجهني المسلمين بتقوى الله عز وجل والعمل على طاعته واجتناب نواهيه، وقال في خطبته: «إن الحياة الدنيا دار ابتلاء واختبار، وتبدل الأحوال وتقلب الليالي والأيام، فيها العبر لمن اعتبر، وفيها الفرح والسرور، وفيها الحزن والسرور، وفيها العسر واليسر، وفيها الصحة والمرض، والعافية أن يسلمك الله في كل أحوالها، روى ابن حبان في صحيحه من حديث رفاعة بن رافع قال: قام أبو بكر الصديق رضي الله عنه على المنبر، ثم بكى فقال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الأول على المنبر ثم بكي، فقال: سلوا الله العفو والعافية، فإن أحداً لم يعطَ بعد اليقين خيراً من العافية».
وأوضح فضيلته أنه ليس هناك نعمة بعد شهادة التوحيد والإيمان بالله مثل نعمة العافية، وهي السلامة في الدين من الفتنة، وفي البدن من سيئ الأسقام وشدة المحنة، فهي من الألفاظ العامة المتناولة الدفع جميع المكروهات، وهي بذلك أجل نعم الله على عبده، فيتعين مراعاتها وحفظها، وأبان أن الذكر جلاب للنعم ودافع للنقم، قال تعالى (إن الله يدافع عن الذين آمنوا)، فمن كان أكمل إيماناً وأكثر ذكراً كان دفاع الله تعالى عنه ودفعه أعظم.
وقال إمام وخطيب المسجد الحرام إن العالم غزاه جند من جنود الله، صغير الحجم كبير الضرر وانتشر في البلدان، وجاوز الفيافي والقفار، مر النبي صلى الله عليه وسلم بقوم مبتلين، فقال: أما كان هؤلاء يسألون الله العافية، واستفهامه عليهم إنكار، وكأنه عليه الصلاة والسلام يقول لهم: تستسلمون لهذا الابتلاء وعندكم الدواء والعلاج الناجع لما ألم بكم وهو الدعاء بالعافية ولا يوجد أفضل من هدي النبي عليه الصلاة والسلام وإرشاده لأمته بهذا الدعاء العظيم الشافي الكافي، ليزيد تعلق العبد بربه ويلقى يقيناً وبصيرة به، وأشار فضيلته إلى أن من ضروريات الإيمان بالله تعالى أن يعتقد المؤمن أن الله سبحانه وتعالى هو الخالق لهذا الكون، وهو المدبر له، يخلق ما يشاء ويختار، مبيناً أن القرآن الكريم حكم وأسرار، ومصالح للعباد أرشد فيه المولى أن على العبد أن يعلم أن المكروه قد يأتي بالمحبوب، والمحبوب يأتي بالمكروه، وأنه لا يأمن أن توافيه المضرة من جانب المسرة، ولا ييأس أن تأتيه المسرة من جانب المضرة لعدم علمه بالعواقب، فإن الله يعلم منها ما لا يعلمه العبد، وبذلك يرتاح من سوء الظن بربه في أنواع الاختبارات، ويفرغ قلبه من التقديرات والتدبيرات التي يصعد منها في عقبة وينزل في أخرى، ومع ذلك فلا خروج له عما قدر، فلو رضي باختيار الله، واستسلم لله وألقى بنفسه بين يدي القدر طريحاً كالميت، أصابه القدر حينئذ وهو محمود مشكور.
وأفاد فضيلته أن الإسلام حث على الوقاية وشرع من الأحكام ما يضمن وبذل الأسباب الشرعية وكل ما ينفع حتى تنالوا الصحة في إيمان والعافية في اطمئنان، موضحاً أن الإجراءات والاحترازات التي اتخذتها حكومة خادم الحرمين الشريفين – حفظها الله – مبنية على أُسس شرعية قبل أن تكون علمية، كما بذلت في الغالي والنفيس، وواجب علينا أن نكون عوناً لها على حمايتنا باتباع الإرشادات والبعد عن ما يرجفه المرجفون، بترك إرجافهم وعدم تناقل أخبارهم، وأوصى فضيلة الدكتور الجهني من ابتلي بهذا الداء بالصبر والاحتساب والثقة بالله تعالى والأخذ بالأسباب وعدم اليأس فالبشائر تولد من رحم المصائب، داعياً فضيلته تلمس حاجات كبار السن والضعفاء والمساكين وهو من البر والإحسان في هذا الظرف العصيب.