بالرغم من خوض الصين أكبر المعارك في مذبحة كورونا بحوالي 5000 وفاة من 85 ألف إصابة، منذ أواخر ديسمبر 2019 إلى أن خرجت من الأزمة تدريجياً خلال مايو، إلا أن الصين في نفس الوقت سجلت أعلى ارتفاع في إنتاج الفحم الخام وصل إلى 1.15 مليار طن في الشهور الأربعة الأولى من العام الحالي 2020 مرتفعة بنسبة 1.3 في المئة على أساس سنوي، رغم صيحات مناهض الفحم الأكثر تلوثاً للبيئة. وأظهرت بيانات الإحصاء أن البلاد أنتجت 320 مليون طن من الفحم الخام في أبريل الفائت، بزيادة 6.0 في المئة على أساس سنوي، وبانخفاض 3.6 نقاط مئوية مقارنة بالنمو المسجل في مارس.
واستوردت البلاد 30.95 مليون طن من الفحم في أبريل، بزيادة 22.3 في المئة على أساس سنوي. وفي الشهور الأربعة الأولى ارتفعت واردات الفحم بنسبة 26.9 في المئة لتصل إلى 130 مليون طن. وواصلت أسعار الفحم انخفاضها، حيث وصل سعر تداول الفحم الحراري تشينهوانغداو 5500 كيلو كالوري/ كغ، إلى 501 يوان (حوالي 70.63 دولاراً أميركياً) للطن الواحد في 8 مايو، بانخفاض 39 يواناً عن السعر في أوائل أبريل، وفقاً لما أظهرته البيانات.
يأتي توسع الصين الكبير في الفحم بالرغم من منهاضة البيئة العالمية لاستخدامات الفحم كوقود واستمر الانتقال إلى الغاز والغاز الطبيعي المسال. ومع تقدم العالم في التخلص التدريجي من الفحم، ازداد استخدام الغاز، لا سيما في أوروبا. وتختار البلدان جزئياً طاقة الغاز لميزة توسع نطاقها السريع وتوافرها عند الطلب، على عكس مصادر الطاقة المتجددة. ومع ذلك، فإن هذا يعني أنها قد اتخذت ضربة من انخفاض استخدام الطاقة الناجمة عن تفشي كورونا وما تلاه من إغلاقات.
وقررت بالفعل عديد الشركات العالمية التخلص التدريجي من الفحم ومنها النرويج بحلول العام 2038 مع قرار قادة الاتحاد الأوروبي بجعل الكتلة الكربونية محايدة بحلول العام 2030. وافقت فنلندا على فرض حظر على استخدام الفحم لإنتاج الطاقة، والذي يدخل حيز التنفيذ في مايو 2029، على سبيل المثال، وأعلنت هولندا عن خطط لإغلاق جميع محطات توليد الطاقة التي تعمل بالفحم بحلول العام نفسه، وحددت دول مثل أيرلندا والدنمارك وفرنسا مواعيد نهائية لاحقة.
من جهتها، أعلنت شركة سابك أنها تحول من استخدام الفحم إلى طاقة أنظف حيث تعمل بشكل متواصل على تقليل الكربون ضمن دفع جهود الحد من التغير المناخي حيث وضعت الشركة استراتيجيتها الأولى لطمان وجود الطاقة المتجددة ضمن مزيج الطاقة في سابك. كما بدأت التشغيل الكامل لمصنع يحقق التوليد المشترك للطاقة في (ماونت فيرنون) بولاية (إنديانا) الأميركية ويوفر 80 % من الحاجة إلى الكهرباء والبخار، مع الاستغناء التام عن استخدام الفحم في الموقع، وتشكل المشاريع من هذا القبيل معالم وإنجازات استثنائية.
وظهر تقرير صناعي أن صناعة الفحم في الصين سجلت نمواً ثابتاً في العام 2019، حيث شهدت تحسيناً في الهيكل الصناعي مع زيادة العرض والطلب. في الوقت الذي عززت فيه الصين الإصلاح الهيكلي في الصناعة، تم تخفيض عدد مناجم الفحم إلى حوالي 5300 بحلول نهاية العام 2019، بانخفاض من 5800 في نهاية العام 2018، حيث تحولت المناجم الحديثة الكبيرة إلى منتجين رئيسين للفحم في البلاد، وفقاً لما ذكره تقرير صادر عن جمعية الفحم الوطنية في الصين. وتم تحقيق المزيد من الفوائد للقطاع بفضل التطوير المتكامل لصناعات المنبع والمصب، حيث بلغت الأرباح الإجمالية لمؤسسات الفحم الرئيسة 283 مليار يوان (حوالي 39.9 مليار دولار أميركي) في العام 2019.
وارتفع استهلاك الفحم في البلاد بنسبة 1 في المئة على أساس سنوي، في حين ارتفع إنتاج الفحم الخام وصافي واردات الفحم بنسبة 4 في المئة و6.3 في المئة على التوالي، وفقاً لمصلحة الدولة للإحصاء.
إلى ذلك تراجع النفط عن أعلى مستوياته مؤخرًا حيث تتخلى الصين عن هدف الناتج المحلي الإجمالي السنوي بينما تستمر العلاقات الأميركية – الصينية في التدهور. يتمحور تداول النفط حول الأخبار الواردة من الصين بأن الحافز المهم الأول هو قرار الصين المضي من دون هدف نمو الناتج المحلي الإجمالي. والسبب في هذه الخطوة هو عدم اليقين الهائل حول وجهات نظر النمو الاقتصادي وكذلك التوترات المتزايدة مع الولايات المتحدة مما يجعل تقييم الوضع التجاري صعبًا.
كانت جائحة الفيروس التاجي وصلت إلى المناطق الأقل استعدادًا في العالم لتساهم بالضغط بشكل إضافي على توقعات النمو الاقتصادي العالمي الحالية. وبينما كانت بعض الصناعات تحاول الانتقال من الصين إلى دول أرخص حتى قبل تفشي الوباء، ما زالت الصين المصنع العالمي الذي يعتمد بشكل كبير على صحة الاقتصاد العالمي. إذا تعمق العالم في الركود، فلن تكون الصين في مأمن حتى لو كانت تسيطر بشكل كامل على الفيروس داخل حدودها. هذا سيناريو هبوطي للنفط والموارد الأخرى التي تعتمد قوتها السعرية على الصين كواحد من العملاء الرائدين.
في ضوء ذلك، فإن البيع في النفط ليس مفاجئًا. كان الارتفاع الأخير مهمًا للغاية وكان بحاجة إلى التراجع على أي حال. بالإضافة إلى ذلك، هناك محفز سلبي آخر مرتبط بالصين قيد التنفيذ، فالولايات المتحدة مستعدة لزيادة الضغط على الصين التي قررت تشريعاً يهدف إلى احتواء الاحتجاجات المؤيدة للديموقراطية في هونغ كونغ. انتقدت الولايات المتحدة هذه الخطوة. وقد وعد بعض أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالفعل بإدخال تشريع لفرض عقوبات على المسؤولين الصينيين الذين انتهكوا استقلال هونغ كونغ.
في الوقت الحاضر، تظهر أنباء عن زيادة التوترات بين الولايات المتحدة والصين على أساس يومي تقريبًا. في حين أن التحركات الفعلية محدودة، فإن العلاقات بين الولايات المتحدة والصين تتدهور بشكل واضح، مما يشكل مخاطر إضافية لسوق النفط. في الآونة الأخيرة، وصل الطلب الصيني على النفط إلى مستويات ما قبل الأزمة، وأي شيء يعرض هذا التقدم للخطر سيعتبر محفزًا سلبيًا للنفط.
على الرغم من كل الأخبار القاتمة على جبهة الصين، إن التراجع الحالي يمكن أن يتحول إلى شيء أكثر خطورة. كانت البيانات الأساسية الأخيرة قوية حيث أظهرت المخزونات علامات انخفاض بينما تم تنفيذ تخفيضات الإنتاج بقوة في جميع أنحاء العالم. إذا أظهرت التقارير القادمة انخفاضًا في كل من المخزونات والإنتاج، فقد تحصل أسعار النفط على دعم إضافي على الرغم من المخاوف بشأن مرحلة جديدة من الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين.