واصلت المملكة تسجيل نجاحات كبيرة وقفزات نوعية في تأسيس منظومة تكاملية شاملة أسست للأمن الغذائي بمفهومه الشامل، في الوقت الذي حقق فيه قطاع الزراعة معدلات إنتاج ونمو عالية، حيث بلغ حجم الناتج المحلي الزراعي للمملكة 61.4 مليار ريال، أي ما يعادل 2.33 % من الناتج المحلي الإجمالي، وبما يزيد على 4 % من الناتج المحلي غير النفطي.
ورغم حدة أزمة جائحة كورونا وتأثيرها الشديد على سلاسل الإمداد الغذائي في العالم من جهة ونقص المواد التموينية في بعض البلدان من جهة أخرى، إلا أن المملكة تجاوزت كل ذلك بنجاح من خلال قوة ومتانة المنظومة الخاصة بأمنها الغذائي والزراعي، حيث تتمتع المملكة باستراتيجية فريدة للأمن الغذائي كانت نتاج عمل الـ4 سنوات الماضية وهو ما مكنها من التعامل مع أزمة جائحة كورونا بشكل مثالي جدًا عكسه وفرة المخزون في الأسواق واكتفائها الذاتي من المحاصيل والمنتجات واللحوم والأسماك والخضار والحليب.
كان لرؤية سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الثاقبة وتوجيهاته السديدة بأن تُعهد رئاسة مجالس إدارات صناديق التنمية المتخصصة إلى الوزراء كل حسب قطاعه وربطها بصندوق التنمية الوطني الأثر البالغ والمردود الإيجابي على سير العمل في هذه الصناديق وتعظيم الفائدة المرجوة منها، وعلى رأسها قطاع التنمية الزراعية الذي شهد قفزات كبيرة في أدائه ومبالغ الإقراض الخاصة بالمشروعات المدعومة.
إلى ذلك، تهدف الدولة من خلال الاستراتيجيات الوطنية لكل من البيئة والمياه والأمن الغذائي والزراعة إلى تقديم نموذج مثالي للعمل المؤسسي من شأنه تعظيم الاستفادة من الموارد واستدامتها والمحافظة عليها.
لعبت رؤية 2030 دوراً أساسياً وكبيراً في تحقيق الوفرة الغذائية في المملكة واكتفائها الذاتي من منتجات ومحاصيل مهمة، ما ساعد المملكة في امتصاص الصدمات الكبيرة التي خلفتها جائحة كوفيد 19 على الأمن الغذائي في العالم، ورغم ارتفاع معدلات الإنتاج الزراعي، وتحقيق نسب اكتفاء عالية في كثير من المنتجات الزراعية، إلا أن المملكة حققت نجاحًا في خفض استخدام المياه للأغراض الزراعية، وذلك باعتماد ودعم التقنيات الحديثة، وسن التشريعات التي ترفع من كفاءة استخدام المياه.
حققت المملكة نتائج إيجابية ملموسة في مؤشر الأمن الغذائي العالمي، إذ تقدمت من المرتبة 32 في 2016 إلى المرتبة رقم 30 في 2019 من أصل 113 دولة تم قياسها، وتعمل بخطى واثقة لتحقيق مراتب أعلى خلال الفترة المقبلة، وعلى الرغم من اضطراب سلاسل الإمداد الغذائي عالميًا خلال جائحة كورونا، إلا أن المملكة لم تواجه أي خلل في سلاسل الإمدادات أو أي نقص في المخزون، إذ أثبتت استراتيجية الأمن الغذائي فاعليتها في هذه الأزمة. تمتلك المملكة سلاسل إمداد غذائية موثوقة بقدرة إنتاج يومية قادرة على الوفاء بكامل احتياجات المستهلكين، فضلًا عن أن الإمدادات الموجودة لا تتميز فقط بالكمية الكافية بل بالجودة العالية، كما تتمتع المملكة كذلك بأكبر طاقات تخزينية في الشرق الأوسط للقمح والدقيق بأكثر من 3.3 ملايين طن. وقد برهنت السعودية بأنها تمتلك نظامًا غذائيًا وزراعيًا على كفاءة عالية من الأداء وبدرجات كبيرة من الأمان والموثوقية، حيث رافقت الخطوات التطويرية أخرى مماثلة للتأكد من سلامة وجودة المحاصيل والمنتجات الزراعية.
ومكنت معايير الأداء التي استهدفتها وزارة البيئة والمياه والزراعة، من رفع نسب الإنجاز في 8 قطاعات رئيسة بعضها وصل إلى نسبة 100 % خلال أقل من 3 سنوات فقط من بدء عمليات التطوير.
وواكب القطاع الزراعي التحول الرقمي الذي تعيشه المملكة في المجالات كافة، استحداث برامج وإطلاق منصات إلكترونية ساعدته في اختصار الوقت والجهد في تحقيق مستهدفاته، ولأهمية الاستدامة المالية، استطاع صندوق التنمية الزراعية تحقيق التوازن المالي من خلال تحويل عجز بقيمة 568 مليون ريال لعام 2015 إلى فائض بحدود 50 مليون ريال، كما تم تعزيز دور الصندوق التنموي من خلال زيادة القروض المنسجمة مع الاستراتيجية الزراعية واستراتيجية الأمن الغذائي، حيث زاد التمويل من حوالي 450 مليون ريال في 2016 إلى نحو 2 مليار ريال في عام 2019.
أثبتت استراتيجية الأمن الغذائي حسن توجه الدولة فيما يتعلق بالجاهزية والموثوقية لمواجهة المخاطر خلال الأزمات والطارئة من خلال عدة ركائز ومنطلقات أسهمت بشكل مباشر في توفير المنتجات الزراعية والسلع الغذائية بالجودة والسعر المناسبين، وحققت المملكة خطوات متسارعة في سبيل رفع مستوى إدارة الموارد المائية في القطاع الزراعي أسهمت في خفض استهلاك المياه الجوفية لأغراض الزراعة من 17 مليار متر مكعب سنويًا عام 2015، إلى حوالي 8.5 مليارات متر مكعب عام 2020، نتيجة الاستغلال الأمثل للمياه المتجددة واستخدام المقننات المائية وطرق الري الحديثة.
وتمكنت وزارة البيئة والمياه والزراعة من خلال مواكبة التطورات التقنية والتحول الرقمي لأنشطتها من استحداث تطبيقات وإطلاق منصات إلكترونية أسهمت في تقديم خدماتها وإيصال رسائلها لكافة شركائها، الأمر الذي أسهم في الاستغلال الأمثل للموارد وتحسين نوعية المنتجات وتقليل التكاليف. وأسهم، التناغم الحاصل والتنسيق المستمر بين القطاع العام ممثلًا في وزارة البيئة والمياه والزراعة والقطاع الخاص في رفع الكفاءة الإنتاجية والتسويقية في القطاع الزراعي، ومن نتائجه، في العام 2015 كان حجم إنتاج الخضار في البيوت المحمية لا يتجاوز 257 ألف طن، وأصبح إنتاجها في عام 2020 حوالي 450 ألف طن، والاكتفاء الذاتي من الدجاج اللاحم بنسبة 65 % في حين كانت لا تتجاوز 40 % في عام 2015، كما بلغت نسبة إنتاج بيض المائدة ومنتجات الألبان الطازجة أكثر من 100 %.
إن التطور النوعي الذي حققته الوزارة في أدائها من خلال بناء منظومة تكاملية شاملة استفادت من التقنيات الزراعية الحديثة، يضاف إلى ذلك، استراتيجية الأمن الغذائي بمفهومها الشامل، التي ساهمت في وفرة المخزون الاستراتيجي وسلاسة سير العمل في سلاسل الإمداد، والاستفادة المثلى من المزايا النسبية في مناطق المملكة في عمليات الزراعة مع الحفاظ على هدف الموازنة المائية، وتحسين كفاءة الإنتاج في قطاع الثروة الحيوانية عبر برنامج إعادة توجيه الإعانات، ما أسهم في زيادة معدلات نمو الاكتفاء الذاتي، وتعظيم الاستفادة من الموارد المالية لصندوق التنمية الزراعية ما أسهم بشكل كبير في دعم استراتيجية المملكة للأمن الغذائي. تشهد الزراعة العضوية في المملكة نموًا متسارعًا هو الأكبر عالميًا، وذلك، عندما ولدت فكرة الإنتاج العضوي للمزارعين كنشاط جديد لمواجهة الطلب على المنتجات العضوية، والخروج من حدة المنافسة في الأسواق المحلية، وزيادة العائد الاقتصادي للمزارع، إضافة إلى الفوائد التي يتميز بها هذا النوع من الزراعة بيئياً ومساهمته في المحافظة على التوازن البيئي والموارد الطبيعية وتنمية المجتمع الريفي، ونتيجة ذلك زادت حركة نمو نشاط الزراعة العضوية مما حدا بوزارة البيئة والمياه والزراعة أن تضع على عاتقها مسؤولية تنظيم هذا النشاط وتنميته وتطويره بما يتوافق مع التوجه العالمي.
وفي ذات الاتجاه، أوضح وزير البيئة والمياه والزراعة المهندس عبدالرحمن بن عبدالمحسن الفضلي، أن استراتيجية الأمن الغذائي في المملكة، نجحت بعد تجاوز الاضطراب في سلاسل الإمداد التي أثّرت على إمدادات الغذاء عالمياً، في الوقت الذي عانت فيه غالبية دول العالم من تأثر سلاسل الإمداد الغذائية فيها، حيث قدمت المملكة نموذجاً رائعاً في تنفيذ استراتيجية الأمن الغذائي، والتعاون مع القطاع الخاص، والاستهلاك المسؤول من منافذ البيع، مشيراً إلى أن ذلك جاء نتاج عمل مؤسسي بدأته وزارة البيئة والمياه والزراعة منذ أكثر من 4 سنوات، وجنت ثماره خلال الأزمة الحالية.
وأكد، أن المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين حفظهما الله، تولي القطاع الزراعي والعاملين فيه الرعاية والاهتمام البالغين من خلال الدعم المستمر الذي يلقاه القطاع، ومن خلال اعتماد استراتيجيات الأمن الغذائي المنطلقة من رؤية المملكة 2030 الأمر الذي أسهم ولله الحمد في تعزيز الأمن الغذائي بالجودة والسعر المناسبين، خلال جائحة كورونا.
وقال الفضلي، إنه على الرغم من حدة أزمة جائحة كورونا وتأثيرها الشديد على سلاسل الإمداد الغذائي في العالم، إلا أن المملكة تجاوزت ذلك من خلال قوة ومتانة أمنها الغذائي والزراعي الذي مكّنها من تخطي «الأزمة»، مشيرًا إلى أن ما تم خلال الجائحة من تدابير وأعمال واحتياطات جاء نتيجة عمل استباقي مخطط له مع القطاعات الحكومية كافة بدأ منذ أكثر من 4 سنوات.
وبيّن، أن وفرة المعروض من المواد الغذائية والزراعية ذي الجودة العالية خلال أيام الأزمة أوضح نجاح هذه الاستراتيجية وثقة المستهلكين بوفرة المعروض طوال فترات الأزمة، وخصوصًا في أوقات منع التجول.
وأوضح وزير الزراعة، أن جهود الوزارة في استغلال الميز النسبية لكل منطقة من مناطق المملكة من ناحية المناخ ووفرة المياه، ودعم التقنيات الزراعية، أسهم في تحقيق القطاع الزراعي معدلات إنتاج ونمو عالية، وبلغ حجم الناتج المحلي الزراعي للمملكة 61.4 مليار ريال، ما يعادل 4 % من الناتج المحلي غير النفطي بالأسعار الثابتة، مؤكدًا أن هذا النمو في الإنتاج وتحقيق نسب اكتفاء عالية في كثير من المنتجات الزراعية، واكبه رفع في جودة المنتجات الزراعية، وخفض في استخدام المياه الجوفية للأغراض الزراعية بلغ أكثر من 10 مليارات متر مكعب خلال 2019، مشيراً إلى أن المملكة قد تقدمت في مؤشر الأمن الغذائي العالمي (GFSI) إلى المرتبة 30 من أصل 113 دولة، وذلك بواقع مرتبتين عن ترتيبها السابق. وأشار الفضلي، إلى أن رفع حجم الإقراض الذي يقدمه صندوق التنمية الزراعية، ووصل إلى مليار و900 مليون ريال في عام 2019 أسهم في نمو القطاع الزراعي، وزيادة عدد العاملين في هذا القطاع الحيوي.
وقال، إن الدعم الكبير الذي يتلقاه القطاع الزراعي من حكومة خادم الحرمين الشريفين، أسهم في تحقيق المملكة نتائج متقدمة في المؤشر العالمي، فيما تعمل المملكة بخطى واثقة لتحقيق مراتب أعلى خلال الفترة المقبلة. وأضاف قائلاً: «إن المملكة اليوم تتمتع بأكبر طاقات تخزينية في الشرق الأوسط للقمح والدقيق بأكثر من 3.3 ملايين طن، كما تحتوي على سلاسل إمداد غذائية موثوقة بقدرة إنتاج يومية قادرة على الوفاء بكامل احتياجات المستهلكين، فضلًا عن أن الإمدادات الموجودة لا تتميز فقط بالكمية الكافية بل بالجودة العالية».
وحول وفرة المواد الغذائية والسلع الزراعية في الأسواق ومنافذ البيع، بين الفضلي، أن وعي المواطن وثقته في الجهود التي تبذلها الدولة أيدها الله، كان أحد الأسباب الرئيسة لتوفر هذه المنتجات على مدار اليوم، وبأسعار مناسبة، مشددًا على أن تضافر الجهود والتنسيق المستمر بين القطاع العام ممثلًا بوزارة البيئة والمياه والزراعة، والقطاع الخاص، أسهم في رفع الكفاءة الإنتاجية والتسويقية للقطاع الزراعي.
وأكد الفضلي، أن المملكة اليوم حققت نسب اكتفاء ذاتي مرتفعة في العديد من المنتجات الزراعية، إذ تجاوزت نسبة الاكتفاء الذاتي من التمور 125 % ومن الخضار والدواجن نسبة 60 %، وتحقيق اكتفاء من البيض بنسبة 116 %، إلى جانب تحقيق اكتفاء ذاتي بنسبة 109 % من الحليب الطازج ومشتقاته، ومن الأسماك بنسبة 55 % بنسب موثوقية وجودة عالية. مشدداً، على أن المملكة ماضية قدمًا في تطوير النظام الزراعي المستدام، بما يعزز أمنها الغذائي، ويحافظ على الموارد الطبيعية، إضافة إلى التوسع في الاستثمار الزراعي في الخارج في الدول التي تمتلك ميزًا نسبية، داعيًا الله العلي القدير أن يجزي خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده خير الجزاء على كل ما يبذلونه في خدمة الوطن والمواطنين، وأن يديم على هذه البلاد نعمة الرخاء والاستقرار، وأن يوفق الجميع لتحقيق تطلعات ولاة الأمر وخدمة وطنهم ومواطنيهم.