الرياضة أصبحت صناعة لذا لم تعد متابعتها مقتصرة فقط على الرياضيين، فهناك آخرون ليسوا في الوسط الرياضي وأصحاب مسؤوليات ومهام بعيدة عن الرياضة، لكنهم يعشقونها سواء حديثاً أو منذ فترة طويلة.
الوجه الآخر الرياضي لغير الرياضيين تقدمه «دنيا الرياضة» عبر هذه الزاوية التي تبحث عن المختصر الرياضي المفيد في حياتهم، وضيفنا الدكتور بندر العصيمي من نجوم التثقيف الطبي التي لمعت مؤخراً في أزمة كورونا يتحدث لنا عن «الوجه الآخر» لشخصيته. د. العصيمي يعمل أستاذاً مساعداً في كلية الطب ومديراً للمعامل البحثية بمدينة الملك فهد الطبية، حصل على الدكتوراه في الفيروسات من مركز أبحاث السرطان في جامعة مانشستر، وماجستير في الأمراض المعدية والميكروبات من كلية الطب في نفس الجامعة. ويحمل شهادة الماجستير في قيادة وإدارة المنظمات الصحية من جامعة سالفورد، وصدر له مؤلف بعنوان «معبر غزلان – ثمانون من حكايا مبتعث في مانشستر»…* في البداية، هل ترى اختيار تخصصك العلمي أنه كان عن قناعة تامة منك أو من تأثير الآخرين؟
«كورونا» أفقدتنا كرة القدم ومتابعتها… والكرة الطائرة ترافقني دائماً
أشهر الكرتين الأصفر والأحمر لمحمد صلاح
- في الحقيقة كانت قناعة متأثرة بالسفر، عشت 13 سنة من حياتي بعيداً عن الرياض حيث الأهل والأصدقاء، هذا الولع بدأ عندي قديماً وكان المؤثر الأكبر في اختيار تخصصي الجامعي، كان قراري الجازم بعد الثانوية هو عدم الدراسة في جامعات الرياض وكنت أفكر بالهندسة في جامعة الملك فهد للبترول وفي العلوم الطبية في جامعة الملك سعود بالقصيم، وفعلاً تخصصت في الميكروبات الممرضة ودرستها في خمس سنوات. ثم استمرت رحلة امتداد التخصص في الماجستير والدكتوراه بمانشستر لمدة ثماني سنوات.
* هل ترى في ظل أزمة كورونا أن التخصص أفادك كثيراً في تقديم معلومة كافية لمتابعيك؟
- منذ عودتي من مانشستر العام 2015 حصلت على منحتين بحثيتين من مركز الأبحاث في مدينة الملك فهد الطبية، وقمت بتأسيس معمل أبحاث للفيروسات مشابه لذلك الذي كنت أعمل فيه بمانشستر، وتركزت أبحاثي أكثر حول الإنفلونزا وكورونا ميرس السابق. أكاد أجزم أني في مواقع التواصل الاجتماعي لم أقدم نفسي كباحث في الفيروسات التنفسية في السابق أبداً، وكل محاولاتي في إثراء المحتوى العربي بالمعلومات الطبية في تويتر كانت تبوء بالفشل ولم تلق أي اهتمام من الناس. كل من يقرأ في حسابي بتويتر ينظر إلى بندر الكاتب في أدب الرحلات والمهتم بالشعر والمولع بالحياة الإنجليزية والتي كان نتاجها كتاب “معبر غزلان: ثمانون من حكايا مبتعث في مانشستر”. ولكن مع بداية انتشار فيروس كورونا المستجد في الصين بدأت في ترجمة الأبحاث الطبية وكتابة سلاسل التغريدات عن مستجدات الانتشار الوبائي التي وافقت اهتمام الناس ولامست احتياجهم، وحصلت القفزة من 10 آلاف متابع إلى خمسين ألفاً.
* أنت متابع للمشهد الحالي مع مرض كورونا، هل ترى أن الجميع أصبح يقدم معلومة صحيحة؟
- في ظني مع تسارع الأبحاث والمستجدات في أزمة كورونا الآن هناك معلومة جديدة ومعلومة قديمة ولا مكان لمن يقدم المعلومة الخاطئة. وإذا لم يكن المختص على كفاءة عالية لمتابعة المستجدات البحثية فمن الأفضل أن يتوقف عن المشاركة. تقديم معلومة خاطئة في هذه الأزمة بمثابة الجناية، وهي عبء ثقيل لا يليق بالمختص تقديمه في هذا الوقت الحرج، هذا في المختصين بالعلوم الطبية، أما غير المختصين فمن تكلم في غير فنه أتى بالعجائب.
>أفخر كثيراً بمتابعة الناس للمستجدات الطبية
- كمختص، كيف ترى تعاطي المجتمع مع الكمية الهائلة من المعلومات الطبية؟
- ما نعيشه الآن من اهتمام مجتمعي بالفيروسات والعلوم الطبية هو من دواعي الفخر حقيقة، أشعر بسعادة غامرة من كمية المشاركات التي تأتي من غير المختصين عندما يتساءلون عن (الطفرات الجينية، تسطيح المنحنى، معدل R0، مستقبلات الفيروس، فحص PCR، مناعة القطيع، صناعة اللقاحات، التجارب السريرية) مصطلحات طبية لولا أزمة هذا الفيروس لم يكن من الممكن أبداً أن يعرفها المجتمع.
*هل ترى أن ثمة علاقة تجمع الرياضة بالطب؟
- ارتباط وثيق جداً، الرياضة كمفهوم صحي تعنى بتحسين اللياقة البدنية ونبض القلب والجهاز التنفسي، كما أن لها تأثيراً على الصحة العقلية والمزاج. وتسهم أيضاً في الحد من مخاطر الإصابة بالسمنة وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب التاجية والسكتة الدماغية وداء السكري ومختلف أنواع السرطانات (بما في ذلك سرطان الثدي وسرطان القولون) والاكتئاب.
>أدعو غوارديولا ودي بروين وأغويروا لمنزلي
* نعود لمانشستر، قرأنا لك تغريدة عن أجمل لحظاتك في مانشستر وكانت ولادة ابنتك أرين أحدها وحصولك على الدكتوراه من واحدة من أفضل 20 جامعة على مستوى العالم ولكن الغريب أن من أجمل لحظاتك كان هدف سيرجيو أغويرو لاعب مانشستر سيتي في موسم 2011-2012، ما قصتك مع مانشستر سيتي؟
- هناك مجموعة من المؤثرات، مدينة مانشستر هي مدينة الجنون الكروي الإنجليزي، لا يمكن أن تعيش في المدينة دون أن تنتمي لأحد القطبين، كل أصحابي من الإنجليز من عشاق السيتي، وكنت أعمل لخمس سنوات في مستشفى سينت ميري المطل على ملعب الاتحاد، كانت تأتي لطلاب الجامعة عروض مخفضة لحضور المباريات، كل شيء حولي في مانشستر كان بلون السماء، كان عشقاً يتنامى، منذ وصولي لمانشستر العام 2008 كنت أشهد تحول هذا الفريق كل يوم من نادٍ مغمور غائب عن لقب البريميرليغ لأكثر من 40 سنة إلى أحد أفضل الأندية الأوروبية.
- كيف ساعدت كرة القدم في انسجامك مع المجتمع الإنجليزي؟
- كرة القدم كانت مفتاح النقاشات مع الإنجليز، حتى في اللقاءات العابرة مع الغرباء لابد من التعريج على كرة القدم، هي أسهل طريقة لإذابة الثلج مع البريطان في الجامعة والطرقات والمستشفى وطوابير الانتظار وكل مكان. دراسة الدكتوراه في جامعة مثل مانشستر كانت تحدياً كبيراً جداً، والعمل ضمن منظومة الصحة البريطانية NHS متعب جداً، لذا كانت عطلة نهاية الأسبوع هي المتنفس الوحيد، ومجموعة المنافسات الكروية يوم السبت كانت بمثابة نزهة مؤقتة عن حالة الضغط النفسي المستمر، طبعاً إذا انتصر السيتي في تلك الجولة فسيكون في جعبتي الكثير من الشماتات التي سألحقها بأصدقائي من عشاق الأندية الأخرى لمدة أسبوع كامل.
* مع ماذا تميل في مفهوم الرياضة، هل هي صناعة أم ترفيه؟
- لا أعتقد أن هناك مثالاً أكثر دلالة على أن الرياضة هي صناعة استثمارية من مانشستر سيتي، صفقة بقيمة 200 مليون جنيه إسترليني لصالح مجموعة أبو ظبي المتحدة للسيطرة على مانشستر سيتي في 1 سبتمبر 2008، الخطوة التي جعلت نادي مانشستر سيتي من فريق مهدد بالإفلاس لواحد من أغنى أندية العالم.
* ما المساحة الحقيقية للرياضة في حياتك؟
- أنا من عشاق لعب كرة الطائرة ولم أنقطع عنها من العام 2010 رغم الإصابات، كنت المشرف على تنظيم لعب كرة الطائرة كل يوم جمعة في إحدى الصالات الرياضية المغلقة التابعة لجامعة مانشستر، ولم نتوقف أبداً.
* متى كانت آخر زيارة لك للملاعب السعودية؟
- في الحقيقة لم أذهب لأي ملعب في السعودية وليس لي أي ميول في الرياضة السعودية.
* أي الألوان الكروية يشكل الغالبية السائدة في منزلك؟
- لا يوجد أي اهتمام بالكرة الإنجليزية في منزلي، ولكن كل الهدايا للأحباب من حولي كانت قمصان مانشستر سيتي، وفي مجلسي الخاص لوحة كبيرة لملعب الاتحاد تحاكي تلك الإطلالة التي كنت أراها من الطابق الخامس في مستشفى سينت ميري بمانشستر.
- لمن توجه الدعوة من الرياضيين لزيارة منزلك؟
- بيب غوارديولا، وكيفين ديبروين، وسيرجيو أغويرو.
* البطاقة الحمراء في وجه من تشهرها؟
- محمد صلاح
* ولمن توجه البطاقة الصفراء؟
- لـمحمد صلاح أيضاً.
* المساحة لك لتوجه روشتة لصفحة رياضية أو برنامج رياضي؟
- تباً كورونا، افتقدنا كرة القدم كثيراً..