الصناديق العقارية المتداولة ريت REIT من أفضل الاستثمارات وأقلها مخاطر وعوائدها جيدة وتهدف إلى تسهيل الاستثمار في قطاع العقارات المطورة والجاهزة للاستخدام التي تدر دخلاً دورياً وتأجيرياً، تتميز صناديق الاستثمار العقارية المتداولة بانخفاض تكلفة الاستثمار فيها مقارنة بصناديق الاستثمار العقارية الأخرى والتزامها بتوزيع 90% من صافي أرباحها سنويا كحد أدنى، كما يمكن لهذه الصناديق الاستثمار محلياً وإقليمياً وعالمياً بشرط ألا يزيد إجمالي قيمة أصول الصندوق من العقارات خارج المملكة على 25 % وذلك وفقاً لسياسات هيئة السوق المالية، وهي قنوات استثمارية مثالية تجمع بين الاستثمار في العقارات المدرة للدخل وبين سهولة التسييل ولذلك استحوذت هذه الصناديق على اهتمام المستثمرين في العالم وأصبحت من المكونات الأساسية للأسواق العالمية وهي أحد متطلبات إدراج الأسواق المالية في المؤشرات العالمية ولذلك عملت هيئة السوق المالية السعودية على إدراج عدد من الصناديق العقارية لتسهيل عملية الدخول في المؤشرات العالمية ربما كانت البداية غير مثالية من ناحية ضعف رؤوس الأموال أو التقييمات للأصول العقارية وأيضاً عدم إلمام الكثير من المستثمرين بالأهداف الأساسية للصناديق العقارية وتم التعامل معها بأسلوب مضاربي بحت وارتفعت الأسعار إلى أرقام عالية جداً تراجع معها نسبة العائد السنوي إلى أقل من 1% وهذا تسبب في عزوف المستثمرين وتراجعت معظم أسعار الصناديق إلى مستويات 8 ريالات أقل بـ20% من القيمة الاسمية ولكن في ظل العوائد والتقييم العالي للأصول العقارية فإن سعر 8 ريالات كان مثالياً وجاذباً للمستثمرين، هيئة السوق المالية قامت لاحقاً بتعديل الشروط والأحكام للصناديق العقارية بعد اكتشاف ورصد العديد من الملاحظات، وبعد التعديلات الأخيرة أصبحت أكثر جاذبية بسبب العوائد المجزية التي وصلت إلى أكثر من 7 % لبعض الصناديق مع استقرار سعر الوحدة التي عادة لا تتأثر كثيراً بتقلبات الأسواق المالية، في هذا العام ومع جائحة كورونا التي ضربت كل مناشط الحياة وحركة الناس تأثرت كثيراً الصناديق العقارية وتراجعت إيراداتها ولأن المصائب لا تأتي فرادى فقد أظهر التقييم للأصول العقارية ان هنالك تراجعا في قيمة الأصول العقارية وقامت إدارات الصناديق العقارية بخفض قيمة الأصول العقارية خصماً من الأرباح المحققة ووصلت بعضها إلى تسجيل خسائر، أيضاً بعض الصناديق حصلت على تسهيلات مصرفية من أجل الاستحواذ على أصول عقارية وقد تواجه هذه الصناديق تعثر في السداد.
المرحلة القادمة ربما تكون أكثر صعوبة على إدارات الصناديق العقارية فهنالك توقف بعض الأنشطة التجارية وإغلاق الكثير من المحلات والمكاتب والمستودعات والفنادق وخصوصاً التي توقفت تماماً عن العمل مثل الفنادق التي تعمل في ضيافة الحجاج والمعتمرين والزائرين والتي لن تستأنف إلا مع بداية 2021 وربما تكون البداية ضعيفة بسبب الاحترازات الصحية التي قد تستمر حتى اختفاء فيروس كورونا تماماً كما أن الأصول العقارية قد تستمر في التراجع مع بقاء ضريبة الدخل عند المستويات الحالية، حتى التخارج من بعض الأصول التي قد تراجعت عائداتها قد لا يكون له جدوى مالية مع تباطؤ النشاط العقاري، وقد يستمر تأثير الأزمة الاقتصادية على النشاط العقاري عدة سنوات، ولكن من رحم الأزمة قد تولد فرص جيدة يمكن أن تعظم القيمة للصناديق العقارية التي لديها رؤية ثاقبة وإدارة محترفة وذلك باقتناص بعض الفرص العقارية التي قد تكون أسعارها جاذبة ومجدية على المدى الطويل والاستفادة من التسهيلات المصرفية للاستحواذ على الأصول بأقل الاسعار وتكاليف تمويلية منخفضة مع انخفاض سعر الفائدة والتي قد تستمر عند هذه المستويات لمدة ثلاث سنوات حسب توقعات الفيدرالي الأميركي خلال اجتماعه الأسبوع الماضي.
حقق قطاع الصناديق العقارية المتداولة خسارة قدرها 17 مليون ريال في النصف الأول من العام الحالي 2020 مقابل أرباح تجاوزت 276 مليون ريال، صندوق سويكورب أكثر الصناديق خسارة بحوالي 141 مليون ريال جلها بسبب إعادة تقييم الأصول العقارية يليه صندوق جدوى ريت والذي تقع أصوله العقارية بجوار الحرمين الشريفين حيث أغلقت أغلب الفنادق بسبب توقف الحج والعمرة كما أن الصندوق قام بإعادة تطوير ودمج عقارين قريبة من الحرم المكي لإقامة برج فندقي عليها وقد يظهر أثرها المالي بعد الانتهاء من تطويرها.
قد لا تكون معظم الصناديق العقارية المتداولة جاذبة للمستثمرين خلال الفترة القادمة في ظل التراجع الحاد في الأرباح كما أن أسعار الوحدات لم تتأثر كثيراً وبالكاد تراجعت أسعارها تراجعاُ هامشياً لم يتجاوز 2% ولذلك أن لم تتراجع الأسعار بمستوى تراجع الأرباح فان الاستثمار في معظم الصناديق العقارية غير مجدٍ.