حذر رئيس قسم الأنظمة بالجامعة الإسلامية د. فهد بن محمود السيسي من الهشاشة المعرفية، وضعف التكوين المهني لدى بعض طلبة القانون الذين جعلوا الغرض الأساس من دراستهم الحصول على الإجازة الدراسية دون سلوك طريق إثرائي مواز لها يتمثل في قراءة الكتب القانونية الرصينة، وحضور الدورات التطويرية.
وأكّد خلال حديثه على أهمية التخصص لأن خريج القانون يعمل على حماية المظلوم، وإنفاذ العدالة، والمساهمة في تطوير القوانين لتحمي الحقوق، وتناسب الاحتياجات، وتخدم الوطن، مشيراً إلى أهمية تحديد الهدف من الدراسة، وتقوية القاعدة الشرعية والإلمام الفقهي، لبناء قانوني ناجح ومميز، مستنداً في طرحه إلى المواد الأولى من أنظمة المرافعات الشرعية والمرافعات أمام ديوان المظالم ونظام القضاء، والمادتين الثامنة والأربعين والتاسعة والأربعين من النظام الأساسي للحكم، وفيما يلي نص الحوار:
معايير الإقبال
- نلحظ إقبالاً كبيراً من الطلبة على تخصص “القانون” فهل يعني ذلك وفرة الفرص الوظيفية أمامهم؟
- من المتقرر في البيئة الأكاديمية أن إقبال الطلبة على التخصص وبعدهم عنه خاضع لمعايير معينة، وهذه المعايير إما أن تكون جاذبة للجيل الجامعي أو طاردة له، ومن أهم هذه المعايير هو وفرة الفرص المستقبلية لهذا التخصص ومدى تلبيته لسوق العمل وأثر المردود الذاتي المعرفي للطالب، والأمان الوظيفي المترتب على أعمال هذا التخصص.
وحين تطبيق هذه المعايير على واقع التخصصات الأكاديمية نجد أن تخصص الدراسات القانونية “شريعة، أنظمة، قانون، حقوق” منطبق على المعايير المذكورة آنفاً جملةً وتفصيلاً، هذا الانطباق جعل لهذا التخصص مكانةً كبيرةً لدى الطلبة، رغبةً منهم في رفع مستوى كفاءتهم العلمية والحصول على وظائف حكومية أو استحداث الفرص الخاصة التي تمكنهم من سوق العمل مستقبلاً.
وطبيعة الدراسات القانونية أو الكليات الحقوقية في المملكة قد تغيرت مؤخراً تغيراً ملحوظاً، من حيث تعددها وتنوع وجودها والدرجات العلمية التي تمنحها، وكذلك تغيرت من حيث مسميات المقررات وجودة المناهج وقوة مفرداتها بما يتسق مع التطور العالمي المشهود والنقلة العدلية التي تعيشها المملكة اليوم، الأمر الذي يحقق نظرة شمولية لطالب القانون.
تحديد الأهداف
- كيف تفسرون حيرة بعض طلبة القانون وضعف استفادتهم من التخصص؟
- للأسف مع جميع المحفزات في هذا التخصص، إلا أننا نجد عدداً كبيراً من طلبة القانون لا يزالون يعيشون في حيرة حول كيفية الاستفادة من هذا التخصص تمام الاستفادة، تبدأ هذه الحيرة من دخولهم الجامعة، حيث نجد أن عدداً منهم قد انضم إلى هذه الكليات وجلس على مقاعدها دون تحديد هدف معين من دراسته؛ ما يترتب عليه شتات في الدراسة وضعف في النتائج، بخلاف الطالب الذي حدد هدفه من الدراسة سلفاً، ذلك أنه إذا حدد هدفاً مستقبلياً فإن ذلك سينعكس على دراسته.
ومثلاً النيابة العامة من أكثر الجهات احتياجاً لخريجي الدراسات القانونية، وطالب القانون إذا حدد النيابة العامة هدفاً مستقبلياً له فإنه ملزمٌ بالاهتمام بالمواد ذات العلاقة بهذه الوظيفة، كمادة النظام الجزائي العام والخاص، ومادة نظام الإجراءات الجزائية ومادة علم الإجرام والعقاب، يهتم بها اهتماماً يفوق غيرها من المواد، وهكذا لو أراد أن يصبح محامياً فليهتم بالمواد ذات العلاقة بالمحاماة والتوثيق والعقود والمرافعات وغيرها والدراسات العليا هدف من أهداف الدراسة وليست الهدف الوحيد لذلك لا ينبغي للطالب أن يُحبط في حال عدم قبوله.
الهدف المستقبلي
- ما أهمية تحديد الهدف المستقبلي للطلبة؟
- إذا فقد الطلبة بوصلة الهدف المستقبلي فسيتأثر تحصيلهم ودرجاتهم الدراسية، فتحديد الهدف مهم جداً، وحينها سيجدُ فارقاً كبيراً بينه وبين زملائه الذين جعلوا الغرض الأساس من دراستهم هو الحصول على الشهادة فقط، وأود أن يعلم جميع إخواني الطلبة أنّ شتات الهدف التخصصي مضعفٌ لجني الثمار التي قد تم ذكرها آنفاً.
وإذا حدد الطالب الهدف التخصصي من دراسة القانون فإنه من المناسب أن يتخذ له خطاً تحصيلياً موازياً للدراسة الجامعية، بحيث يبني بها نفسه بناءً قانونياً راسخاً، فيحرص على قراءة الكتب القانونية الرصينة، بالإضافة إلى حضور الدورات ذات العلاقة بالقانون شريطة أن تكون الدورة عند مدرب معتمد موثوق في بابه، وكذلك الاطّلاع على المقالات القانونية الهادفة التي تعينه على تغذية هدفه من دراسة القانون، حينها سيجد في نفسه إقبالاً على دراسته وتعليمه.
الإلمام الفقهي
- نصيحة ختامية لطلبة القانون؟
- إن كان لي من نصيحة ختامية لجميع طلبة القانون بمختلف أهدافهم وتخصصاتهم ودرجاتهم العلمية فإني أحثهم على تقوية القاعدة الشرعية والإلمام الفقهي، حيث إن إهمال هذين الجانبين سيؤدي إلى ضعف المخرجات القانونية لدينا، بل إن الطالب مهما بلغ تميزه في الجانب القانوني فإنه سيبقى محدوداً.
وكثيراً ما أردد: “في هذه البلاد المباركة لن يكون القانوني ناجحاً مميزاً إلّا إذا سار في طريق هذا العلم بساقين، القانون والشريعة، ومتى استغنى بأحدهما عن الآخر فإنه سيسير أعرج” ومستندي ودليلي في ذلك المواد الأولى في أنظمة المرافعات الشرعية والمرافعات أمام ديوان المظالم ونظام القضاء، بل إن النظام الأساسي للحكم في مادتيه 48، 49 أشار إلى ذلك صراحة.