أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط ضرورة الحفاظ على الزخم الدولي المساند للبنان في المرحلة المقبلة بما يسمح بانتشاله من أزمته الحالية، مطالبا النخبة السياسية بالتوصل سريعاً إلى التوافق المطلوب من أجل أن تخرج إلى النور حكومة تلبي طموحات اللبنانيين وتكون على مستوى توقعاتهم وآمالهم .
وقال أبو الغيط ، في كلمته في الاجتماع الوزاري لمجموعة دعم لبنان الذي عقد اليوم “الأربعاء” عبر تقنية “الفيديو كونفرانس”:” إن الحفاظ على هذا الزخم الدولي المساند للبنان، والذي تولد بعد انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس الماضي، يُعد أمراً حيوياً في المرحلة المقبلة ، وأنه من المهم أيضاً أن تتحول هذه الموجة العارمة من التعاطف مع لبنان إلى خطط ملموسة، سواء للمُساعدة العاجلة أو التعافي طويل الأجل، وبما يسمح بانتشال هذا البلد من أزمته الحالية”.
وأضاف “لقد رأينا أن بعض الاحتياجات العاجلة تم تلبيتها على نحو مناسب بفضل مساعدات كريمة من الدول المانحة ومن عدد من المنظمات الدولية، على رأسها الأمم المتحدة، على أن الأزمة المركبة التي يعيشها لبنان، والتي يظل انفجار المرفأ أحد أوجهها، تتطلب التزاماً طويل الأجل بالمساعدة في مجالات لها علاقة وثيقة باستقرار هذا البلد وتعافيه”، مشيرا على نحو خاص إلى الإصلاحات المطلوبة في المنازل التي تعرضت لدمار جزئي أو كلي، وكذا في المباني العامة والمرافق، وخاصة المدارس والمستشفيات، وكلها مجالات تحتاج إلى مساعدات من نوعيات مختلفة ، لكي تستعيد العاصمة اللبنانية” بيروت” في وقت قصير الحياة الطبيعية والبهاء المعهود عنها.
وأكد أن الجامعة العربية وظفت، منذ اليوم الأول، كافة إمكانياتها ومنظماتها المتخصصة ومؤسسات التمويل العاملة في الإطار العربي، من أجل تقييم الخسائر وتقديم المساعدات في القطاعات التي يحتاجها اللبنانيون، لافتا إلى أنه في الاجتماع الوزاري الأخير للمجلس الاقتصادي والاجتماعي للجامعة تم تبني بند مُفصّل حول سبل تقديم الدعم للجمهورية اللبنانية اقتصادياً واجتماعياً لتمكينها من التغلب على تداعيات كارثة انفجار المرفأ.
وقال “أبو الغيط “إن اللبنانيين يُقدرون حالة التعاطف والإسناد الدولي، حيث طالما شكلت العلاقات مع العالم الخارجي ركناً اساسياً في شخصية الوطن والمواطن اللبناني، على أن لبنان يعرف أيضاً أن عليه أن يُساعد نفسه أولاً ، لكي يخرج من هذه الأزمة المركبة والعميقة.
وتابع أبو الغيط :”لقد عبر اللبنانيون بصوتٍ واضح عن مطالبهم، قبل انفجار المرفأ وبعده ، وإنهم يريدون إصلاحات حقيقية تمس أوضاعهم المعيشية التي تدهورت بصورة غير مسبوقة، وبخاصة ما يتعلق بتقديم الخدمات كالكهرباء وغيرها، وأن ما يطالبون به هو الشفافية في الاقتصاد والسياسة”، مشيرا إلى أن الكرة الآن في ملعب النخبة السياسية، وإن هذه النخبة مطالبة بالتوصل سريعاً إلى التوافق المطلوب من أجل أن تخرج إلى النور حكومة تلبي طموحات اللبنانيين وتكون على مستوى توقعاتهم وآمالهم .
وقال أبو الغيط:” إننا جميعاً نعرف الإصلاحات المطلوبة والمأمولة، ولكن الأمر يتطلب إرادة سياسة حقيقية وعزماً راسخاً على تحقيق إصلاحات شاملة وليست جزئية أو تجميلية”.
وأكد أن حياد لبنان يظل – من وجهة نظر الجامعة العربية- مبدأً مهماً وجوهرياً لاستقرار هذا البلد وازدهاره، معربا عن تطلعه إلى أن تتبناه الحكومة الجديدة ، كتوجه وسياسة تصون لبنان من النيران المشتعلة حوله، منبها إلى أن “شرارةً بسيطة قد يكون من شأنها إشعال حريق كبير في بلدٍ يعيش على توازنات نُدرك جميعاً مدى دقتها وتعقيدها ، ولا يرغب أحدٌ في رؤية المزيد من الحرائق في لبنان”.
وشدد على أن “النأي بالنفس” عن التجاذبات الإقليمية فيه حماية للبنان ، فلا ينبغي أن يكون هذا البلد الصغير مسرحاً لصراعات إقليمية أو ساحة لتصفية حسابات لا تأخذ الشعب اللبناني في الاعتبار، وإنما تهدف إلى تحقيقِ أجنداتٍ تتجاوز لبنان وتُعرضه للخطر وتُوتِّر علاقاتِه مع أصدقائه.
وأشار إلى أن لبنان، البلدُ المؤسس في الجامعة العربية منذ نشأتها، استطاع أن يتجاوز محناً وعثرات ، محافظاً على شخصيته الفريدة، وانفتاحه الفذ على الآخرين، داعيا الجميع إلى أن يظلوا إلى جوار لبنان وألا يتخلوا عنه، كما دعا قادة لبنان وسياسييه أن يكونوا عند مستوى تطلعات شعبهم العظيم، موجها الشكر إلى الأمم المتحدة وفرنسا على رعاية هذا الاجتماع الهام.