يعود إنشاء جهة حكومية تُعنَى بجباية الزكاة إلى لحظة تاريخية قديمة، قريبة من لحظة إعلان الملك المُؤسِّس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود – طيب الله ثراه – توحيد البلاد وتسميتها باسم (المملكة العربية السعودية).
كان ذلك في العام 1355هـ (1936)، أي بعد أربع سنوات فحسب من إعلان توحيد المملكة، حينما تم إنشاء (مكتب الزكاة والدخل)، ومنذ ذلك الحين مَرّت الهيئة العامة للزكاة والدخل بمراحل عدة في التطور والبناء، منها التحوُّل إلى (مصلحة الزكاة والدخل) في العام 1370هـ، لتستقر أخيراً تحت مسمى (الهيئة العامة للزكاة والدخل)، بموجب الأمر الملكي رقم (أ/133) وتاريخ 30 / 7 / 1437هـ، الذي نصَّ على تـحوُّل (مصلحة الزكاة والدخل) إلى (الهيئة العامة للزكاة والدخل)، ويكون لها مجلس إدارة يرأسه وزير المالية.
وعبر مسيرة طويلة من العمل في جباية الزكاة وتحصيل الضرائب، مَرّت الهيئة العامة للزكاة والدخل بتطورات عدة، امتلكت خلالها بنية تحتية متينة، جعلت منها نموذجاً مؤسسياً متميزاً يُحتَذى به في إدارة الزكاة والضرائب بفاعلية وشفافية وتركيز على العميل.
وقد بلغت الهيئة أوج أدائها خلال العهد الزاهر الذي تعيشه المملكة، تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله -، ودعم صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، إذ شهدت الهيئة عدداً من القفزات الكُبرى منذ بَدْء تطبيق استراتيجيتها التحوُّلية (2018 – 2020).
واعتمدت الهيئة في رحلة التحول هذه على أفضل الممارسات العالمية، مع تطوير وتطبيق أنظمة متقدمة لإدارة الزكاة والضرائب، كان منها التطبيق الفعّال لمشروعَيْ ضريبة القيمة المضافة، وضريبة السلع الانتقائية، جنباً إلى جنب إنشاء لجان التسوية، بالإضافة إلى تدشين مشروعَيْ تسعير المعاملات، والأختام الضريبية الرقمية.
وعلى صعيد خدمة المكلفين بأنظمة الزكاة والضرائب، عملت الهيئة على إثراء تجربة عملائها بتحسين منظومة حلولها التقنية وتحسين إجراءات تقديم الخدمات، فقد تم في سبيل ذلك توثيق وتحسين أكثر من 155 إجراءً، وتدشين أكثر من 60 خدمة إلكترونية، مع إصدار نماذج الإفصاح الـمُحدَّثة، مما نتج عنه ارتفاع في مؤشر رضا المكلفين في المملكة، ليصل في نهاية العام 2019 إلى 80 %.
وعلى الصعيد الدولي، فقد أثمرت استراتيجية الهيئة العامة للزكاة والدخل (2018 – 2020) عن حضور فعّال في المحافل العالمية، كان من أبرزها انتخاب الهيئة واحدةً من أصل 14 دولة مسؤولة عن متابعة تطبيق دول العالم لمعايير الشفافية، التي يصدرها المنتدى العالمي للشفافية وتبادل المعلومات الضريبية.
وقد أسهمت الجهود المتواصلة للهيئة في تحسين مرتبة المملكة في تصنيف دفع الضرائب على مؤشر سهولة ممارسة الأعمال، الذي يصدره البنك الدولي سنوياً، حيث حلَّت المملكة في المرتبة 57 عالمياً، بعد أن كانت في المرتبة 78.
ومواصلةً لرحلة النجاح التي بدأتها الهيئة العامة للزكاة والدخل في 2018، فقد دَشّنت الهيئة استراتيجيتها الجديدة (2020 – 2022)، التي تضع نصْب عينيها رفع الالتزام الزكوي والضريبي بين المكلفين لدعم الاقتصاد الوطني ونمائه، وإثراء تجربتهم في الاستفادة من خدمات الهيئة لتكون خدماتٍ رقمية متكاملة، ولتتكامل مع باقي الجهات الحكومية وأنظمتها الرقمية، وبناء منظومة إدارية فَعّالة تتسم بالتميز المؤسسي ليحتذى بها من باقي الجهات المنافسة، وأخيراً دعم التنمية الاقتصادية التي يقودها سمو ولي العهد.