تعمل أرامكو السعودية وسابك على تأسيس كبرى المصانع بالتقنيات المبتكرة الخاصة لحفظ الانبعاثات الغازية الناتجة عن اعمال الشركتين، وتسهم سابك بصورة كبيرة في فصل وتخزين الكربون واستخدامه، من خلال عديد المبادرات وأضخمها مشروعها العملاق المقام في شركة المتحدة، إحدى شركات سابك التابعة بالجبيل الصناعية، الذي يعد أكبر مصنع في العالم لتنقية ثاني أكسيد الكربون حيث يحدّ المصنع من انبعاث 500 ألف طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون سنويا. فضلاً عن مشاريع أرامكو العملاقة في تعظيم استثمارات الشركة في الاقتصاد الدائري للبلاستيك والكربون.
وأفاد تقرير جديد أن الطلب العالمي على البلاستيك قد يصل إلى ذروته في غضون سبع سنوات فقط حيث تفرض الدول حظرًا وضرائب للحد من التلوث البلاستيكي، وهو ما يثير مخاوف بعض خبراء صناعة البتروكيميائيات عن قرب انتهاء الطلب على البلاستيك واندثار الصناعة، ويعرض مليارات الدولارات من الاستثمارات البتروكيميائية على طول ساحل الخليج الأمريكي للخطر، ومن المتوقع أن تنخفض الزيادة السنوية في الطلب على البلاستيك من 4 في المئة سنويًا إلى أقل من 1 في المئة اعتبارًا من عام 2027، وفقًا لتقرير صدر الجمعة الماضية من قبل مركز تتبع الكربون وعنوانه “المستقبل ليس في البلاستيك: لماذا لا ينقذ الطلب على البلاستيك قطاع النفط”.
وقال محلل الطاقة في المركز والمؤلف الرئيس للتقرير، كينقسميل بوند، في بيان: ” تواجه صناعة البتروكيميائيات بالفعل أسعارًا منخفضة قياسية للمواد الخام البلاستيكية نتيجة الطاقة المفرطة الهائلة”، وسلط التقرير الضوء على كيف أن السيناريوهات المستقبلية التي تستخدمها شركات النفط الكبرى مثل شركة بريتيش بتروليوم والهيئات التجارية مثل وكالة الطاقة الدولية لا تزال تتوقع نموًا عالميًا في الطلب على النفط حتى عام 2040، على الرغم من الاتجاهات نحو التدفئة النظيفة والنقل الكهربائي، والذي سيتسارع في العقود القادمة. هذا لأنهم يعتمدون على طفرة في الطلب العالمي على البلاستيك حيث ترى شركة بي بي أن قطاع البلاستيك يقود 95٪ من نمو القطاع خلال هذا الإطار الزمني.
وتستثمر شركات النفط الكبرى بما يتماشى مع مثل هذه السيناريوهات، وتخطط بشكل جماعي لتحويل 400 مليار دولار إلى طاقة إنتاج جديدة من البلاستيك البكر بحلول نهاية عام 2026، وفقاً للتقرير. ومع هذا المستوى من التمويل، سيرتفع الإنتاج العالمي بنسبة 25٪. إلا أن الكثير من هذا الاستثمار معرض للخطر حيث تعفل الحكومات على تعزيز أهداف البلاستيك والمناخ، ومع استمرار المستهلكين في الضغط من أجل منتجات خالية من البلاستيك. ووصف التقرير صناعة البلاستيك البكر بأنها “عملاق منتفخ” مهيأ للاضطراب.
لكن هذه السيناريوهات معيبة بشكل أساسي في ضوء أطر السياسة الوطنية المتغيرة حول المواد وتغير المناخ، والتي تفاقمت بسبب ما يسمى “الحرب على البلاستيك” من قبل المستهلكين، كما يحذر التقرير. وتتوقع أن ما يصل إلى 300 مليار دولار من أصول إنتاج البلاستيك يمكن أن تتقطع بها السبل بحلول منتصف القرن نتيجة لهذه الاتجاهات.
فيما يتعلق بالسياسة، يسلط التقرير الضوء على اقتراح الاتحاد الأوروبي بفرض ضريبة على النفايات البلاستيكية غير القابلة لإعادة التدوير تصل إلى 800 يورو للطن، في وقت يطمح الاتحاد لإعادة تدوير 85٪ من النفايات البلدية بحلول عام 2035، وحظر استيراد النفايات البلاستيكية من قبل الصين ودول آسيوية أخرى، المعززة بالحركة العالمية لحظر الأكياس البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد. وفي المملكة المتحدة، سيتم تطبيق ضريبة جديدة على منتجي البلاستيك الذين لا يشملون 30٪ على الأقل من المحتوى المعاد تدويره اعتبارًا من أبريل 2022.
ويربط التقرير هذه التغييرات بالتحول نحو أهداف مناخية صفرية الانبعاثات على المستوى الوطني والشركات، في وقت من المتوقع أن تصبح دورات حياة البلاستيك أكثر كثافة للكربون، جنبًا إلى جنب مع متطلبات المستهلكين المتغيرة، ويمكن أن يصل العالم إلى ذروة الطلب على البلاستيك في وقت مبكر من عام 2027. والواقع يقول لن يتحقق مثل هذا السيناريو إلا إذا تحركت الحكومات بسرعة أكبر لإزالة الدعم عن قطاع النفط وفرض ضرائب أقوى على منتجي البلاستيك. ويذكر التقرير أنه إذا تم فرض تكاليف العوامل الخارجية الاجتماعية والبيئية للبلاستيك البكر على المنتجين بالكامل، فسيتعين عليهم دفع 1000 دولار للطن.
ورداً على التقرير، قال سيان ساذرلاند، الشريك المؤسس لشركة بلاستيك بلانت،: “لفترة طويلة جدًا ، كان هناك من هذا السرد الوهمي القادم من صناعة الوقود الأحفوري وكل ذلك باسم التعويض عن تأثير تقنيات الطاقة النظيفة التي تقودهم لانخفاض الأرباح”.
ويشجع التقرير شركات النفط الكبرى ومستثمريها الذين يسعون إلى تجنب مخاطر التحول العالمي بعيدًا عن البلاستيك البكر، على الاستثمار في التقنيات التي تعمل على تحسين تقليل البلاستيك وإعادة تدويره، أو زيادة المواد البديلة.
يشار إلى تبني المملكة لاستراتيجية مبتكرة للاقتصاد الدائري المنخفض الكربون وهو ملف رئيس ستطرحه المملكة على طاولة قادة مجموعة العشرين التي تستضيفها المملكة في نوفمبر القادم، وتدعو المملكة العالم للأهمية القصوى لمعالجة الانبعاثات الكربونية الناتجة من جميع القطاعات المنتجة وحصر كافة أنواع الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري والتعامل معها وفق أربع استراتيجيات ركزت عليها المملكة تبدأ أولاً بالخفض، وثانياً بإعادة الاستخدام، وثالثاً بالتدوير، ورابعاً بالتخلص، ومثل هذا النظام الدائري المُحكم سيساعد على استعادة التوازن لدورة الكربون بنفس الطريقة التي تحدث في الطبيعة، إلا أن المملكة بهذه الاستراتيجيات تقدم مفهوماً علمياً تكنولوجياً لمعالجة تحديات التنمية المستدامة التي تقدر ضمناً جميع الخيارات وتشجع كافة الجهود الرامية للحد من تراكمات الكربون في الغلاف الجوي، وفي الوقت نفسه أيضاً، تسهيل النمو الاقتصادي العالمي.