بلغ حجم تقييد المملكة لإنتاجها النفطي خلال الأشهر (مايو – يونيو – يوليو) 8,555 مليون برميل يومياً، متجاوزةً حصتها المقررة بـ 1.532 مليون برميل يومياً، حيث يبلغ حجم التقييد المفترض لذات الفترة 7.023 ملايين برميل يومياً مسجلةً بذلك أعلى امتثال في حصص الخفض المقررة لأعضاء اتفاق OPEC+ الذي بدأ العمل به مطلع مايو الماضي، كما بلغ حجم تقييد الإنتاج لأعضاء OPEC+ للفترة ذاتها 22.415 مليون برميل يومياً.
يأتي ذلك تزامناً لاستمرار أسواق النفط في الاستناد على اتفاق خفض الإنتاج OPEC+ وإغلاق الربع الثالث من العام الجاري بمستويات سعرية يمكن وصفها بالإيجابية عقب تجاوزها سقف الـ40 دولاراً الأسبوع الماضي، فعلى الرغم من تنّوع عوامل التأثير في أسواق النفط كتراجع الطلب العالمي ومخاوفه اللاحقة تبعاً لتذبذب إجراءات العزل الاحترازية في بلدان العالم التي لا يمكن التنبؤ جزماً بمسارها المستقبلي إلا أن كلمة الفصل والتأثير الحقيقي تضل لـ OPEC+ نتيجة التأثير الذي تمثّله في الأسواق منذ سريان اتفاق منتجي الخام الأعضاء مطلع مايو الماضي، وذلك من حيث النمو السعري الذي يعكس التأثير الفعلي للاتفاق في تقليص الهوّة بين العرض والطلب في الأسواق وتنامي ذلك تدريجياً وفقاً للاتجاه التصاعدي الذي تسير عليه أسعار الخام، كذلك مرور الأسواق بحالة من الاستقرار والهدوء التي ترتكز على عاملي تأثير أساسيين الأول تقييد المعروض بالأسواق النفطية عبر الدور الذي تقوم به دول OPEC+، ثانياً انتفاء الضبابية عن مستقبل الأسواق بقية العام الجاري والعام 2021م والربع الأول من 2022م، وهذه العوامل تعد عوامل تأثير إيجابية لصالح الأسواق على الرغم من ضبابية مستقبل عوامل الضغط، إلا أنها لا تقوى على الحضور المتسارع التأثير بالأسواق كما عوامل الدعم، يُضاف إلى ذلك أن المستويات السعرية الحالية التي تخطّت سقف الـ40 دولاراً لم تصل بعد لمرحلة الاتزّان، إلا أنها تبعاً لحالة السوق النفطية تعدّ السقف الأعلى لمنطقة الضعف في أسواق النفط، والتدرّج خلال الربع القادم والأخير من العام نحو مناطق الاتزّان السعرية.
حالة من الثقة
في الوقت الراهن تعيش الأسواق النفطية حالة من الثقة المستقبلية ليس أهمها اتفاق المنتجين ذاته، وإنما المرونة التفاعلية للاتفاق حسبما يستجد من عوامل تأثير مضادة، كذلك الثقة في إدارة الاتفاق الذي يتخذّ سياسات إنتاجية عادلة التأثير لكلٍ من مستهلكي الخام ومنتجيه، وهي الإدارة التي تُشرف عليها السعودية وتقوده بتوافقٍ وإجماعٍ دولي ساهم في مشاركة منتجين للخام من خارج OPEC+ كالولايات المتحدة والنرويج.
فنياً شهد الربع الثاني من العام تحسناً ملحوظاً في أداء الأعضاء المنتجين OPEC+، فما بين شهري مايو ويونيو ارتفع حجم تقييد الجزائر للإنتاج بمقدار 10 آلاف برميل يومياً، وذلك من إجمالي إنتاج 819 ألف برميل يومياً في مايو إلى 809 آلاف برميل يومياً في يوليو بخفض فعلي مقداره 238 ألف برميل يومياً إلى 248 ألف برميل يومياً لذات الفترة، وأنغولا بمقدار 56 ألف برميل يومياً، وذلك من إجمالي إنتاج 1.280 مليون برميل يومياً في مايو إلى 1.224 مليون برميل يومياً في يوليو بخفض فعلي مقداره 248 ألف برميل يومياً إلى 304 ألف برميل يومياً، والعراق بمقدار 449 ألف برميل يومياً، وذلك من إجمالي إنتاج 4.165 مليون برميل يومياً في مايو إلى 3.716 مليون برميل يومياً في يوليو بخفض فعلي مقداره 488 ألف برميل يومياً إلى 937 ألف برميل يومياً، كذلك الكويت بمقدار 95 ألف برميل يومياً، وذلك من إجمالي إنتاج 2.198 مليون برميل يومياً في مايو إلى 2.103 مليون برميل يومياً في يوليو بخفض فعلي مقداره 566 ألف برميل يومياً إلى 661 ألف برميل يومياً، ونيجيريا بمقدار 88 ألف برميل يومياً، وذلك من إجمالي إنتاج 1.592 ألف برميل يومياً في مايو إلى 1.504 مليون برميل يومياً في يوليو بخفض فعلي مقداره 146 ألف برميل يومياً إلى 234 ألف برميل يومياً. والسعودية بمقدار 925 ألف برميل يومياً، وذلك من إجمالي إنتاج 8.482 مليون برميل يومياً في مايو إلى 7.557 مليون برميل يومياً في يوليو بخفض فعلي مقداره 2.518 مليون برميل يومياً إلى 3.443 مليون برميل يومياً، والمكسيك بمقدار 100 ألف برميل يومياً، وذلك من إجمالي إنتاج 1.9 مليون برميل يومياً في مايو إلى 1.8 ألف برميل يومياً في يوليو بخفض فعلي مقداره 117 ألف برميل يومياً إلى 217 ألف برميل يومياً، والإمارات بمقدار 127 ألف برميل يومياً، وذلك من إجمالي إنتاج 2.477 مليون برميل يومياً في مايو إلى 2.349 مليون برميل يومياً في يوليو بخفض فعلي مقداره 691 ألف برميل يومياً إلى 819 ألف برميل يومياً، أما بروناي فقد سجّلت أداءً ثابتاً بامتثال أعلى من حصتها المقررة في الاتفاق خلال شهري مايو ويونيو بلغ مقداره 8 آلاف برميل يومياً وتقييداً للإنتاج بلغ 100 ألف برميل يومياً مقارنة بالإنتاج المرجعي.
إجمالاً تعيش الأسواق حالة تعافٍ تدريجية انعكست على التوقعات المستقبلية لأوساط الصناعة، حيث بدأت البيوت الاستشارية في رفع توقعاتها لأسعار الخام للربع الأخير من العام على الرغم من وجود بعض المخاوف تجاه عوامل الضغط كعودة الإنتاج الليبي أو تفاقم تأثير الإجراءات الاحترازية بالعالم ضد كورونا، إلا أن الثبات السعري يؤكد المعنويات الجيدة بداخل الأسواق نتيجة الدور الذي يمثّله اتفاق المنتجين OPEC+ ومستويات الامتثال العالية للدول الأعضاء فيه، المعطيات الحالية للسوق النفطية تدل على مستويات سعرية بقية العام تدور حول (43 – 48) دولاراً لخام الإشارة برنت، خصوصاً وانتفاء الدلالات تجاه قدوم عوامل ضغط جديدة لبقية العام.