لا يمكن لمنتجي النفط الصخري الأميركيين أن يتوقفوا عن اإانتاج حتى في أحلك الظروف حينما بلغ الطلب على النفط ذروته في أبريل وكان البيع الفوري بالمجان مع سرعة تخليص الشحنات للمشترين لتجنب تكاليف الموانئ ومع ذلك لم يكن هناك مشترون سوى عملاق استهلاك الطاقة في العالم، الصين التي كانت أكثر دهاء بسرعة تعبئة مخزوناتها والاحتفاظ بكميات وافرة لاستخدامها عند الحاجة من النفط الأرخص في التاريخ.
وكانت تلك الفترة المربكة لصناعة النفط والغاز بدأت من يناير 2020 وبلغت أشدها في أبريل متهاوية في الطلب والأسعار. وقت تسعى الولايات المتحدة لتحقيق استقلالية الطاقة بفضل ثورة النفط الصخري، بينما يتشبث تحالف أوبك+ باستمرار محاولاته للحد من إنتاج النفط لدعم توازن السوق واستعادة استقراره المرتبط بتعزيز الاقتصاد العالمي. بينما يتطلع المشترون الآسيويون بشكل متزايد إلى الولايات المتحدة للحصول على مصدر أرخص للإمدادات.
إن حجم النفط الأميركي المتدفق إلى آسيا آخذ في الارتفاع بالفعل ليصل لنحو 49 مليون برميل في سبتمبر مقارنة بحوالي 27 مليون برميل في مايو ويونيو، وفقاً للأرقام الصادرة عن “فورتيكسا” وإن الخصومات الأعمق للنفط الخام الأميركي مقارنة بالخامات القياسية الأخرى مثل خام برنت تثير اهتمام الصين والتي أقدمت كبرى شركاتها “رونغ شنغ” الصينية للبتروكيميائيات على شراء ما لا يقل عن 2 مليون برميل من درجة غرب تكساس الوسيط في ميدلاند لتسليم من أغسطس إلى سبتمبر، في حين اشترت مصافي كورية جنوبية أصنافًا أميركية لشهر سبتمبر.
ويشجع انخفاض الأحجام وعدم اليقين في التسعير الآسيوي للخامات الأميركية، لا سيما مع انخفاض أسعار الشحن في جميع أنحاء المحيط الهادئ خلال الشهرين الماضيين. وقال العاملون في أربع مصافٍ آسيوية إنهم يفكرون في شراء النفط الأميركي.
وبالرغم من شراء الكوريين الجنوبيين للشحنات الخام الأميركية، إلا أن أكبر المصافي الكورية في آسيا، “أس أويل” التابعة لأكبر منتج ومصدر مستقل للنفط الخام والغاز والتكرير والكيميائيات في العالم، شركة أرامكو السعودية، تتلقى أكبر شحنات النفط السعودي المتدفقة وفق عقود طويلة الأجل في ظل الشراكة المستدامة لكافة مصافي أرامكو لمصافيها في ماليزيا، وكوريا الجنوبية، والصين واليابان واللتين ترفدهما المملكة بوقود التنمية والازدهار الحضاري للعالم وتتأمل وصول خاماتها لكافة شعوب العالم.
وتتمتع المملكة العربية السعودية بسمعة عريقة كمورد نفطي موثوق لآسيا، في حين أنه من غير المرجح أن تتجاوز الولايات المتحدة هؤلاء الموردين التقليديين في أي وقت قريب، فيما خلق عدم الاستقرار فرصاً للمنتجين الأميركيين.
وتشير أحدث تقارير منظمة أوبك بأن عام 2021، سيشهد تراجع الطلب العالمي على النفط بمقدار 0.08 مليون برميل في اليوم، ويتوقع الآن نموًا قدره 6.5 ملايين برميل في اليوم، ليصل إلى مستوى 96.8 مليون برميل في اليوم. يعكس هذا التعديل النزولي بشكل أساسي توقعات النمو الاقتصادي المنخفضة لكل من منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي، والمناطق غير الأعضاء فيها، مقارنةً بتوقعات الشهر الماضي.
كما تشير التقديرات إلى انخفاض سوائل الغاز الطبيعي التابعة لمنظمة أوبك بمقدار 0.1 مليون برميل في اليوم على أساس سنوي في عام 2020، ومن المتوقع أن تنمو بمقدار 0.1 مليون برميل في اليوم على أساس سنوي في عام 2021، بمتوسط 5.2 ملايين برميل في اليوم.
وانخفض إنتاج النفط الخام في سبتمبر بمقدار 0.05 مليون برميل في اليوم، بمتوسط 24.11 مليون برميل في اليوم، وفقًا لمصادر ثانوية. ومن المتوقع أن تتقلص إمدادات السوائل من خارج أوبك بمقدار 2.4 مليون برميل في اليوم على أساس سنوي، بمتوسط 62.8 مليون برميل في اليوم. ومن المتوقع أن ينخفض المعروض من النفط في عام 2020 بشكل رئيس في روسيا مع الولايات المتحدة وكندا وكازاخستان وكولومبيا وماليزيا وأذربيجان بينما من المتوقع أن ينمو في النرويج والبرازيل والصين وغيانا وأستراليا.
إلا أنه من غير المتوقع أن يكون لنتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر تأثير فوري على تدفقات النفط العالمية، لكن المنتجين في الشرق الأوسط سيراقبون النتائج عن كثب، على أمل اكتساب المزيد من الحصة السوقية في آسيا.
ويعود إنتاج النفط في الولايات المتحدة من ذروة الإغلاق البالغة 2.8 مليون برميل في اليوم خلال انهيار أسعار النفط في ربيع عام 2020، لكن التخفيضات الشديدة في الإنفاق الرأسمالي للحفارين وتباطؤ نشاط الحفر سيحدان من الإنتاج حتى عام 2021. وتشير توقعات “قلوبل بلاتس” إلى أن الولايات المتحدة سينخفض إنتاجها النفطي بنحو 880 ألف برميل في اليوم على أساس سنوي في عام 2020 وأكثر من مليون برميل في اليوم في عام 2021.
وعد المرشح الديمقراطي جو بايدن بالتوقف عن إصدار تصاريح حفر للأراضي والمياه الفيدرالية، مما قد يؤدي إلى تقليص نمو إنتاج النفط الأميركي بما يصل إلى مليوني برميل في اليوم بحلول عام 2025. وسيمنح ذلك منتجي الشرق الأوسط ميزة للتدخل واستبدال تلك البراميل. وأظهرت بيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية أنه في ظل إدارة ترمب، حققت الولايات المتحدة تقدمًا في أسواق التصدير الرئيسة بما في ذلك الصين والهند وتايوان.
وقالت كارول نكلة، المديرة التنفيذية لشركة كريستول للكاقة التي تتخذ من لندن مقراً لها: إن “صناعة النفط لا تقدم مساهمة كبيرة في الاقتصاد فحسب، بل أعطت الولايات المتحدة نفوذاً أقوى في الشؤون الخارجية”. لذلك من غير المحتمل أن يتسبب بايدن في أضرار جسيمة للصناعة.
وحتى لو وضعت إدارة بايدن 2 مليون برميل في اليوم من إنتاج النفط الخام الأميركي في خطر بحلول نهاية عام 2024، فإن ذلك سيترك الإنتاج الأميركي أعلى قليلاً من المستويات الحالية عند حوالي 11 مليون برميل في اليوم.
يشار إلى أن شركة أرامكو السعودية تخوض توسعات في شركة “اس. أويل” الكورية والتي جذبت استثمارات بلغت 5 تريليونات وهو أكبر حجم استثمار في قطاع البترول الكوري، بينما تبرز شركة إس أويل كأكثر شركة طاقة وبتروكيميائيات في المنطقة واستهلاك أكبر للنفط السعودي والمملكة تعد أكبر مورد للنفط لكوريا وهي شريكة رئيسة ومهمة في تحقيق النمو الاقتصادي للكوريين.
واتفقت أرامكو وحليفتها شركة أس أويل على ضخ كثير من الاستثمارات الجديدة في قطاع البتروكيميائيات. والمملكة تفخر بأنها أكبر موّرد للزيت الخام لكوريا ونظل دائماً صمام أمان لإمدادات الطاقة بالنسبة لكوريا. ويضم المشروع وحدة التكسير بالبخار وإنتاج مشتقات الأوليفينات بقيمة تبلغ 6 مليارات دولار والمتوقع تدشينها بحلول عام 2024م. وستُنتج وحدة التكسير بالبخار الجديدة والعالمية المستوى الإيثيلين ومنتجات كيميائية أساسية أخرى مشتقة من النافثا ومخلفات الغازات في أعمال المصفاة.
وتعكف شركة أرامكو وشريكتها أس أويل على جهود ضخمة في صناعة الطاقة جعلت من الشركة لكورية واحدة من شركات صناعة النفط والبتروكيميائيات الرائدة، في آسيا، وفي العالم أجمع.