تتمتع المملكة بمقومات جغرافية وتاريخية وحضارية عديدة تُمكنها من تبوؤ مكانة رفيعة على المستويين الإقليمي والدولي، فهي أهم بوابة للعالم بصفتها مركزاً يربط القارات الثلاث آسيا وأوروبا وإفريقيا، وهي تشكل عمقاً وسنداً للعالمين العربي والإسلامي، ما يجعلها بلدًا استثنائيًا ووجهة عالمية، لذلك تهيئ الجهات المعنية كامل مقومات الأساسية لجذب الاستثمارات الأجنبية، وتبذل المملكة جهوداً جبارة في تطوير مناخ داعم ومحفز لبيئة الأعمال، حيث يتم اتخاذ تدابير جديدة تهدف إلى تسهيل القيام بالأعمال التجارية فالمملكة تلتزم التزاماً تاماً بتطوير بيئتها الاستثمارية.
وفي هذا الاتجاه أكد المحامي ذيب العضيلة أنه كان ومازال جذب وتشجيع الاستثمارت الأجنبية من أولويات بلادنا، لكونه رافداً من روافد الاقتصاد الوطني، ولذلك لا تدخر جهداً في حماية المستثمر الأجنبي، وفي سبيل ذلك تسعى لخلق بيئة استثمارية وتنظيمية جاذبة، تتمثل في تذليل المعوقات القانونية من خلال إصدار تشريعات وقرارات وإبرام اتفاقيات ثنائية مع بلد المستثمر الأجنبي، ولكون المملكة عضواً في منظمة التجارة العالمية وعلى المستوى الإقليمي، وعضواً في مجلس دول التعاون الخليجي ومنطقة التجارة، ووقعت مجموعة من الاتفاقيات الثنائية لتعزيز تحرير النظام التجاري وتسريع التكامل في الاقتصاد العالمي، فقد حرصت حكومة المملكة منذ تأسيسها على توفير الضمانات القانونية لحماية الاستثمارات الأجنبية ضد المخاطر، وأهم هذه الضمانات معاملة المشروع الأجنبي على قدم المساواة مع المشروع الوطني من حيث المزايا والحوافز والتسهيلات، أسوة بدول العالم المضيفة للاستثمار الأجنبي والتي تنص في تشريعاتها واتفاقياتها الدولية على مبدأ المعاملة الوطنية للمشروع الأجنبي أسوة بما يعامل به المشروع الوطني، وقال: لا يخفى على الكثير أن حماية المستثمر الأجنبي تأتي من خلال وضع تشريعات واضحة ومرنة، وإبرام اتفاقيات ثنائية بين الدولة المضيفة ودولة المستثمر الأجنبي لتشجيع الاستثمار وحمايته، وهذا ما يطمئن المستثمر الأجنبي، وتدارك المنظم السعودي أهمية هذه الضمانات، حيث نص في المادة الثالثة من نظام الاستثمار الأجنبي الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/1 بتاريخ 5 / 1 / 1421 على “يتمتع المشروع المرخص له بموجب هذا النظام بجميع المزايا والحوافز والضمانات التي يتمتع بها المشروع الوطني حسب الأنظمة والتعليمات”، وهذا يعني تمتع المستثمر الأجنبي بالضمانات الممنوحة للمشروع الوطني حسب الأنظمة واللوائح المعمول بها وما تنص عليه الاتفاقيات الثنائية والجماعية المتعلقة بتشجيع وجذب الاستثمار.
وأضاف العضيلة: “المادة الخامسة من اللائحة التنفيذية لنظام الاستثمار الأجنبي تنص على أن تتمتع منشآت الاستثمار الأجنبي بالمزايا والحوافز والضمانات التي تتمتع بها المنشآت الوطنية”، ومن ذلك على سبيل المثال، الحوافز المنصوص عليها في نظام حماية وتشجيع الصناعات الوطنية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (50) وتاريخ 23 /12 / 1381هـ، وتملّك العقارات اللازمة لمزاولة النشاط المرخص وفقاً لأحكام نظام تملّك غير السعوديين للعقار واستثماره الصادر بمرسوم ملكي، والحوافز المنصوص عليها في نظام التنظيم الصناعي الموحد لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وكذلك المزايا المترتبة على اتفاقيات تجنب الازدواج الضريبي واتفاقيات تشجيع وحماية الاستثمارات التي تبرمها المملكة، وهذا ما نص عليه المنظم السعودي في المادة الرابعة من نظام الاستثمار الأجنبي، حيث تعامل الاستثمارات الأجنبية المرخص لها طبقاً لأحكام الضرائب المعمول بها في المملكة وما يطرأ عليها من تعديلات”، وكذلك من المزايا والحوافر، إعادة تحويل نصيب المستثمر الأجنبي مع بيع حصته أو من فائض التصفية أو الأرباح التي حققها المشروع للخارج أو التصرّف فيها ويحق له تحويل المبالغ الضرورية، ومنها حرية انتقال الحصص بين الشركاء وغيرهم، وتكون كفالة المستثمر الأجنبي وموظفيه غير السعوديين على المنشأة المرخص لها، ويستفيد المستثمر الأجنبي من القروض الصناعية التي يقدمها صندوق التنمية الصناعية وفقاً لنظامه، ومن المزايا والحوافز ترحيل صافي الخسائر التشغيلية إلى السنة الضريبية التي تلي السنة التي تحققت فيها الخسارة وفقاً لأحكام نظام ضريبة الدخل ولائحتة التنفيذية، ويستفيد المستثمر الأجنبي كذلك من الحوافز الضريبة المنصوص عليها في قرار مجلس الوزراء رقم (359) وتاريخ 6 /11 / 1429هـ.
ولفت العضيلة، إلى أن من الضمانات التي وفرها المنظم السعودي، عدم مصادرة الاستثمارات التابعة للمستثمر الأجنبي كلاً أو جزءاً إلا بحكم قضائي. ومما سبق نلحظ أن المنظم السعودي حرص كل الحرص على حماية المستثمر الأجنبي بتوفير البيئة التشريعية الجاذبة والحامية للاستثمار الأجنبي. كما عنيت الحكومة بهذا القطاع الحيوي، بإنشاء الهيئة العامة للاستثمار واستحدثت داخلها القطاعات التي يحتاجها المستثمر كقطاع الجوازات والعمل والعدل والتجارة وذلك للتيسير وتذليل المعوقات التي قد تعترض الاستثمارات الأجنبية.
من جهتها، أوضحت المحامية ولاء عبدالرحمن آل ملهي، أنه وفي ضوء ما تسعى إليه المملكة من دفع عجلة التنمية بها للأمام من خلال تحفيز بيئة الاستثمار في المملكة للمقيمين بمنحهم المزيد من المزايا وفقاً لضوابط ومعايير محددة وذلك بهدف تنشيط الاستثمار الأجنبي وجعله رفيقاً أساسياً في طريقها لتحقيق التنمية الاقتصادية المطلوبة وفقاً لرؤيتها لعام 2030م، وهكذا قامت بوضع شروط معينة لضبط عملية استثمار المقيمين بها، حيث يتمتع المشروع المرخص له بموجب النظام وهذه اللائحة بجميع المزايا والحوافز والضمانات التي يتمتع بها المشروع الوطني حسب الأنظمة والتعليمات وما يطرأ عليها من تعديلات، وقد بينت المادة السادسة من النظام شروط وضوابط منح الترخيص للاستثمار الأجنبي وأيضاً تطبيق هذه الشروط والضوابط على طلبات تجديد الترخيص، حيث يسّرت المادة السابعة من النظام على طالب الترخيص أو من يمثله نظاماً تعبئة نموذج طلب الترخيص الاستثماري إلكترونياً عن طريق الموقع الرسمي للهيئة شريطة أن تكون المستندات الموضحة في المادة باللغة العربية أو ترجمتها إلى اللغة العربية من مكتب معتمد في المملكة، وقد منح النظام الحصول على أكثر من ترخيص لمزاولة نفس النشاط أو أنشطة أخرى مختلفة للمستثمر الأجنبي وفق ضوابط حددتها المادة الثامنة من النظام.
من جانب آخر، أشار المحامي محمد راشد الحسيني، إلى أن المملكة أرض خصبة ومناسبة للاستثمار من قبل العديد، من المستثمرين الأجانب أو المقيمين أو المواطنين أنفسهم حيث اتجهت المملكة حاليًا بالسماح للمقيمين الأجانب بالاستثمار بها، وتتولّى الوزارة المعنية مسؤولية ترويج الاستثمار في المملكة، ووضع لوائح الاستثمار الخارجي ومتابعتها، إضافة إلى تسهيل دخول المستثمرين إلى المملكة وإصدار تراخيصهم.
وقال الحسيني: يوجد أنواع مختلفة من تراخيص الاستثمار المتاحة، ولكل منها متطلباتها الخاصة، مثل الحد الأدنى لرأس المال المقبول وسقف رأس المال الأجنبي، وأوضح، يمكن للمستثمرين التقدم بطلب للحصول على ترخيص عبر بوابة هيئة الاستثمار، مؤكداً أن المملكة عضو في منظمة التجارة العالمية وهي ملتزمة بتعزيز تحرير النظام التجاري وتسريع التكامل في الاقتصاد العالمي، على المستوى الإقليمي؛ وعضو أيضاً في مجلس دول التعاون الخليجي ومنطقة التجارة على مستوى المعاهدات الثنائية، وقد وقعت معاهدات لتجنب مضاعفة الضريبة على الدخل ورأس المال مع 29 دولة، يضاف إلى ذلك، الاتفاقيات التي تهدف إلى تشجيع وحماية استثمارات الشركات ذات الطرف التعاقدي الواحد في منطقة الطرف الآخر مع 23 دولة.
بدورها أشارت المحامية لورا المزروع، إلى أن المملكة تسعى بشكل كبير لجلب الاستثمار الأجنبي وجعله شريكاً لها في التطور وبناء مجتمع حديث، حيث وضعت الأنظمة والقوانين الخاصة بالاستثمار الأجنبي التي حفظت بها للمستثمر الأجنبي حماية استثماره من خلال العديد من المواد التي احتواها النظام.
ونوهت المزروع، إلى أن النظام كفل للمستثمر حرّية التصرف بالأموال التي اكتسبها ضمن نشاط أعماله سواء بالتحويل للخارج أو التوسع أو الدخول في أنشطة جديدة، كما منحه القدرة على شراء وتملّك العقارات، ومنحه حماية من المصادرة إلا في حالة صدور حكم قضائي تسبب في ذلك، وجعل كفالة المستثمر الأجنبي على المنشأة التي يستثمر من خلالها وليس على فرد أو جهة معينة، وسمح له بممارسة أكثر من نشاط واحد بتراخيص مختلفة في نفس الوقت، ومنحه ذات المزايا والحوافز والضمانات المعطاة للمشاريع الوطنية، وقالت المزروع: يحصل المستثمر الأجنبي على جميع المعلومات والإحصاءات التي يحتاجها لاتخاذ قراراته، وقد كفلت للاستثمارات القائمة قبل إعداد النظام وإصداره ألاّ تتاثر سلباً بأي من بنوده، وبذلك يتضح أن الاستثمار والمستثمر الأجنبي قد تمت حمايتهما بشكل قانوني ملزم للدولة التي تشكل الطرف الآخر في الاتفاق بينها وبين المستثمرين الأجانب الراغبين في الاستثمار في المملكة.
من جهتها، قالت المحامية هند السواط: أسهمت تعديلات شروط الاستثمار في السعودية للمقيمين في زيادة أعداد التراخيص الممنوحة للمستثمرين الأجانب في المملكة، وتستمر جهود الهيئة العامة للاستثمار الحثيثة ضمن استراتيجية متوافقة مع رؤية 2030 لمواكبة التغييرات والتطورات الاقتصادية على الصعيدين الإقليمي والعالمي، بهدف تسهيل ممارسة الأعمال، وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر للسعودية، وتسويق المملكة كوجهة استثمارية مميزة عالميًا تتدفّق إليها الاستثمارات في مختلف القطاعات، وقد ساهمت التعديلات بحماية المستثمر الأجنبي بمنح المستثمر الأجنبي حق الاستثمار في جميع المناطق والأنشطة، مع تمتعه بمعاملة لا تقل تفضيلًا عن معاملة نظيره المحلي، وأحقيته في التوسع والإدارة والتصرّف والبيع وتحويل العملة، وتسري أحكام النظام على جميع الاستثمارات داخل المملكة، باستثناء قائمة الأنشطة المستثناة التي صدر بها قرار من مجلس الوزراء، وتحدّث من وقت لآخر وتكون حصرية، مع جواز تقييد بعض الأنشطة أو قصرها على المواطنين في قطاعات اقتصادية معينة تعتبر الأعمال الوطنية فيها معرضة للضرر.
وأوضحت السواط: ضمنت الحماية للمستثمرين الأجانب بما يتوافق مع أفضل الممارسات الدولية، وبما يتماشى مع التزامات المملكة في معاهدات الاستثمار الدولية المصدق عليها وتعزيزاً لهذه الحماية، قام بتأكيدها النظام على أن لكل مستثمر الحرية في إدارة منشأته، بما في ذلك القدرة على توظيف الموارد البشرية وعزلها وفق نظام العمل والأنظمة والقواعد واللوائح الأخرى ذات العلاقة وكذلك تحديد مدخلات الأسعار أو مخرجاته مع منحه حرية إغلاق المنشأة أو بيعها.
وأضافت: وفر النظام للمستثمر الحماية من مصادرة الأملاك إلا للمصلحة العامة، ولقاء تعويض عادل وفقًا لأحكام الأنظمة واللوائح ذات العلاقة، كما سمح النظام للمستثمر بتحويل الأموال (الريال السعودي)، لأي عملة مسموح بها وقابلة للتحويل، حيث نص على أنه يحق للمستثمر، فيما يتعلق بجميع المدفوعات المتعلقة باستثماراته في المملكة، تحويل أمواله من العملة المحلية إلى أي عملة قابلة للتحويل وفق الأنظمة واللوائح ذات العلاقة، كما يحق له تحويل أمواله إلى خارج المملكة بأي عملة قابلة للتحويل، وذلك فيما يتعلق بالأرباح والأسهم والأموال الضرورية لشراء الخامات والمواد المساعدة واستبدال الأصول الرأسمالية من أجل الحفاظ على الاستثمار، فضلًا عن الأموال الضرورية لتطوير الاستثمار وسداد القروض والرسوم وحصيلة البيع أو تصفية الاستثمار ويجيز النظام منع تحويل الأموال من جانب المستثمرين في حالات الإفلاس أو التعثر المالي أو قوع الجرائم.
ولفتت، إلى وضع إطار شامل لفض المنازعات التي تتعلق بالاستثمار داخل المملكة، حيث نص على أنه يحق للمستثمر التقدم إلى هيئة الاستثمار بشكوى ضد أي قرار صادر في حقه وفق الأنظمة واللوائح ذات العلاقة، والتعامل مع الشكوى يكون بناء على مبدأ العدالة الموضوعية والمبادئ النظامية، مع التزام الجهات الحكومية ذات العلاقة بالتعاون مع هيئة الاستثمار لإيجاد حلٍّ مقبول لجميع الأطراف وفي حال عدم استجابة الهيئة للشكوى خلال 60 يومًا، يمنح النظام المستثمر حق اللجوء إلى المحكمة المختصة في المملكة، كما يحق له تسوية النزاع المتعلق بانتهاك أي من الحقوق الممنوحة له باللجوء مباشرة إلى المحاكم المختصة بالمملكة، وفق الأنظمة ذات العلاقة.
من جهتها، بينت الباحثة القانونية رناد أحمد الجرفان، أن انضمام المملكة في منظمة التجارة العالمية أصبح عامل جذب للمستثمرين الأجانب؛ فقد أتاح فرصة للمستثمرين الأجانب التقدم بطلب ترخيص من الهيئة العامة للاستثمار والحصول على ترخيص لمزاولة النشاط الاستثماري، ويتيح له الحصول على أكثر من ترخيص في أنشطة مختلفة، وتتولّى الوزارة مسؤولية ترويج الاستثمار في المملكة، ووضع لوائح الاستثمار الخارجي ومتابعتها، إضافة إلى تسهيل دخول المستثمرين إلى المملكة وإصدار تراخيصهم.
ونوهت الجرفان: يتمتع المستثمر الأجنبي بجميع الضمانات والحوافز والمزايا التي يتمتع بها المستثمر الوطني، وتيسير الإجراءات التي تتعلق بدخول الموظفين الأجانب من الإداريين والفنيين وكذلك دخول أسرهم وإقامتهم في المملكة بهدف المشاركة في الأنشطة المتعلقة بالاستثمار الأجنبي، يتم ذلك وفقًا لأنظمة السعودية.
وقالت: الكيانات القانونية التي يسمح الاستثمار فيها شركة ذات مسؤولية محدودة، أو شركة مساهمة، أو فرع لشركة أجنبية.
ويعد مسموحاً للاستثمارات الأجنبية على هيئة منشآت مملوكة للمستثمر السعودي والمستثمر الأجنبي، أو منشآت مملوكة بالكامل لمستثمر أجنبي، وتحظى السعودية بأكبر سوق اقتصادي حر على مستوى الشرق الأوسط مما يضمن للمستثمر نسبة ربح عالية، وثباتاً نسبياً لقيمة العملة وهي الريال السعودي مما يحمي المستثمر من تقلبات أسعار العملات التي من الممكن أن تسبب له الخسائر.