يرعى خادم الحرمين الشريفين أعمال الدورة الخامسة عشرة لقادة مجموعة العشرين اليوم، وتنعقد على مدى يومين أكبر قمة اقتصادية لقادة مجموعة العشرين في الرياض، برئاسة المملكة العربية السعودية، وذلك لوضع أنجع الحلول للتعافي من جائحة كورونا ودفع وتحسين الاقتصاد العالمي.
وقد أتت رئاسة المملكة العربية السعودية لمجموعة العشرين في ظل ظروف استثنائية، مفعمة بالتحديات الجسيمة وغير المسبوقة عبر تاريخها المعاصر، لكنها استطاعت بحكمة وخبرة قيادة المملكة وقدراتها الضخمة تجاوز تلك التحديات والصعوبات لتحقق منجزات قياسية مبرهنة للعالم ولله الحمد ما لدى قيادة المملكة وشعبها المعطاء من قدرات وإمكانات وخبرات جعلت المملكة محط أنظار جميع دول العالم.
وفي تطوّر آخر، اجتمع وزراء مالية مجموعة العشرين أمس للتحضير لقمة قادة مجموعة العشرين في الرياض المنعقدة اليوم وغدا ورأس اجتماع وزراء المالية محمد الجدعان وزير المالية السعودي وتم مناقشة المشهد الاقتصادي العالمي ومخاطر تراجعه والسياسيات المحتملة للتصدي لذلك، كما ركّز الاجتماع أيضا على المضي مستقبلا لمواصلة دعم الانتعاش الاقتصادي العالمي، لاسيما من خلال العمل الجماعي لتنفيذ خطة عمل مجموعة العشرين «دعم الاقتصاد العالمي أثناء جائحة كورونا».
وخلال الاجتماع المشترك، ناقش النواب والشيربات بيان القادة والذي سيصادق عليه قادة مجموعة العشرين في قمتهم، فيما عقد نواب المالية 6 اجتماعات خلال جدول أعمال هذا العام أيضا، واجتمعا معا مع نواب الصحة لمناقشة جائحة كورونا، وكانت الاجتماعات الأخرى مشتركة مع نواب البنوك المركزية، وقد عقد الاجتماعان الأولان حضوريا في الرياض، ثم تم عقد الاجتماعات بشكل افتراضي تكيفا مع الظروف الاستثنائية.
إلى ذلك، طرح أكثر من 20 مفوضا هذا العام بيانا يزود قادة مجموعة العشرين بمجموعة من التوصيات التي تحدد مسارات تسريع التعافي الاقتصادي من الجائحة، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة من خلال دعم التمكين الاجتماعي والاقتصادي، وتسعى الرئاسة السعودية لمجموعة العشرين إلى حماية الأرواح وسبل العيش منذ ظهور الجائحة في العالم، وفي المقدمة تأتي قضية تمكين المرأة والتي تتناولها الرئاسة السعودية لمجموعة العشرين كأولوية لتعزيز التمكين الاقتصادي.
وقالت شيربا مجموعة تواصل المرأة سلمى الرشيد، بأنه على الرغم من المعوقات التي تسببت بها الجائحة والتي ستترك آثارا حادة على المدى الطويل، فإن هناك أيضا فرصة لقادة مجموعة العشرين لإعادة ضبط الاقتصادات بطريقة أكثر شمولا، وتهدف مجموعة تواصل المرأة في مجموعة العشرين إلى ضمان طرح موضوع المساواة بين الجنسين في مناقشات مجموعة العشرين بشكل رئيس وتفعيله إلى سياسات والتزامات تعزز المساواة بين الجنسين والتمكين الاقتصادي للمرأة. وذكرت سلمى إلى أن مجالات التركيز الرئيسة هي «شمول صناعة القرار، وشمول العمال، والشمول المالي، والشمول الرقمي لريادة الأعمال النسائية.»
ويمثل مجموعة تواصل المرأة مجموعة متنوعة من المفوضين يمثلون مختلف القطاعات، ممثلين بذلك كل القطاعين العام والخاص، والأهم من ذلك تمثيلهم للمجتمع المدني ورياديات الأعمال من جميع أنحاء العالم. ومن أجل دعم التمكين الاجتماعي والاقتصادي للمرأة والاعتراف بالمعوقات التي فرضتها الجائحة على المرأة، فقد نشرت مجموعة تواصل المرأة في مجموعة العشرين بالتعاون مع أكسنتشر تقريرا بعنوان «إن لم يكن الآن، فمتى؟ بين الجنسين خارطة طريق نحو تحقيق انتعاش اقتصادي أكثر إنصافا.» ومن بين النتائج الرئيسة التي توصل إليها التقرير، أشارت الرشيد إلى أن «النساء يشهدن انخفاضا حادا في دخلهن بنسبة الثلثين أكثر من الرجال، حيث انخفضت أجورهن بنسبة 16,5% في المتوسط منذ بدء الجائحة، مقارنة بانخفاض قدره 10,1% للرجال».
وفي تطّور آخر، واجه العالم وفي مقدمته مجموعة العشرين مع بداية عام 2020م تفشي جائحة كوفيد – 19 التي أفرزت تحديات هائلة لم تمر بها البشرية منذ عقود، شملت المجالات الصحية، والاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية، فعلى المستوى الصحي تسببت الجائحة في إرباك النظم الصحية، وشكلت أعباء جسيمة على الدول والأسر والأفراد، أما على المستوى الاقتصادي فقد أدت إلى تراجع النمو، الأمر الذي أضر باقتصاد الكثير من الدول، لا سيما اقتصاد الدول الهشة الذي كان مهدداً بالانهيار، كما برزت العديد من التحديات في الحياة الاجتماعية لدى الدول التي اضطرت إلى فرض حالات الطوارئ وإغلاق المجال الجوي ومنع السفر وحظر التجول، وهو ما شكل ضغوطاً اجتماعية على شعوب تلك الدول وحكوماتها، أما على المستوى السياسي فقد خلقت الجائحة تحديات سياسية في تغيير بعض المواقف السياسية تحقيقاً. لأهداف اقتصادية أو صحية أو غيرها
وأدت دول «مجموعة العشرين، دوراً بارزاً لتجاوز تداعيات كوفيد – 19، حيث اتخذت حزمة من الإجراءات لتخفيف آثار تلك الجائحة على المجتمع الدولي، تمثلت فيما يلي بناء خطة استجابة دولية لمواجهة جائحة كوفيد-19، حيث دعت المملكة إلى عقد اجتماع قمة بحضور قادة مجموعة العشرين في ظروف استثنائية، لبناء خطة استجابة لمواجهة الفيروس، حيث دعمت دول المجموعة النظم الصحية الدولية بمبلغ 21 مليار دولار دعما للاقتصاد العالمي، فقد ضخت دول المجموعة مبلغ 11 ترليون دولار لدعم استقرار الاقتصاد العالمي ودعم الدول الفقيرة وذات النظم الاقتصادية والصحية الهشة، من خلال تأجيل دفع الديون المستحقة عليها والبالغة 14 مليار دولار، ولم تتوقف دول المجموعة برئاسة المملكة عند هذا الحد بل استحدثت مبادرات عدة تمثلت في تمكين الأشخاص وخصوصاً المرأة والطفل، وحماية الأرض، وخلق مبادرات البحث والابتكار.
وبقدر ما كانت المملكة حريصة على دعم مؤسساتها وقطاعاتها الوطنية، لتمكينها من الاضطلاع بدورها في مواجهة تداعيات كوفيد-19 فقد كانت حريصة في الوقت نفسه على الاضطلاع بهذا الدور على الصعيد الدولي بطريق مباشر من خلال دعم الأنظمة الصحية في الدول الهشة بما يزيد على 220 مليون دولار أميركي لدعم عدد من الدول المحتاجة لمواجهة الجائحة، أو بطريق غير مباشر من خلال دعم المنظمات الأممية والدولية، حيث قدمت المملكة 500 مليون دولار أميركي لمساندة الجهود الدولية، منها 200 مليون دولار لدعم المنظمات الدولية والإقليمية، و150 مليون دولار لمنظمة الاتحاد العالمي للقاحات (GAVI)، و150 مليون دولار لمنظمة تحالف اللقاحات CEPI، كما أسهمت بشكل فاعل في اللجان العلمية الدولية والبحوث المحكمة للتصدي للجائحة.
إن دعم المملكة العربية السعودية للمنظمات الإغاثية والإنسانية الأممية والدولية وتضامنها الشديد مع الدول الهشة وتمكينها من التعافي في مواجهة الأزمات والجوائح يجسدان نهجها القويم في تخفيف المعاناة الإنسانية عن البشر دون تفريق على أساس اللون أو الجنس أو الدين أو الحدود، حيث قدمت خلال العقدين الماضيين من مساعدات إنسانية وتنموية مبالغ مالية تجاوزت 93 مليار دولار أميركي، شملت 155 دولة. كما قدمت من خلال مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية الذي يعد الذراع الإنسانية والإغاثية السعودية بين 2015 م 2020 -م الكثير من المساعدات حيث نفذ المركز 1367 مشروعاً في 54 دولة بمبالغ وصلت إلى 4.7 مليارات دولار أميركي، وقد انصب تركيزه على البرامج النوعية التي تهدف إلى تمكين المرأة والطفل، وتعزيز الشراكة الدولية، منتهجاً قيم الحيادية، والشفافية، والشمولية، والإبداع في تقديم المساعدات الإغاثية، تجسيداً لرؤية المملكة العربية السعودية 2030م، التي أكدت أهمية العمل التطوعي، والتي حرص المركز على تنفيذها وفقاً لخطته التطوعية لعام 2020م 2021 -م تتضمن 140 مشروعاً وحملة تطوعية طبية تصل إلى 44 دولة في العالم، شارك فيها عدد 700 من الكوادر الصحية السعودية التطوعية من كلا الجنسين، وبمجموع 5600 يوم تطوعي، ليستفيد منها 500.000 شخص.
استنفرت المملكة جميع قطاعاتها ومؤسساتها للتصدي لجائحة كوفيد – 19 منذ البدايات الأولى لظهورها، حيث حرصت على حماية الاقتصاد من التراجع، واتخاذ إجراءات استباقية لمواجهة الجائحة والحفاظ على المنظومة الصحية من الانهيار، وقد تمثلت الإجراءات التي اتخذتها لتحقيق جهود المملكة لمواجهة كوفيد – 19 محلياً حماية الاقتصاد السعودي من التراجع بادرت حكومة المملكة العربية السعودية إلى حماية الاقتصاد من الانهيار من خلال دعم وحماية المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وحماية الأجور والوظائف، وخلق فرص عمل جديدة تواكب متغيرات الجائحة، وتخفيف التبعات الاقتصادية على الخدمات الأساسية والحفاظ على المنظومة الصحية السعودية من الانهيار يعد استقرار المنظومة الصحية هو الضمانة الأساسية لتجاوز الأزمات والنوازل والجوائح الصحية، ومن ثم فقد أولت حكومة المملكة هذا الأمر اهتماماً بالغاً، وكثفت جهودها للحفاظ عليه وتمكينه من الصمود أمام تلك الجائحة وقد تمثلت تلك الإجراءات بتشكيل لجان رفيعة المستوى للتصدي للجائحة، ومنها لجان القيادة والحوكمة، واللجان الصحية، واللجان الأمنية، ولجان التفاوض والشراء، ولجان التوعية والإعلام، واللجان الاقتصادية، واللجان العلمية والبحثية، ولجان الإيواء ودعم القطاع الصحي، من خلال ميزانية إضافية بمبلغ 4 مليارات دولار أميركي، ورفد جهود القطاع الصحي بالقوى العاملة، واستقطاب الكوادر الكفؤة، إضافة إلى استحداث منظومة تدريب الكوادر الصحية، ومنظومة برامج التطوع الصحي، وإنشاء العيادات الإضافية، والمتنقلة ومراكز التشخيص والمستشفيات الميدانية، كما وضعت ضمن أولوياتها تطوير الصحة الرقمية والصحة الافتراضية زيادة السعة الاستيعابية ورفع كفاءة المرافق الصحية، وقد انصب التركيز على ثلاث قطاعات أساسية، العناية المركزة، حيث تمت زيادة عدد الأسرة بأكثر من الضعف، ودعم وتدريب الكوادر، وتوزيع الخدمات على المناطق. والثاني: المرافق الصحية الثابتة والمتحركة، من خلال زيادة عدد الأسرة بما يقارب %50 ، وتوفير عيادات ثابتة ومتنقلة، وبناء مستشفيات ميدانية، وتوزيع عيادات وأماكن التشخيص المرنة. والثالث: المختبرات التشخيصية، حيث تم رفع عدد المختبرات الخاصة بتشخيص كوفيد – 19 من أربع مختبرات إلى 26 مختبراً موزعة على مناطق المملكة؛ لتسهيل الوصول وسرعة التشخيص، وهو ما أسهم في رفع عدد الفحوصات من 3000 فحص في اليوم في بداية الجائحة إلى 94000 فحص في اليوم في الفترة الحالية من خلال استدعاء أفضل التقنيات والخبرات العالمية، توفير الأدوية والمستلزمات الصحية، حيث تم توفير أعداد كبيرة من الأدوية والمستلزمات الصحية تغطي 12 شهراً قادماً لمواجهة الجائحة، وقد بلغ عدد تلك الأصناف 27 دواءً، و31 وسيلة حماية شخصية، و167 صنفاً من مستلزمات العناية المركزة، كما وفرت ما يكفي من أجهزة التنفس الاصطناعي والرقابة الحيوية بما يزيد على ضعف الطاقة الحالية لضمان الجاهزية العمل على تأمين لقاح كوفيد – 19؛ فقد تم من البداية تشكيل اللجان العلمية المختصة لدراسة أفضل المعايير والتطورات العالمية للقاحات المعلن عنها، وستكون المملكة من أوائل الدول حصولاً على لقاح كوفيد – 19 من أفضل شركات العالم كفاءة وموثوقية، وتشارك المملكة دول العالم من خلال مبادرة كوفاكس للقاح لدعم سرعة ومأمونية الحصول على اللقاح.