برزت تجربة المملكة في إدارة المياه، وذلك خلال مشاركتها في فعاليات “أسبوع القاهرة للمياه”، في نسخته الرابعة بعنوان “المياه والسكان والتغيرات العالمية.. التحديات والفرص”، الذي افتُتِحت أعماله في القاهرة، وكانت محط أنظار الدول والمنظمات والجهات المشاركة، إذ قدمت المملكة جانباً من قصة نجاحها في تعزيز الاستدامة المائية في منطقة جغرافية شاسعة تفتقر إلى أنهار دائمة الجريان وموارد مائية متجددة.
وأكد معالي وزير البيئة والمياه والزراعة المهندس عبدالرحمن بن عبدالمحسن الفضلي، أهمية قطاع المياه، حيث أُقرت الإستراتيجيات والخطط لاستدامة موارد المياه، وجرى تنفيذ مشاريع عملاقة من حقول آبار ومحطات تحلية وسدود ومرافق خزن إستراتيجي وخطوط نقل وتوزيع.
وأشار المهندس الفضلي في كلمة المملكة خلال تدشين النسخة العربية من التقرير العالمي لتنمية المياه بالتزامن مع أسبوع القاهرة للمياه، إلى حاجة الدول ذات البيئات القاحلة لمزيد من الجهود لمجابهة تحديات المياه، مؤكداً أن التقرير أكد قيمة المياه وأهميتها، خصوصاً للدول ذات البيئات القاحلة التي تعاني من شح المياه والعجز المائي، مبيناً أن أبرز ما يميز التقرير شموليته من حيث التغطية الجغرافية، وتناوله المواضيع الحيوية المتعلقة بقطاع المياه بصورة عامة، وتسليط الضوء على أهم التحديات التي تجابه القطاع بصورة خاصة.
ولفت المهندس الفضلي في الكلمة التي ألقاها نيابة عنه الدكتور عبدالعزيز بن محارب الشيباني وكيل الوزارة للمياه – إلى أن التقرير احتوى على الهموم ومواطن العجز كافة في قطاع المياه، لا سيما في مناطق تعاني ندرة مواردها المائية حال معظم البلدان العربية التي تقع ضمن المناطق القاحلة من العالم، التي تحتاج مزيداً من الجهود الرامية إلى مجابهة تحديات المياه من الدراسات اللازمة، وتثمين القطاع وإعادة تأهيل البنية التحتية وتوظيف الفرص المتاحة واستغلال الطاقة والصناعة، ما يجعل التغلب على هذه التحديات أمراً ممكناً.
وأوضح أن المملكة تعد واحدة من أكثر المناطق جفافاً وندرة في موارد المياه في العالم، تفتقر إلى وجود أنهار دائمة الجريان، ومعظم المياه المستخدمة تأتي من مياه جوفية غير متجددة (مياه أحفورية)، مبيناً أن القطاع حظي بالاهتمام والدعم غير المحدود من القيادة الرشيدة – أيدها الله -، فأقرت الإستراتيجيات والخطط اللازمة في سبيل استدامة موارد المياه، بتنفيذ المشاريع المائية العملاقة من حقول آبار ومحطات تحلية وسدود ومرافق خزن إستراتيجي وخطوط نقل وتوزيع.
وتطرق وزير “البيئة” إلى أن وزارة البيئة والمياه والزراعة، تسعى إلى التميز في تطوير وتطبيق سياسات شاملة، وإستراتيجيات فعالة، والارتقاء بالخدمات من خلال مشاركة القطاع الخاص والجهات ذات العلاقة؛ لتحقيق الازدهار والاستدامة في البيئة والمياه والزراعة.
وقال: “تضمنت رؤية الوزارة في قطاع المياه المحافظة على الموارد المائية وتنميتها واستدامتها وترشيد استخداماتها، وتجلى ذلك في الإستراتيجية الوطنية للمياه 2030، الهادفة إلى تعزيز مصادر وأمن الإمداد المائي، والاستفادة المثلى من التقنيات الحديثة في سلسلة القيمة، وإصلاح قطاع تقديم الخدمات وإشراك القطاع الخاص في إطار مؤسسي يشمل إنتاج المياه ونقلها وتوزيعها، وجمع ومعالجة مياه الصرف، وإعادة استخدامها، وحوكمة وتنظيم القطاع”.
وأشار إلى أن الفترة الماضية كانت حافلة بالإنجاز والتطور، وتعزيز استمرار عجلة التوسع وتحسين مستوى الأداء والبنية الأساسية وزيادة الاعتمادات المالية في مجالَي المياه والصرف الصحي، إذ واكب ذلك زيادة في السعات التصميمية لمحطات المعالجة، والتوسع في إنشاء محطات جديدة، إضافة إلى تحسين جودة المياه، بتطوير جميع المحطات إلى درجة المعالجة الثلاثية، كما تسعى المملكة إلى تحقيق الاستفادة الكاملة من المياه المجددة في الأغراض الزراعية والصناعية والبيئية، للمحافظة على المياه الجوفية غير المتجددة.
وفيما يتعلق بحصاد مياه الأمطار، أوضح الوزير الفضلي أن المملكة شرعت في إجراءات دراسات إنشاء (1000) سد إضافي في مناطق المملكة كافة، لتُضاف إلى أكثر من (564) سداً قائماً، تزيد سعتها التخزينية عن (2.6) مليار متر مكعب، لتخدم أغراضاً متنوعة كتغذية الطبقات الحاملة للمياه وعمليات الري، والحد من الفيضانات، وسد جزء من حاجة الاستخدام الحضري، إذ أُقيمت على بعض هذه السدود محطات تنقية بلغ عدد المنفَّذ منها والتي في طور التنفيذ (46) محطة، بطاقة إنتاجية تبلغ (740.000) متر مكعب يومياً، يُستفاد منها في إمدادات مياه الشرب في عدد من مناطق المملكة.
وبيَّن أن المملكة تهتم بمناقشة قضايا وتحديات قطاع المياه على المستويين الدولي والعربي، فعلى الصعيد الدولي أُجرِيَ لقاء لدول مجموعة العشرين التي ترأستها المملكة عام 2020م، تحت عنوان “حوار حول قضايا المياه”، وحرصت المملكة على استمرارية هذه اللقاءات خلال الرئاسات التالية، التي تشهد طرح أهم قصص النجاح، وأفضل الممارسات التي تنفذها الدول للتغلب على التحديات التي تواجه سلسلة إمداد المياه، إضافة إلى تبنى إنشاء منصة مجموعة العشرين للمياه لإبراز أهم هذه النجاحات والممارسات. وعلى صعيد العالم العربي تجلى اهتمام المملكة في اقتراحها عند انعقاد المجلس الوزاري العربي للمياه إنشاء المركز العربي لاقتصادات المياه، الذي لا يزال يخضع للمناقشة.