قال إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ د. أحمد بن طالب بن حميد – في خطبة الجمعة – : إننا اليوم لفي زمن كثرت فيه الفتن وتلاطمت فيه أمواج المحن واستحكمت فيه الشهوات وكثرت الشبهات وتعددت المشكلات والتحديات وكثر دعاة البدع والمنكرات وإنه لا خلاص من هذا كله ولا شد لأزر ولا رسوخ لقدم ولا أنس لنفس ولا تسلية لروح ولا تحقيق لوعد ولا أمن من عقاب ولا ثبوت لمعتقد ولا بقاء لذكر وأثر طيب إلا بأن يتجه المسلمون جميعاً حكاماً ومحكومين شعوباً ودولاً شباباً وشيبا رجالا ونساء علماء وعامة اتجاهاً صحيحاً بكامل أحاسيسهم ومشاعرهم بقلوبهم وقوالبهم إلى كتاب الله تلاوة وتدبراً وتعلماً وتعليماً وعملاً وتطبيقاً فهو المعين العذب الذي لا ينضب مطلقا .وشدد قائلاً : معشر المسلمين في هذا العصر أعرض كثير من الناس عن القرآن ونأوا عنه فمن تأمل حياة كثير منهم وجد أنها لا تمت إلى القرآن بصلة والعياذ بالله فما أكثر المخالفات الموجودة وما أعظم الواجبات المفقودة .
وأضاف : يا إخوة الإسلام يا أمة القرآن اتقو الله تعالى حق تقواه قال تعالى : ” قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ “، وأنزل عليه خير كتاب لخير أمة أخرجت للناس يهديهم لأقوم سبيل وأهدى طريق ويخرجهم من الظلمات على النور بإذن الله ، هو الملاذ عند الفتن وهو المنقذ عن المصائب والمحن
وتابع : فيه يا عباد الله نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم هو الفصل ليس بالهزل من تركه جبار قصمه الله ومن ابتغى الهدى من غيره أضله الله ومن التمس العز بغيره أذله الله ومن طلب النصر بدون التحاكم إليه أرداه الله هو حبل الله المتين وهو الصراط المستقيم لا يزيغ فيستعتب ولا يعوج فيقوم لا تزيغ به الأهواء ولا تلتبس به الألسن ولا يخلق عن كثرة الرد ولا يشبع منه العلماء ولا تنقضي عجائبه من قال به صدق ومن حكم به عدل ومن عمل به أجر ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم .
وقال : امتن الله على عباده بإنزال هذا الكتاب العظيم قال جل جلاله : ” يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدْ جَآءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَآءٌ لِّمَا فِى ٱلصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ” والآيات في هذا كثيرة جداً ومعلومة لكل من قرأ كتاب الله بتدبر وحضور قلب كما هي سنة أولئك الأبرار من السلف الصالح الأخيار رحمهم الله ورضي عنهم الذين كانوا إذا تعلموا من عشر آيات لم يتجاوزوها حتى يعلموا معناها ويعملو بمقتضاها فتعلموا العلم والعمل معاً .
وأضاف : إن الرفعة والقيادة والكرامة والريادة والعزة والسيادة في هذه الحياة الدنيا وفي الآخرة إنما هي لحملة كتاب الله العاملين به وهذا ما دل عليه كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وقد جاءت السنة المطهرة منوهة بما لحملة كتاب الله من الأجر والمكانة في الآخرة والأولى، فيا له أيها المسلمون من فضل عظيم وثواب كبير لا يغفل عنه غافل تلك والله هي الغبطة الحقيقية فليست الغبطة والسعادة بحطام الدنيا الزائل ولا بالمفاخرة بالمراكب ولا بالمطاعم والمشارب والمساكن المراتب، فاتقوا الله عباد الله وخذوا بكتاب ربكم وإلى القرآن يا أمة الإسلام خذو منه منهاجاً لحياتكم في جميع شئونكم وبهذا تستردون مجدكم التليد وعزكم العتيد وقدسكم الفقيد قال تعالى : ” وما ذلك على الله بعزيز “.