أطلق وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان مرحلة التطوير التجاري للمواد غير التقليدية في حقل الجافورة، بعد أن حققت شركة أرامكو السعودية الجدوى التجارية في تطوير أعمال الغاز الصخري “غير التقليدي”.
وقال الأمير عبدالعزيز بن سلمان إن مناقشات مشروع تطوير حقل الجافورة فتحت الأبواب والآفاق لتطوير مفهوم مزيج الطاقة في المملكة، ما أدى إلى إطلاق برنامج شامل لمزيج الطاقة شارك في إعداده أكثر من 17 جهة، لافتا إلى أن مشروع حقل الجافورة لن يكلف ميزانية الدولة أكثر من خمسة إلى ستة مليارات ريال.
وأشار وزير الطاقة إلى التمكين الذي تحظى به الشركات الوطنية مثل أرامكو السعودية، مؤكدا أنه ليس هناك شركة موارد هيدروكربونية في العالم ممكنة بمثل ما تحظى به الشركة من قبل الدولة، ومن قبل وزارة الطاقة بصفتها القائم بمصالح الدولة فيما يتعلق بمنطقة الامتياز.
ورفع الأمير عبدالعزيز بن سلمان، الشكر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، على الدعم والتمكين والمساندة التي حظي بها قطاع الطاقة في المملكة.
جاء ذلك خلال احتفال شركة أرامكو أمس بتحقيق الجدوى التجارية في تطوير أعمال الغاز الصخري “غير التقليدي”، وهو حدث يتحقق للمرة الأولى بنطاق كبير خارج الولايات المتحدة.
وتواكب احتفال الشركة بإعلانها مع بدء أعمال المرحلة الأولى لتطوير حقل الغاز الضخم وغير التقليدي في الجافورة، أكبر حقل غاز غير مصاحب في المملكة.
وأرست الشركة مقاولات لتطوير مكونات الحقل في باطن الأرض، ومقاولات لمرافق صناعية تشمل أعمال الهندسة والتوريد والإنشاء بقيمة عشرة مليارات دولار. ومن المتوقع أن تصل النفقات الرأسمالية في الجافورة إلى 68 مليار دولار خلال الأعوام العشرة الأولى من التطوير.
كما من المتوقع أن تزيد النفقات الرأسمالية في تطوير الحقل على 100 مليار دولار خلال عمر المشروع، وأن يسهم في الناتج المحلي بقيمة 20 مليار دولار سنويا “75 مليار ريال”.
ويمثل المشروع علامة فارقة على صعيد التسويق التجاري لموارد الغاز غير التقليدية في المملكة، وعلى صعيد التوسع في محفظة أرامكو السعودية لأعمال الغاز المتكاملة، ما سيوفر اللقيم الإضافي اللازم لتحفيز التنمية الصناعية، وتنويع مصادر الدخل، ولمساندة تطور أعمال الكيماويات عالية القيمة والتكامل داخل أعمال الشركة.
كما يشكل عنصرا أساسا في توجه الشركة نحو الحياد الصفري وتعزيز الاستدامة بمواصلة التركيز على إنتاج الهيدروجين منخفض الكربون، والمساعدة على تقليل الانبعاثات في قطاع الطاقة المحلي من خلال توفير بديل أنظف للوقود السائل.
وفي ضوء حجم احتياطيات الغاز المتاح في باطن الأرض الذي يقدر بنحو 200 تريليون قدم مكعبة قياسية، يحتوي حوض الجافورة على أكبر طبقة غاز صخري غنية بالسوائل في الشرق الأوسط على مساحة 17 ألف كيلومتر مربع. ومن المتوقع أن ينتج حقل الجافورة 200 مليون قدم مكعبة قياسية في اليوم من الغاز الطبيعي بحلول 2025.
ويتوقع بحلول عام 2030 أن يصل معدل إنتاج الغاز المستدام إلى ملياري قدم مكعبة قياسية في اليوم، إضافة إلى كميات ضخمة من الإيثان، الذي يعد الذهب الأبيض للتنمية الصناعية.
في حين تبلغ الطاقة الإنتاجية للغاز الجاف ما يزيد على ملياري قدم مكعبة في اليوم عند اكتمال التطوير، ما يشكل زيادة 20 في المائة عن المستوى الحالي.
وفي مجال شبكة الغاز الرئيسة ستنشأ 23 محطة ضخ جديدة، ليصل إجمالي المحطات إلى 35 محطة، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة أطوال الأنابيب من 4500 كيلومتر إلى 8700 كيلومتر.
ويتوقع أن تبلغ التكاليف الرأسمالية لمشروع توسعة شبكة الغاز الطبيعي 38 مليار ريال، وفي مجال إنتاج الإيثان ستشمل الزيادة التي يضيفها المشروع 360 مليون قدم مكعبة في اليوم، ما يمثل زيادة 40 في المائة على مستوى الإنتاج الحالي، بينما يبلغ إنتاج سوائل الغاز والمكثفات أكثر من 600 ألف برميل في اليوم.
ويستهدف المشروع إنتاج 418 مليون قدم مكعبة قياسية في اليوم من الإيثان، وكذلك إنتاج كمية ضخمة تبلغ 630 ألف برميل تقريبا في اليوم من سوائل الغاز والمكثفات ذات القيمة العالية والتي تشكل اللقيم الأساس لقطاع البتروكيماويات المتنامي، وهذا سيجعل المملكة أحد أكبر منتجي الغاز الطبيعي في العالم.
ويمثل المشروع مقوما أساسا في استراتيجية الشركة طويلة الأجل، ومن المتوقع أن يبلغ إجمالي استثمارات مشروع الجافورة الرأسمالية والتشغيلية أكثر من 100 مليار دولار خلال الـ15 – 20 عاما المقبلة.
ويرتكز المشروع على توطين المحتوى المحلي بوصول نسب التوطين فيه من المواد والخدمات إلى 75 في المائة، حيث يتوقع أن توفر المشاريع بين 70 ألفا إلى 80 ألف وظيفة، بينما يتوقع أن تبلغ الوظائف المباشرة وغير المباشرة “طوال عمر المشروع” نحو 200 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة.
وفي مجال المحافظة على البيئة، يسهم المشروع في تحقيق الإسهامات الوطنية في المحافظة على البيئة بتقليل الانبعاثات بنحو 9.5 مليون طن سنويا، و247 مليون طن خلال دورة حياة المشروع.
وسيؤدي المشروع إلى زيادة الطاقة التكريرية في المملكة، بحيث ترتفع سعة إنتاج البتروكيماويات باستخدام البترول الخام ومشتقاته وسوائل الغاز الطبيعي من مليون برميل إلى 2.6 مليون برميل في اليوم، وسيسهم مشروع التطوير في برنامج إزاحة الوقود السائل بإسهامه بنحو 350 ألف برميل من البترول الخام، كما يسهم في تحقيق أهداف مزيج الطاقة الأمثل لإنتاج الكهرباء.
وأعلنت أرامكو السعودية، أخيرا، خطتها الطموحة التي تستهدف تحقيق الحياد الكربوني في النطاقين “1 و2” للغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري في جميع المنشآت المملوكة لها بالكامل بحلول عام 2050.
وسيسهم حقل الجافورة في تحقيق الهدف الذى تسعى إليه المملكة لتلبية نصف طاقة إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة، وتلبية النصف الآخر من الغاز الطبيعي في إطار برنامج استبدال حرق الوقود السائل وتحقيق الحياد الكربوني على مستوى المملكة بحلول عام 2060.
ومن المتوقع أن يسهم برنامج الغاز غير التقليدي في أرامكو السعودية، عند بلوغ ذروة إنتاجه، في الاستغناء عن نحو 500 ألف برميل من النفط الخام يوميا، كانت ستستخدم في الاستهلاك المحلي، كما يتوقع أن يسهم مشروع تطوير حقل الغاز في الجافورة وحده، عند بلوغ ذروة إنتاجه، في الاستغناء عن أكثر من 300 ألف برميل من النفط الخام يوميا.
من جانبه، قال المهندس أمين الناصر رئيس أرامكو السعودية وكبير إدارييها التنفيذيين إن “انطلاق هذا المشروع العملاق لتطوير ثروات الغاز الصخري يمثل بداية عهد جديد في أعمال أرامكو السعودية. فنحن نشهد لحظة تاريخية وإنجازا ضخما تم العمل عليه ليل نهار على مدى أكثر من سبعة أعوام، وهو تحقيق الجدوى التجارية للموارد غير التقليدية الضخمة في المملكة”.
وأضاف أن الهدف الاستراتيجي من إطلاق برنامج الموارد غير التقليدية يتمثل في استخدام الغاز الطبيعي بديلا عن حرق النفط الخام، وذلك ما يعني توفير مزيد من النفط للتصدير وزيادة العائد منه.
وتابع “من المعروف أن الموارد غير التقليدية كالغاز الصخري، لم تحقق النجاح التجاري بنطاق كبير إلا في الولايات المتحدة لعدة أسباب، لكن فريق العمل في أرامكو السعودية استطاع التغلب على التحديات التجارية والهندسية والفنية والبيئية المرتبطة بجدوى التطوير”.
وأضاف “لتحقيق ذلك، طورت الشركة نموذج عمل يختلف عن نموذجها المتبع في أعمالها الأخرى بحيث يكون لدى فريق التطوير مرونة وقدرة تتناسب مع طبيعة التحدي، وبالفعل تمكن الفريق من خفض التكلفة إلى حدود الجدوى التجارية والتنافسية مع الأسعار في الولايات المتحدة. وكان لدعم وزارة الطاقة وعلى رأسها الأمير عبدالعزيز بن سلمان، أكبر الأثر في تحقيق ذلك”.
وقال وزير الطاقة “ما يجعل مشروع تطوير الغاز غير التقليدي مهما هو أنه سيساعدنا كثيرا ليس فقط في تحفيز المزيد من تكامل أعمال الشركة وتنوعها وتحقيق القيمة المضافة، بل أيضا سيحفز نهضة صناعية في المملكة، وسيساعد بشكل كبير على تقليل انبعاثات قطاع الطاقة في البلاد، وستستخدم أرامكو السعودية المزيد من النفط الخام في تطبيقات عالية القيمة”.
وبين أن الشركة تستهدف زيادة قدرتها الإنتاجية من الغاز بشكل كبير خلال الأعوام العشرة المقبلة لتلبية النمو المتزايد في الطلب على الغاز، وكذلك استخدام غاز الجافورة لقيما لإنتاج الهيدروجين منخفض الكربون والأمونيا”.
ولفت إلى إرساء أرامكو السعودية 16 مقاولة لتطوير المكونات في باطن الأرض وأعمال الهندسة والتوريد والإنشاء بقيمة عشرة مليارات دولار في معمل الغاز ومرافق ضغط الغاز في الجافورة، والبنى التحتية والمرافق السطحية المرتبطة بها.
وأوضح أن شركات خدمات محلية ودولية فازت بتلك المقاولات التي تغطي عديدا من المشاريع الخاصة بتطوير المكونات فوق سطح الأرض وفي باطنها في برنامج الجافورة.
وأكد أن ذلك سيتيح تسليم الغاز والمكثفات بموثوقية من خلال شبكة مصممة خصيصا لذلك الغرض، تضم معملا لمعالجة الغاز، وشبكة لضغطه، وخطوط أنابيب نقل رئيسة، وخطوط تدفق، وخطوط أنابيب لتجميع الغاز يصل طولها إلى 1500 كيلومتر تقريبا.
ويشمل البرنامج إنشاء نقطة إمداد في الجافورة، وخطوط نقل وربط كهربائي بين معمل الغاز في الجافورة ومرافق الإنتاج المزدوج الجديدة.
من جهته، قال ناصر النعيمي النائب الأعلى للرئيس للتنقيب والإنتاج في أرامكو السعودية “يمثل تطوير حقل الجافورة نقلة نوعية في برنامج الموارد غير التقليدية في الشركة، وباتت لدينا القدرة في الوقت الحالي على تطوير الحقل بكفاءة وربحية مع مراعاة أعلى معايير السلامة والمحافظة على البيئة”.
وأوضح ناصر النعيمي أن “حقل الجافورة سيعزز من عزمنا على تحقيق طموحاتنا المستقبلية، إذ تواصل الشركة استكشاف حقول جديدة، وإعادة تقييم الحقول القائمة، وتقييم الفرص الاستثمارية المشتركة في الغاز الطبيعي، وسوائل الغاز الطبيعي من أجل تحقيق هدف الشركة لتطوير محفظة أعمال غاز عالمية متكاملة لتلبية الطلب طويل الأجل على الطاقة والبتروكيماويات”.
وقال إنه اتساقا مع برنامج أرامكو السعودية للتحول الرقمي، ستستعين الشركة في تطوير حقل الجافورة بالتقنيات المتقدمة للثورة الصناعية الرابعة، التي تضم إنترنت الأشياء، وتحليلات مقاطع الفيديو لتعزيز أعمال البناء والتشغيل والسلامة.
وأرست أرامكو أغلبية مقاولات تطوير المكونات في باطن الأرض في الجافورة ومقاولات الهندسة والتوريد والإنشاء على مقاولين يعملون في المملكة بمشاركة مقاولين ومزودي خدمات دوليين ذوي سمعة مرموقة. وتأتي هذه الخطوة في إطار جهود الشركة لمساندة تطوير قطاع الطاقة المحلي وشركاء سلسلة التوريد المحلية.
وسيستفيد برنامج تطوير حقل الجافورة من برنامج تعزيز القيمة المضافة الإجمالية لقطاع التوريد في المملكة “اكتفاء”، وذلك لتشجيع إيجاد القيمة على المنتج المحلي، وتعزيز النمو والتنوع الاقتصادي طويل الأجل إلى أقصى حد ممكن.
وأطلقت أرامكو السعودية برنامج “اكتفاء” في عام 2015 لتطوير قطاع طاقة متنوع ومستدام، وقادر على المنافسة عالميا.