تتعدد استخدامات كلمة النشر -بحسب مراد المتحدث- فالوعاظ والخطباء عبر الشاشات ومن فوق المنابر ينشرون الخير، ويحذرون من الشر، والكتّاب والمثقفون والأدباء ينشرون نتاجهم باختلاف أنواعه عبر وسائل النشر المتعددة، وأهل الإشاعات -عبر الزمان- لا يكفون عن نشرها، وأثناء رحلتها اللامتناهية من خلال وسائط تقنية الاتصالات المختلفة تكبر، ويتلقفها المتعشطون إليها والمنشغلون بها، ويمررها بعض السذج الذين يصدقون ما يسبقها من مقدمات أو ما يعقبها من تحذيرات للمقصرين الذين يتغلب عليهم الشيطان، ويمنعهم من المساهمة في النشر فيحرمون من الحسنات العظام، وقد يصدقها من أطلقها عندما تمر به أثناء دورتها لنسيانه إياها، فليس كل كذوب ذكوراً، فيقوم بإعادة إرسالها مرة أخرى، وهناك نشر الخشب ووسيلته المنشار، وهو آلة تعمل في الاتجاهين، وقد ارتبط اسمه بمثل مصري شهير: «فلان زي المنشار طالع واكل نازل واكل»، وهناك نشر آخر له وجهان أحدهما يقوم به عمال المغاسل والخادمات يدوياً بتعريض الملابس لأشعة الشمس أو تجفيفها بواسطة الأجهزة الكهربائية التي لا يخلو منها بيت، وقد تقوم به بعض ربات البيوت اللاتي لم يوفقن في الحصول على خادمات أو حُرمن منهن بسبب هروبهن بعد دفع المبالغ الكبيرة، أما وجهه الآخر فهو نشر ما لا يُرغب في معرفته من الغير باعتباره شأناً خاصاً، ويحذرون منه بقولهم: «لا تنشروا غسيلكم» أي لا تفضحوا أنفسكم!
كنت في حديث مع صديق حول بعض المشكلات في «الخفجي»، وكان ينظر للأمر بأنه «نشر غسيل»، فكان رده الذي لا أتفق معه فيه محفزاً لعرض بعض منها، فمدينتنا تعاني قصوراً كبيراً في ضبط حركة المرور في شوارعها -وقد أشرت لحوادث الدعس في مقال سابق- إذ تشهد قيادة السيارات تهوراً كبيراً داخل المدينة، ولا يخلو الأمر من قطع للإشارات، وتجاوزات خطيرة وسير في اتجاهات ممنوعة، وتفحيط في بعض الساحات والشوارع، وضجيج مدوٍّ للهدرز.
ومدينتنا كونها إحدى البوابتين الحدوديتين على الشقيقة الكويت يمر من خلال منفذها موظفون ومسافرون في الاتجاهين، وقد ازدادت حركة السفر بشكل ملحوظ تؤكده الإحصاءات -وهي دقيقة- ويعيش المسافرون في أيام الذروة أو ساعاتها معاناة دائمة، ومشقة كبيرة لم يتم التوصل إلى حلول مناسبة لها!
وتعاني مدينتنا ارتفاعاً في الأسعار في أغلب السلع، لعدم وجود جهة رسمية تراقب الأسعار بجدية، وبخاصة أسعار اللحوم والأسماك والخضار، ولا يوجد إشراف حقيقي على سوق المواشي الذي سيطر عليه الآسيويون، وبات حكراً عليهم يديرونه، ويتحكمون فيه بشكل شبه كامل تحت غطاء من كفلائهم.
وبعض بيوت الله -التي أمرنا بعمارتها والمحافظة عليها- في مدينتنا حالها لا يسر، وتعاني سوءاً في الصيانة، وقصوراً في النظافة، ونقصاً في الأئمة والمؤذنين والخدم.
أما بنوك مدينتنا فلا يُستغرب أن يقوم من يريد سحب مبلغ مالي بجولة إجبارية على كثير من أجهزة الصرف الآلي، فهي في بعض الأيام تأبى مجتمعة أن تعيد لأحد ماله المودع فيها -وهو في أشد الحاجة إليه- ومن تلك الأجهزة من ترفض قبول الإيداع النقدي أيضاً في حالات الرغبة في التحويل، فكيف بالمسافر الذي يمر بهذه المدينة وهو لا يعرف أماكن الأجهزة المتوارية خدمة لبعض ملاك العقار؟
أما كورنيش مدينتنا الذي لم يكتمل منذ ما يزيد على عقدين -رغم صغره- ولم تتغير الأعذار، وسيسجل رقماً قياسياً عالمياً في طول مدة إنشائه، فقد عايش ثلاثة أمناء للمنطقة وربما يدرك الأمين الرابع، وتعايش مع أربعة رؤساء للبلدية!
ومحطة التحلية في مدينتنا التي انتهى عمرها الافتراضي منذ سنوات، تقوم إدارتها بتهديد السكان كل عام مرة أو أكثر بانقطاع المياه إما لأعمال الصيانة أو بسبب أعطال مفاجئة أو لتنفيذ خطط طوارئ افتراضية غير معلنة.
وقد شاعت في مدينتنا عبارة «لا يُخدم بخيل»، وبخاصة عند طلب بعض الخدمات التي تقدمها مؤسسات أو شركات من خلال عقود تنفيذ أعمال المساندة والدعم، وهو أمر بات مزعجاً لمن يحترمون النظام، ولا يرضون المخالفة والتجاوز، حيث تضيع فرصهم في الحصول على ما يحتاجون إليه في وقته بسبب تقديم غير البخلاء عليهم.
ولم يجتمع للعمل في محكمة مدينتنا قاضيان إلا في حالات تبادل المهام، وهو أمر يتسبب في طول المواعيد وتأخر التقاضي، وما يتبعهما من إضرار بأصحاب الحقوق.
وقفة: كانت حلقة برنامج «الساعة الثامنة» عن مخدر الحشيش مؤلمة، وأذهلني إعلان ضابط مكافحة المخدرات عن ضبط ثلاثة وأربعين طناً في العام الماضي!
الخفجي.. حديث حول النشر!
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.alkhafji.news/articles/2013/02/05/927.html