في الأسبوع الفارط تحدثت عن خلل المنظومة الصحية برمتها في البلد وحاجتنا الماسة لعقلية إدارية طليعية تتبنّى إستراتيجية مرتبطة بخطة التنمية وتملك الرؤية التنفيذية لتحويلها لبرامج منتجة وبأساليب تتحرّر فيها منظومة العمل الصحي في البلد من منهجياتها العشوائية التي يمارسها مدراء المناطق والمحافظات وكبار التنفيذيين في الجهاز الصحي..بمعنى ان يستوعب الجهاز التنفيذي بكل افراده الأهداف القريبة والبعيدة ويعملون ضمن الأطر المحددة للإستراتيجية ووفقا للخطط التنفيذية المعتمدة..مانراه اليوم يقول بأن المسألة ليست الا جهود عشوائية لاتبني منظومة صحية فاعلة في ظل العقلية الإدارية القائمة لتطوير وجودة ونوعية الخدمة الصحية للبلد..بالتأكيد كما ذكرت في مقالة الأسبوع الماضي ان فلسفة وجود هذا الكم المخيف من الأطباء كنواب ووكلاء ومساعدين ومدراء عموم ومناطق ومحافظات لم يعد اسلوبا ناجعا لتطوير الخدمة الصحية بالشكل والمضمون الذي يستجيب لإحتياجات البلد الصحية ولالأداء فاعل ومنتج للمنظومة الصحية ذاتها..اي بعبارة اخرى ،كل تجارب الدول المتقدمة لاتعتمد اسلوب هذا التواجد المخيف للأطباء في منظومة الخدمة الصحية الذي اضر البلد كثيرا من حيث تعطيّل كوادر مكانها عيادات لامواقع الفتوى والإدارة لدورات العمل اليومية وقيادة العمل التنفيذي خاصة في بلد بحاجة ماسة لكل كادر استثمر فيه بعشرات الملايين ليصبح ممارسا طبيا لاإداريا او مسؤولا عن القرار التنفيذي على أي مستوى..بعبارة اخرى أي قيادي اول للقطاع الصحي في البلد اذا اراد النجاح مسؤوليته الرئيسة نفض هذا القطاع الصحي من جلّ الأطباء القياديين وإعادتهم لعياداتهم ليمارسوا عملهم الذي اشك في انهم لايزالوا يحتفظوا بمهاراتهم الطبية التي تعلموها في كليات الطب ،وجلب كوادر متخصصة في علوم الإدارة بكافة تفريعاتها وعلى رأسها إدارة المستشفيات ..وإذا كانت هناك حاجة لهم فتقتصر على الفتوى الفنية والمتخصصة طبيا لخدمة صانع القرار الإداري والتنفيذي في اعلى هرمية الجهاز الصحي..منظومة الصحة في البلد متخلفة بكل مافي الكلمة من معنى،والإبقاء عليها بوضعها الراهن لن يوقف مسلسل الأخطاء الطبية والفلتان الإداري والفني في المشافي والأجهزة التنفيذية المساندة ولا التعاطي العشوائي مع إحتياجات المرضى ممن يعانون الأمرين اليوم في توافر خدمة صحية لايستجدي فيها المواطن طبيبا او مديرا طبيا ليحصل على خدمة مستحقة له كمواطن وكفلتها الدولة له و تتماشى وحجم ماتضخه خزينة الدولة من مليارات لهذا القطاع..التوسع الهائل في مدننا والنمو السكاني الضخم لن تتمكن منظومة الصحة القائمة من مواجهته بأساليبها الراهنة مهما فعلت كما تعد من حزم طبية إختصاصية نارية لتوفير الخدمات الصحية للمواطنين في شرق وغرب وشمال وجنوب المملكة..لعلي هنا اعود لأستشهد بتجربة المرحوم الدكتور غازي القصيبي افضل من مر على هذا القطاع المعطوب والذي لم يقدر له إكمال برنامجه الطليعي لنسف هذة المنظومة من جذورها كما سبق واطلعني على ذلك غفر الله له..احبتي لنكن صادقين مع انفسنا إستمرارية المنظومة الصحية على ماهي عليه من عقلية لن يحرّك شعرة واحدة في الخدمة الصحية في البلد وسأذكركم بذلك بمشيئة الله بعد نهاية خطة التنمية التاسعة الراهنة ولا استبعد نهاية الخطة العاشرة وبكل ثقة..سيتمر مسلسل الكوارث مهما حاول تنفيذيوا الجهاز الصحي صرف وعودهم وكلامياتهم الفضفاضة على ادمغتنا بان مايحدث لدينا من فوضى وتردّي في الخدمة الصحية ليس بالغريب ويحدث مثله في تمبكتو ومدغشقر وفي ادغال الأمازون الموحشة..قضيتنا مع القطاع الصحي اصبحت مكشوفة ولاتحتاج لخبراء ولامراجعين صحيين ولامفكرين خارج الصندوق الحي الأسوء في منطقتنا على الأقل في دول الخليج النفطية والتي لاتصرف ربع مانصرفه على الخدمة الصحية حتى وان صرف علينا بأننا قارة وتعداد سكاننا مخيف ووعي الشعب متدنّي صحيا وهو سبب مشاكلنا المزمنة مع هذا القطاع..احبتي مايحدث للمنظومة الصحية جدا مفضوح ولم يعد قابلا للترقيع والتغطية على مصائب تقع يوميا على رؤوس مواطنينا في كل جزء من البلاد..صدقوني لن نستفيد من تغيير وزير او تسريح تنفيذيين مزمنيين بقدر مانحتاج استراتيجية واقعية وبرامج تنفيذية يقودها محترفوا إدارة وليس اطباء بكل مافي الكلمة من معنى..لربما هناك قياديين مزمنين وقياديين مالهم علاقة بالإدارة الصحية لامن قريب اوبعيد والحاجة لترحيلهم جدا مهمة لكن الأهم هو ترحيّل كافة الكوادر الطبية لتعود لعياداتها سالمة غانمة مشكورة على جهودها التي لم تخدم صحة البلد على الإطلاق ويحل محلها غختصاصين في علوم الإدارة والمشافي والخدمات الصحية مثل بقية بلدان المعمورة التي لو عايشت منهجيات ادائنا الصحي لتدهورت حكوماتها كالدومينو بشكل يماثل إستقالات رؤساء حكومات اليابان في تسعينيات القرن الفارط بسبب الفساد..ولله الأمر من قبل ومن بعد..
د/عبدالله الطويرقي
التعليقات 1
1 pings
المجهر
04/29/2013 في 8:03 م[3] رابط التعليق
صدقت يادكتور الوضع في وزارة الصحة يحتاج الكثير من التغيير والحزم , وقياسآ على ماذكرت كوضع لوزارة الصحة ونحن في هذه المحافظة الخفجي نعاني أشد المعاناة من وضع المستشفيات بشكل عام , فالمستشفى الحكومي لدينا ينقصه الكثير والذي أكاد أجزم أنه الحراك يبدأ من الإدارة فكل شئ ولله الحمد متوفر ولكن أين تلك الحاجيات على أرض الواقع . ولو أن الأمل بالله ثم بأخونا أحمد الخالدي كبييير , ومتطلعين لمزيد من التقدم بالخدمات نشرها على أرض الواقع أولآ ومن ثم نشر ماهو جدير بالذكر خلال أبعاد . شكرآ دكتور عبدالله لاجف قلمك.