جبل الناس على حب النجاح فما من أحد إلا ويتمنى أن يكون مميزا ناجحا .
لكن هناك سؤال وجيه لماذا وفق أناس للنجاح وأخفق البعض الاخر ؟
غني عن البيان أن هناك أسباب وطرق ووسائل تقود للنجاح المنشود. أولها التوكل على الله جل وعلا والاستعانة به فإنه لاحول لنا ولاقوة إلا بالله عزوجل . قال الشاعر
إذا لم يكن عون من الله للفتى
فأول ما يقضي عليه اجتهاده
لان النجاح الحقيقي هو الفوز بمرضاة الله تبارك وتعالى وطاعة أوامره والفشل والخسارة تكون يوم القيامة قال عز من قائل(قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا ذلك هو الخسران المبين) . ثم الهمة العالية وعدم إضاعة الوقت قال ابو العباس رحمه الله( ليس في الدنيا أعز وألطف من الوقت والقلب وأنت مضيع للوقت والقلب ) . وقال يحى بن معاذ رحمه الله( المغبون من عطل أيامه بالبطالات وسلط جوارحه على الهلكات ومات قبل إفاقته من الجنايات ) .
كذلك التنظيم للاعمال والمسؤوليات المناطة بالشخص وتجنب الفوضى والتخبط وهذا من الحكمة بلا شك قال تعالى ( يؤت الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا)
ويتمثل ذلك بتقديم الاهم على المهم وهو من الركائز الاساسية هنا والتي ينبغي أن تكون حاضرة في ذهن كل فطن لبيب .
إن المتأمل في حال كثير من الناس يشعر بالاسى والشفقة لما آل إليه وضعهم فهم غارقون في الجهل من حيث لايشعرون وهنا تكمن الخطورة !
فهذا هو ( الجهل المركب ) أو بتعبير آخر ( لايدري ولايدري أنه لايدري ) . فلا يتورع عن الجدال بجهل مع إدعاء العلم والفهم .
ما من شك أن الذي ينشد النجاح ويروم الفلاح لابد أن يتعب على نفسه فالطريق ليس سهلا ميسورا بل يحتاج لمكابدة ومشقة قال تعالى ( لقد خلقنا الانسان في كبد) . فالانسان يكابد في الدنيا وتلوح له بعض العوائق وتعترض طريقه بعض الصعوبات التي تتطلب جهدا وعزما اضافيا وتفكيرا عميقا وإرادة صلبة لتجاوزها . ومعظم شؤون الحياة في الواقع تحتاج لتعب لتحصيلها والظفر بها مثل كسب الرزق وطلب العلم فلا يمكن لعاقل أن يتصور تحقيقهما بلا عناء إذ لابد من الصبر . قال الشاعر
وإذا كانت النفوس كبارا
تعبت في مرادها الاجسام
وهناك قاعدة عظيمة وهي أساسية لامناص ولامحيد عن تجاهلها أو التغافل عنها لمن يروم النجاح والفلاح وهي ( التعني والتأني ) أي أن طلب النجاح وتنمية الذات تحتاج لمعاناة في الحفظ والقراءة والكتابة والسفر والتركيز المستمروالسؤال والاستفادة قدر الامكان من مصادر العلم العديدة لاسيما ما يتعلق بأمور دينه وكل واحد من هذه الامورلايحصل إلا بالصبر فكيف وقد إجتمعت ! . هذابالنسبة ( للتعني) أما( التأني) فهو مرتبط بطول الوقت المبذول في تحصيل العلم فإن العلم طريقه طويل جدا فالمسلم ينبغي أن يكرس حياته كلها لطلب العلم فحذار من الاستعجال قال الامام الزهري رحمه الله( من رام العلم جملة ذهب عنه جملة) .
وقد دخل مجموعة من طلبة العلم على الامام أحمد بن حنبل رحمه الله وهو منهمك في الكتابة فذهلوا ثم قالوا ( أما زلت على المحبرة ياإمام ) .
فقال نعم ( من المحبرة إلى المقبرة )
نافلة القول يجدر بنا أن نتعلم من إمامنا المبجل ونسلك الطريق الذي سلكه حتى وصل إلى ما هو عليه فأصبح يلقب ( إمام أهل السنة والجماعة ) . لابد أن نسأل أنفسنا كيف إستطاع الوصول لهذه المرتبة العالية ؟
ماهي الوسائل التي اتبعها حتى استحق هذا اللقب الكبير جدا ؟
ولاننسى الصعوبات الجمة في زمانه سواء ما يتعلق بانعدام الاضاءة أو التصوير أو الحبر إلى غير ذلك من الصعوبات التي كانت تقف حجر عثرة في طريق نجاحهم بيد أنهم كانوا يتجاوزونها بإلارادة والتصميم والصبر .
اللهم آتنا الحكمة وفصل الخطاب.
سطام النماصي
التعليقات 8
8 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
Eahaat
05/14/2013 في 6:44 م[3] رابط التعليق
شكرا لك على الموضوع الجميل
جزاك الله الف خير على كل ما تقدمه لهذا المنتدى
ننتظر ابداعاتك الجميلة بفارغ الصبر
ابوشنب
05/14/2013 في 9:28 م[3] رابط التعليق
مقال يحمل في طياته الكثير والكثر…
ثقيل بالفوائد بميزان تفكيرك وافكارك
شكرا لك ..
بدر اللحيدان
05/16/2013 في 2:32 ص[3] رابط التعليق
مقال رائع ابوتركي كعادتك دائماً
وجزاك الله خير
سطام النماصي
05/16/2013 في 4:51 ص[3] رابط التعليق
جزاك الله خير يابو عبدالعزيز
عبدالرحمن الشمري
05/16/2013 في 2:06 م[3] رابط التعليق
شكرا لك على الموضوع الجميل
جزاك الله الف خير على كل ما تقدمه لهذا المنتدى
ننتظر ابداعاتك والله يعطيك العافيه ي أبو تركي
ابو مزعل
05/26/2013 في 10:09 ص[3] رابط التعليق
السلام عليكم,
أحيانًا أزهد في دخولي لمقالات أبعاد الخفجي لاقتناعي أني لن أجد فيها ضالتي المنشودة.
والله تغيرت قناعتي تمامًا عندما أصبحت أقرأ مقالاتك يا ابو تركي, تحكي عن ما يختلج في صدورنا ولا نستطيع التحدث به.
أشكرك من كل قلبي وياليت تكثر لنا من مواضيع النجاح في الحياة, أو على الأقل تدخلها في كل مقال تكتبه بشكل أو بآخر,
تحياتي :)
سطام
05/26/2013 في 12:06 م[3] رابط التعليق
البعض يقول كتاباتك فيها صعوبه
او موجهه للناس المبدعين
فلا تتعب نفسك هنا
طبعا مع احترامي لهم مخطئين
والدليل انت يابو مزعل
رسالتك فرحتني لكن حملتني
حمل ثقيل ان شء الله اكون قده
اشكر اطرائك ومرورك الكريم وجزاك الله خير
ابو سامر الخالدي
08/21/2017 في 10:31 ص[3] رابط التعليق
اتمنى لك التوفيق ابا تركي فانت انموذج رائع جدا للمثابرة والجد والاجتهاد ..