يعتقدون أنهم على صواب وغيرهم مخطئون، ويعتقدون أنهم أوصياء على الجميع، يختزلون المعرفة بهم ولا يؤمنون بالرأي الآخر، يظنون أن من يُخالفهم جاهل لا يعرف الحق وأن الله خصهم بالعلم والمعرفة دون سواهم ...
كل طرف يملك قناعة تامة بأنة على السراط المستقيم ويُشفق على الآخرين خوفا عليهم من أفكارهم وخوفا عليهم من العذاب الشديد، يظن اليهود أنهم أحباب الله وشعبه المختار ويجزم النصارى بأن الله انتقاهم واصطفاهم على سائر العالمين، أما المسلمون فكما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم، فهم مقسّمون لبضع وسبعون شعبة، جميعهم يجزم أنه في الجنة ومن يخالفه في النار ..
لا شك أن الإسلام دين الله ولا شك أيضاً بأنه الدين الحق ومن يتبعه حق إتباعه ويعمل بعمل رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم ويعمل بتعاليمه ورسائله السامية على أكمل وجه، فإن له الخلاص والنجاة في الدنيا والآخرة ولكن المشكلة تكمن بفهمنا لهذا الدين الذي أصبح جواد يمتطية الجميع ويحاول أن يعسفة كيفما شاء و يجعله لصالحه ويحاول أن يلوي عنقة بالاتجاه الذي يريده هو، لا ما شرّعه الله لنا ...
المتأمل في الواقع الإسلامي يجد متناقضات كثيرة، متناقضات قد سبقنا عليها النصارى، ك التدين ثم التطرف ثم الانسلاخ من الدين شيئا فشيئا إلى أن إنسلخوا من دينهم تماماً. المسلمون الآن يعيشون ذلك الواقع بحذافيره فلقد مررنا بما مروا به وكأننا نمشي على خُطاهم إلى أن وصلنا الآن لمرحلة الصراع الديني ومحاولة الانسلاخ منه.
في السابق كان المجتمع محافظ على دينه وقيمة، رغم وجود أقليات لا تبالي وتضرب بتلك القيم عرض الحائط، أما الآن فالجميع يطفوا على السطح ابتداء من بعض رجال الدين الذين شوهوا صورة الدين وفتحوا أبواباً عدة لأصحاب الفكر العلماني والليبرالي واللاديني لمهاجمة الإسلام وبشراسة رغم أنهم يتخذون الإسلام درعا واقياً لهم ويتحدثون بإسمه وهم بعيدون جداً عنه ..
قبل عدة أيام روّج أحد الُمنسلخين من دينه لصورة امرأه أمريكية تم ممارسة العنصرية بحقها كونها مسلمة وكيف أن القانون الأمريكي أنصفها رغم أنها تُعتبر من الأقليات وعنون ما يريمي إليه ب العلمانية هي الحل !!!
في الحقيقة مثل هذه الأحداث غير مُستغربة ولكن ما يجعل الأمر أشد خطورة وأكثر استغراباً هو إتباع كثيرٌ من الشباب والشابات لمثل هذا الفكر المُطالب بالانسلاخ من الدين باسم الدين ..!!!
المتأمل في واقعنا والعائد لتاريخنا والمستشف لمستقبلنا كشعوب عربية مسلمة يرى أننا نسير على خطى أوروبية، فالبداية كانت دينية معتدله ومن ثم متطرفة ثم أصبحت علمانية وفي القرون الأخيرة أصبحت مجتمعات لا دينية وشهوانية وتبحث عن كل ما هو غير أخلاقي. في حاضرنا الصراعات قائمة وأعداد المُنسلخين من الدين في إزدياد كبير، والفكر الرأسمالي الذي يُحارب مبدأ حب لأخيك ما تُحب لنفسك أصبح مُتفشٍ في بلادنا والأدهى من ذلك أن الجميع يعتقد أنه على صواب ويدعي فهم وتفسير الدين بالشكل الصحيح وأن من يخالفه لا يفهم ولا يفقه شيئاً ولدية مشكله كبيرة في فهم الأشياء من حولة، وأنا هنا أتحدث عن الجميع، العلمانيون والاسلاميون والمتحدثون بإسم الإسلام رغم أنهم بعيدين جداً عنه ..
ختاماً لا يسعني إلا أن أقول بأن المستقبل غير مُطمئن وحسب رؤيتي الشخصية أرى أننا نتجه نحو مستنقعات مظلمة كفيلة بأن تهدم جميع القيم الإسلامية وتضرب بها عرض الحائط .
متعب بن عوض العنزي
التعليقات 9
9 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
غريب
06/17/2013 في 7:59 ص[3] رابط التعليق
“ابتداء من بعض رجال الدين الذين شوهوا صورة الدين وفتحوا أبواباً عدة لأصحاب الفكر العلماني والليبرالي واللاديني لمهاجمة الإسلام وبشراسة” صدقت وربي الكعبة،
لله لو يفكنا من بعض المحسوبين على الدين حنا بخير.
صالح خلف
06/17/2013 في 8:16 ص[3] رابط التعليق
صباح الخير ابوعبدالله كلام جميل بس الطاسه ضايعه الله يصلح حال المسلمين انشالله
غير معروف
06/17/2013 في 4:08 م[3] رابط التعليق
القول استريح انت وياه
Unknown
06/17/2013 في 10:13 م[3] رابط التعليق
أفكار متزنة تسطرت في مقالة رائعة .. يعطيك العافية يا متعب
هاني عبدالعزيز
06/18/2013 في 7:12 ص[3] رابط التعليق
فعلا..العلمانيه ليست الحل … لانه هنالك العديد من الشعوب والدول الغير اوروبيه طبقتها لعشرات السنين ومازالت تعيش احوال اقتصاديه وسياسيه ضعيفه وغير مستقره ! … كدول قارة افريقيا وامريكا الجنوبيه … والمراقب لاحوال العلمانيه الاوروبيه ومحاربتهم للمظاهر الدينيه الاسلاميه كالحجاب مثلا ,يدرك حقيقة ان العلمانيه والحريه والديموقراطيه انشأت لوقف الصراع الديني النصراني بينهم , ومازال الدين يؤثر على قراراتهم السياسيه!,لذا لم يتم الفصل بين الدين والسياسه فصلا كاملا … الفصل الكامل والواضح بين الدين والسياسه تم في الدول الاشتراكيه وقد ثبت فشلها بسقوط السوفييت ودول شرق اوروبا.
مدلول
06/18/2013 في 10:41 م[3] رابط التعليق
سؤال : لماذا اذا ذكر أحد أن “العلمانية أو الليبرالية هي الحل” جعلتوا مقولته أنه يريد هدم الدين لماذا لا تقولون أنه يريد تقويم السياسة ؟؟
العلمانية و الليبرالية مذاهب سياسية وليست مذاهب دينية!!
وجهة نظر :)
ابو عمر الحربي
06/21/2013 في 5:34 ص[3] رابط التعليق
اخي متعب جزاك الله خيرا, مقال رائع وسلمت يداك. نعم الحل هو بالرجوع لاصول ديننا ومنهج نبينا عليه الصلاة والسلم. والأمر المهم هو العدل. والعدل في كل الأمور من قبل الأنظمه الحاكمه لقد قتلت الواسطه على مواهب ابنائنا المبدعين وقضت الواسطه على حقوق البشر وللاسف حتى بعض القضاه يؤمن بمبدا الواسطه وحب الدنيا بين بعض من ينتسب للشرع والعلم الشرعي اصبح واضح جدا لقد رأينا للأسف كتاب عدل وقضاة يساقون للمحكمه بتهم تزوير صكوك شرعيه . نسأل الله ان يعيد بناء وقوة الدين الأسلامي
وشكرا
معجب
06/22/2013 في 11:37 م[3] رابط التعليق
انار الله بصيرتك فقد اصبت قلب الحقيقه ونطقت بما يحمله الكثير اتجاه مايحصل فى وقتنا الان ياخي الغالي متعب انا واحد من ميه يرى انو كلامك هو الصواب فنحن الان نمر باوقات صعيبه تحت مضلة كن معي واعتنق فكري او ضدي وانت عدوي للاسف كثير من المتدينين يفقد الية التركيز في فهم الدين الصحيح حتى البعض منهم ياؤل ويخرج من يحاوره الى ارض الكفر بعدما كان بارض الايمان والمضحك فى الامر انو شخص كنت احاوره بادله من القران والاحاديث صريحه وواضحه قال لي انت قبل تكلمني اعفى اللحيه وتعال حاورني انظر الى اين وصلنا صار الاهتمام بالمظهر اكثر بكثر من الاهتمام بالجوهر ويؤسفني انو كثير منهم بافعاله وفهم الدين بصوره خاطئه قد نفر من حوله اهله واقربائه واصدقائه وصار ينظر الى نفسه هو الوحيد الصادق بالكاد يجزم ويرمز نفسه انو يحمل الرساله النبويه بمنظوري الخاص ورائي انو الدعوه النجديه التي اتى بها محمد ابن عبدالوهاب كانت تناسب عصره فى عصرنا الان متفتح العقيده اجمعت المذاهب الاربع على الاصطفاف حولها لكن مشكلتنا ياخ متعب صارت فى المسائل الفقهيه وفى الخفجي بالذات كثير من ينسب اليه اسم الشيخ المعلم وهو تجده داعيه ان بحثت معه فى ادق التفاصيل كانت اجابته لك غير مقنعه تماما ويطلب منك تسليم العقل دون النقاش اكثر وشعارهم انصت وتعلم واصمت ولاتطلب المزيد فتصبح زنديق وتراه تشتعل عيناه جمرا يامرك بعدم قرائة كتب الخصوم بينما نشاهد ابن القيم اسكن الله روحه الطاهره الفردوس الاعلى فى كتبه يذكر ماقاله خصومه اما الان يخفي قول الخصم ويظهر قوله ويجبرك بالاتباع المسيس وان خالفته قال عقلك ضاع هذا غيض من فيض لكن يسعدني اني ارى امثالك ياخ متعب فى الدنياء عايشين واقول الحمد الله مازال الخير موجود
سارا الجهني
07/15/2013 في 1:37 ص[3] رابط التعليق
لله حرفك كتبت فـ ابدعت هذا حال الأمه واهن كبيت العنكبوت. وتنويه بسيط للأستاذ الفاضل مدلول ان الليبراليه والعلمانيه كماتفضلت مذاهب سياسيه لا اخالفك الرأي ولكنها تدعو إلى فصل الدين عن الدوله وعن الحياه وتستند على احكام وضعها البشر وتهمش ما امر به رب العالمين .. لكم خالص الاحترام