يقول المثل: «كلنا في الهوى شرق» وأقول: «كلنا تحت المطر خليجيون» فهذه الكويت التي تستقبل ضيوفها من قادة الدول الأفروعربية تغرق كما غرقت الرياض.
كتب الأستاذ خليل الفزيع -مغردا- في حسابه على تويتر: «ليست الدراسة وحدها تتعطل حين نزول الأمطار، بل حتى عقول الناس تتعطل عن التفكير، من شدة الحيرة في مآل المليارات المعتمدة لمشاريع تصريف الأمطار»!
وكتب آخر: «أقترح على نزاهة افتتاح قسم خاص باسم: قسم المطر، وأظن أنه سيكون أكبر الأقسام، وأكثرها نشاطا»!
ما يزال كثير من الناس يفرحون بالمطر – رغم ما يجلبه معه من صعوبات أو مشكلات – ولكن آخرين لا يفرحون به؛ لأنهم يواجهون بسببه مشاق أكثر من أولئك الفرحين، فالأمطار شارفت بأناس على الهلاك – لكن الله أنجاهم بعد أن تراءت لهم سيرة حياتهم في لحظات – ونقلت آخرين من الحياة الدنيا بشهادة خروج نهائي!
صادف وجودي في سنوات مضت – ولأكثر من مرة أثناء الشتاء – في مدينتين إحداهما كانت «إسطنبول» تلك المدينة التركية التي كانت عاصمة للمسلمين لأكثر من أربعة قرون، والأخرى هي العاصمة الأردنية «عمّان» التي يتندر الأردنيون من أمينها عقل بلتاجي، وليس سرا أن للمدينتين جغرافية جبلية واضحة جدا، ولكن الحركة فيهما لم تتوقف – مع أن كميات الأمطار التي كانت تنزل ليلا ونهارا غزيرة – ولم تتحول الأنفاق والشوارع إلى سدود ضخمة مهلكة، ولا أخال أن ما صرف من أموال على مشاريعهما مجتمعتين لعقود كثيرة يعادل ما تم صرفه على مشاريع مدينة الرياض في عشر سنوات!
لقد فاجأت إدارة التربية والتعليم بالمنطقة الشرقية الطلاب والطالبات وأولياء أمورهم صباح الأحد بإعادتهم إلى بيوتهم في يوم كان مشرقا وهادئا، وأربكت مدارس البنات تحديدا، وسببت هلعا في بعضها، وعادت ليلة الإثنين وعلقت الدراسة ليوم ثان في وقت متأخر من الليل – وهو إجراء مقبول ومقدر لو اقتنع به الطلاب والطالبات وذووهم – لأن شمسه كانت مشرقة في كبد السماء كأخيه الذي سبقه، وسيمضي هذا الأسبوع دون دراسة بكل تأكيد؛ لأن أبناءنا وبناتنا يفرحون بكل إجازة طارئة أو عطلة مقررة، ويزيدون على أيامها في البدء والانتهاء، حيث تأصل في سلوكهم عدم وجود فرق بين من يحضر إلى مدرسته ومن يتغيب عنها، بل قد يعاتب الحاضر أحيانا ويلام، وربما يتهم بالغباء أو الجبن!
ظهرت قبل أيام صور ومقاطع فيديو عن تسرب المياه في صالة مطار حائل مع تعليقات صوتية ومكتوبة، وتكررت الصورة ذاتها – ولكن بشكل أكبر – في الصور التي تم تناقلها عن مطار الملك خالد بالرياض في بداية الأسبوع، ولا أحسب أن مثل هذه المناظر – إن صحت – تحدث في مطارات دول أخرى لا تتوقف عنها الأمطار بل إن أمطارها تفوق في شدتها وكمياتها ما يأتينا من أمطار نادرة، ولكنها محرجة جدا، وتكشف سوء تنفيذ مشاريعنا الكبرى، وتضع كثيرا من علامات الاستفهام والتعجب، وتزيد من التساؤلات المؤكد بعدها عن حسن الظن!
تتكرر مشكلة الأمطار – كل عام – دون حلول جذرية من أمانة الرياض – حيث هي الأبرز – وهو أمر يؤكد بأن الجهود والدراسات والاجتماعات المتواصلة لم تفلح في وضع حلول عملية ذات قيمة أو أن كثيرا منها لم يتعد الهذر الإعلامي الذي يسوغ للهدر المالي!
لقد قال خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله – منذ سنوات: «المال موجود ولا عذر لأحد» – وهو ولله الحمد حقيقة ماثلة -ويؤكد ذلك أن مبالغ ضخمة جدا تصرف – في كل عام – من ميزانية الدولة على مشاريع البنى التحتية، وغيرها من المشاريع التنموية، كالطرق، والجسور، والأنفاق، والمدارس، والمستشفيات، والمطارات، ولكن سرعان ما يتكشف عوار كثير من تلك المشاريع الكبيرة، ويتضح سوء تنفيذها؛ حيث لا تصمد في مواجهة الظروف الطبيعية لمثيلاتها من المشاريع في الدول الأخرى، ولم تعد تلك الأسباب خافية على العامة فكيف بالمختصين الذين يستطيعون تقدير جودتها، ومعرفة صحة تنفيذها، وتقدير مواصفاتها؟
ما تزال كل وزارة من وزارات الدولة هي التي تخطط لمشاريعها، وتتعاقد مع الشركات والمؤسسات؛ لتنفيذها، وتتابعها، وتشرف على خطوات التنفيذ، وتواجه مشكلات تعثرها منفردة – في الغالب – وفي هذا التفرد تشتيت للجهود، وضعف في أساليب التخطيط، وضعف للرقابة، وفتح لباب الفساد بأشكاله المتنوعة!
وقفة: إن المرحلة الحالية تحتاج إنشاء وزارة أشغال عامة تختص بتنفيذ مشاريع الدولة جميعها.
عبدالله مهدي الشمري
التعليقات 6
6 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
عارف ابوسلطــــان
11/21/2013 في 1:28 م[3] رابط التعليق
لله درك وكفى
عاشق الخفجي
11/21/2013 في 9:20 م[3] رابط التعليق
ما فيه وجه مقارنة بيننا وبين الكويت احنا كل سنة رشة مطر تغرق مدن بحجم الكويت اللي طرقهم مشت عليها مدرعات ودبابات وما زالت صامدة لا تقحم الخليج بكوارثنا المقاولية والمحسوبية والغش المتأصل منذ سنين احترم كتاباتك
الصدق
11/22/2013 في 8:52 ص[3] رابط التعليق
أخواني الذين يكتبون والله اني كل مااقرﺀ بعض التعليقات اضحك كثيرآ البعض يقول لكاتب المقال لله درك والاخر يقول سلمت أناملك والاخر يقول لافض فو ك وصار اغلب اهل الخفجي ادباﺀ وكتاب وذو حنكه وتخطيط وينتقد سياسه الدوله نطلب الله ان يشفي جميع مرضي المسلمين وان لايجعل بنا سفه مثل غيرنا
بدر العتيبي
11/22/2013 في 12:39 م[3] رابط التعليق
الله يعطيك العافيه يا ابو مهدي على المقال الطيب
مشكلتنا بختصار عقود مقاولين الباطن وعدم مؤهلين لانجاز مشاريع الكبيره على سبيل المثال وقريب منك يا ابو مهدي مناقصات عمليات الخفجي مشروع الغاز و مشروع البنية التحتيه للشركة
طلع فيها عيوب كثيره كلفت الشركة ملاييين
عقود سعودي اوجية سلمتها لثلاث شركات والثلاث شركات سلمتها لمؤسسات تجميع صغيره فكيف تبي يطلع المشروع . ومن غير تهاون مهندسي الشركة .
عقيل عايد الشمري
11/23/2013 في 3:42 م[3] رابط التعليق
لاحول ولاقوة الا باالله
مشاكلنا جلها في عدم الاخلاص والعمل بضمير
من اوكل له العمل ليس اهلا للثقه
وكاننا في بلد غاب ان استطعت على استحصال اي مبلغ باي طريقه
فلا تتردد والعياذ باالله
وين القسم من الوزراء وين الامانه لابناء الوطن ومدخراتهم
شكرا ابا اسامه مقال هادف وفي الصميم
Khalid
11/23/2013 في 7:11 م[3] رابط التعليق
استاذ عبدالله
هل تريد قائمه بسيطه من زمرت المفسدين بالدوائر الحكوميه بالخفجي فقط
مستعد اعطيك القائمه لو تبي ولكن سياسة الاعلام عندنا توديك بستين داهيه
اما عن باقي مدن ومحافظات المملكه فحدث ولاحرج
وبالنهايه هذي الشي يعجب رب البيت يا استاذنا الموقر
شكرا