ليلة باردة وسكون ينتابني ففوق جلدي صنفين من أجود أنواع اللحاف وأمامي مدفئه تقطر من الشرر ولا أكاد أسمع أي صوت غير مرور السيارات من الشارع القريب، تصورت نفسي وأنا أجد كل هذه الوسائل لدفع البرد القارس وتذكرت بل وتخيلت ذاك الطفل صاحب العشر سنين كان يمني نفسه لعبه أو جوالاً كان يمني نفسه بصحبة ورفاقا كان يحلم بوطن يسكنه الحنانا .
وفي غمضة عين وانتباهتها واذا بالوحوش تدخل عليهم الدار فتقتل كل من في البيت عدا هذا المسكين وأباه الذي قد اشتعل رأسه شيبا وأحدودب ظهره تعبا غادرت الوحوش داره والأب على يقين أنها ستعود.
لماذا تعود ؟
وهي من مزق البيت فلا أم تعطف ولا أخ يؤنس بيت أشبه بمقبره ، بيت هُدِمت أركانه لم يبقى فيه إلا الذكريات المفجعه واللحظات المبكيه.
ماذا أفعل ؟ إن بقيت فإما أن تعود تلك الوحوش لتأخذ آخر آمالي بالحياة وليتها تأخذني وتضمن لي أن طفلي سيعيش في رغد.
أم أذهب وأترك المكان ! وإلى أين سأذهب ؟
أخيرا قرر الأب أن لا يكون لقمة سائقة لتلك الذئاب فخرج يمشي في جوٍ كئيب بارد فلما يئس من الحياه نادى برابط الدِين فصاح في كل وادي ولم يسمع إلا صدى صوته يجيبه تذكر أن كلمة واامعتصماه قد نصرت أم فصاح وصاح وااإسلاماه انتظر قليلا ليسمع هل من مجيب فما وجد غير خيبة أمل
استرجع ما يقوم به الغرب لنصرة الحيوان فقال نحن أحق من الحيوان ، فصاح بالإنسانية فأجابه الوحش : بأني هنا.
حاول الدفاع عن نفسه وعن صغيره حاول دفع ذلك الوحش حتى تمكن من طرده بعد أن أصيب إصابة بليغة فلم يجد من يداويه فالعالم مشغول عنه وأيقن أن نهايته قد دنت.
طأطأ رأسه وقال لصغيره أي بني إن هذه قضيتك فلا تتنازل عنها سِر فيها قُدُما ولا تتوقف فالنصر قادم.
مات الأب وبقي صغيره
نعم بقي الصغير لا أب لا أم لا مأوى يواجه مصيره لحاله ، يركض تارة للأمام ويعود يمشي حتى لايكاد يرى شيء ويعود مسرعاً إلى تلك الجثة الهامدة التي لطالما وجد عنده الأمان فيصيح به لمن تتركني ؟ الوحش سيعود وسأقتله يابي لا تمت .
غابت الشمس وبدأ الظلام يعم المكان والطفل في مكانه أظلمت الدنيا وأشتد البرد ولا غطاء ولا فراش ولا مأوى له
أضطجع على صخرة يريد أن يريح ذاك الجسد المنهك يريد أن يغفو ويصحو من ذاك الكابوس المرعب نام فردد الدكتور عبدالرحمن العشماوي أبياته :
نَمْ يابنيّ على الحجرْ. فحسام أمّتك انكسرْ
وذراع أمتك التوى. ومُحيطُ همّتها انحسرْ
وسلاحُ أمّتكَ الذي. جمَعتْه من قُوتِ البشرْ
لَعِبَ الطّغاةُ به فلم. يُبْقِ الشعوبَ ولم يذَرْ
نَمْ يابُنيّ على الحجرْ. فضميرُ قومك في خدَرْ
جعلوا الأمانةَ مَغْنماً. فهَوَوا لأسوأ مُنْحَدرْ
دعهم على أوهامهم. فلقد أذلّهم البطرْ
عَمِيَتْ بصائرُهم فلا. قلبّ يُحسّ ولا نظرْ
نَمْ يابنيّ على الحجرْ. فلسوف تُلتَقَطُ الصُّوَرْ
ستكون في جلَساتهم. خبراً وما أقسى الخبرْ
أبُنيّ لا تيأسْ فهُمْ. لا أنتَ ، يلْقَونَ الخطرْ
نَمْ في رعايةِ خالقٍ. يُجري تصاريفَ القدرْ
نعم إنه ابن سوريا المكلومة ابن سوريا الجريحة تخلينا عنه تخلينا عن رابط الدين وعن رابط الإنسانية
فيامن يشتكي البرد تذكرهم حينما تجد الدفء
لا تنسونهم يامسلمين هبو لنجدتهم ولو باليسير
- اللهم كن لهم مؤيدا ونصيرا ، اللهم عليك بعدوهم يارب العالمين ، اللهم لا تجعلنا ممن خذل الإسلام والمسلمين.
عبدالرحمن الحميري
التعليقات 8
8 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
رائد العيافي
12/24/2013 في 7:59 ص[3] رابط التعليق
ذهب عصر من كانوا قبلنا ..
فوالله لو أنهم إلى الأن هنا لما وجدنا ..
مسلماً قط يشتكي الظلم والأهانه ..
كزماننا هذا ..
ومعتصماه .. ومسلماااه .. أين أنتم ..
لا تقلق ياخي .. ولا تتعب نفسك أكثر ..
فهم يسمعون مناداتك .. ولكن من خلف قلوبهم ..
اللهم أنصرهم على القوم الظالمين ..
أجزت في حديثك أخي الحبيب / أبو لمار ..
عبدالحكيم البجالي
12/24/2013 في 11:20 ص[3] رابط التعليق
ابداع يا ابا لمار
عمر عوض
12/24/2013 في 1:23 م[3] رابط التعليق
اللهم انصر اخوانا في سوريا علي الطاغيه بشار عاجل غير اجل ابدااع ي استاذ عبدالرحمن كالعاده دائماً
ابو ميلاف
12/24/2013 في 2:34 م[3] رابط التعليق
الله ينصرهم يارب
عبدالله الصعب (أبو يوسف)
12/25/2013 في 7:26 ص[3] رابط التعليق
نسأل الله أن ينفع بك ياأبا لمار وأن يلطف بإخواننا إنه على ذلك قدير .
مقال رائع بروعة كاتبه.
لغوي
12/25/2013 في 1:28 م[3] رابط التعليق
الموضوع جيداً وأمر مسلّم به ولا نملك إلا الدعاء لأخوتنا في سوريا وغيرها
والله ألطف بهم منا وأرحم منا بهم ونسأل الله أن يرفع عنهم البلاء والكرب
الذي شد أنتباهي هو البدايه بالموضوع والتي جاءت
[ ففوق جلدي صنفين من أجود أنواع اللحاف وأمامي مدفئه تقطر من الشرر ولا أكاد أسمع أي صوت غير مرور السيارات من الشارع القريب، ]
ومن الحرص على الفائده والأستفاده دوّنت ملاحظاتي :
على جلدي & على جسدي
أمامي مدفئه تقطر من الشرر & الشرر يتطاير ولا يقطر إلا الماء والزيت
صوت غير مرور السيارات & غالباً منتصف الليل لا يكون مرور إلا بالصدفه
تمنياتي للكاتب بالتوفيق
فواز الثعلبي
12/26/2013 في 9:37 ص[3] رابط التعليق
دائماً مبدع ف مواضيعك يابو لمار
بصراحه موضوع جميل
وكلمات رائعه سلمت اناملك
متابع رياضي
12/31/2013 في 2:54 م[3] رابط التعليق
مقال جميل جداً ودائما ما تلامس مواضيعك احساس ومشاعر القارئ والمتابع وياليت العرب يقفون صامدين لنصرة سوريا وشعبها الحر المسلم ،،
سلمت اناملك والى الإمام يا مبدع